صلاح هنية - النجاح الإخباري - لا يخلو أي مجلس من الحديث المستمر حول آليات الرقابة على الأسواق بهدف الحفاظ على سلامة الأغذية، رغم الطمأنينة العالية ان حالة تسمم لم تقع بصورة تشكل ظاهرة مقلقة، إلا أن الناس باتوا قلقين أكثر وأكثر جراء اكتشاف الأمراض المختلفة   بصورة باتت ترتبط مباشرة بسلامة الأغذية وكونها لا تكتشف إلا بعد أمد طويل.
الناس في بلدي باتوا مثل بقية العالم يتجهون نحو الغذاء الجاهز، ومن هنا تصاعد الاهتمام بسلامة الأغذية لدى جمعية حماية المستهلك ووزارة الصحة وباتت المؤسسات الدولية تتحدث عن تحليل المخاطر معتمدة على معلومات عن أنسب الطرق وأفعلها للرقابة على مصادر الخطر الغذائي، والتأكد من سلامة الممارسات في داخل المنشآت الغذائية والاهم التأكد من الغذاء الجاهز المورد من السوق الإسرائيلية ومن السوق العالمية.
وفي ليلة واحدة تعلن وزارة الصحة الإسرائيلية عن سحب منتجات الطحينية من أسواقها لأنها مصابة بالسالمونيلا في الوقت الذي ظل متاحا للطحينية والحلاوة الإسرائيلية واحيانا بأسماء عربية المضاربة على الصناعة الفلسطينية لتلك الأصناف في السوق الفلسطينية، وعندما تعلن "الصحة "الإسرائيلية نستنفر لنقول للمستهلك: احذر، إياك ان تبتاعها وسنقوم بمصادرتها.
وكم هي المرات التي أعلنت فيها الصحة الإسرائيلية عن منتجات مضرة بالصحة وبتنا نتشدد في الإجراءات بعد هذه الإعلانات، ترى لماذا لا نمنع منعا باتا منتجات مثل الحلاوة والطحينية والحمص التي تعتبر منتجات فلسطينية تقليدية دون ان ننتظر إعلانا إسرائيليا عن عدم صلاحيتها.
كنت في احد المؤتمرات وعقبت بالقول، بات متاحا توريد السمنة والحلاوة والطحينية الى السوق الفلسطينية من السوق الإسرائيلية وغيره للمضاربة على منتجاتنا دون وجه حق رغم أن دول اقتصاد السوق والدول الملتحقة بمنظمة التجارة العالمية تقوم بإجراءات حماية مؤقتة لمنتجات دولهم ولا يؤثر هذا على التزاماتها الدولية بينما نحن لا نولي أهمية لحماية منتجاتنا.
وخرج علي موظف في إحدى الوزارات الحكومية، "مين اللي أعطاك معلومة ان منتجاتنا الفلسطينية أفضل من المستورد والإسرائيلي. نضبط منتجات كثيرة يكون معظمها فلسطينيا ولا نعلن عن ذلك حتى لا نهز ثقة المستهلك"!!!!
وأنا أرى ان تلك المعلومة ليست تعبيرا عن معلومات موثقة بقدر ما هي وجهة نظر شخصية، والتشدد في الرقابة على المنتجات الفلسطينية ومنعهم من استخدام مضافات وملونات كما هو متاح في المنتجات الإسرائيلية قضية آمان للمستهلك.
لغاية اليوم، لم نتمكن من ضبط تدعيم الدقيق بالفيتامينات والعناصر المنصوص عليها في المواصفات الفلسطينية، ولا ترشيد استخدام ملح الطعام في الخبز وفي الطعام الجاهز.
المهم ان النقاش المجتمعي يشتعل وتسلط الأضواء على الجهات الرقابية الحكومية وعلى دور مختبر وزارة الصحة المركزي وعلى نظام سحب العينات من السوق أو من خطوط الإنتاج بحيث تكون العينة معبرة عن المنتج المستهدف بالفحص وليس لغيره، عن الجهة المسؤولة عن سحب العينات من سوق الخضار والفواكه لفحص مترسبات المبيدات الزراعية وسلامتها.
ويشتعل النقاش عندما تعلن جهة رقابية إسرائيلية عن ضبط وسحب منتجات مضرة بالصحة أو غير مطابقة، وننسى الموضوع شعبيا ومؤسساتيا، وتعود الأمور الى سابق عهدها، نحن أمانة في رقبة الحكومة تفحص وتراقب وتطور مختبراتها وتطور مواصفاتها ومختبرات المعايرة وتحدث الصناعة، والى لقاء في كشف إسرائيلي آخر!!!!!
المائة يوم الأولى في عمر الحكومة الحالية ستحمل في طياتها أهم تحد وهو "سلامة الأغذية" والنجاح في هذا التحدي سيمنح الحكومة علامة عالية وللوزير المختص العلامات الأعلى والاهم، بحيث تراجع الحكومة مبادرة سلامة الغذاء الفلسطينية والتي باتت مبادرة عربية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وهذا يتطلب ان تكون لفلسطين مبادرتها في سلامة الأغذية، وهذا يرتبط باستحقاقات تطوير المنظومة كاملة التي ستوفرها المبادرة سواء تطوير مختبرات وزارة الصحة وإضافة مختبرات أخرى، وتطوير نظام سحب العينات، والشروط الصحية، وترشيد استخدام المبيدات الزراعية.
وبات ملحا إنشاء مسالخ في جميع المحافظات بحيث نحد من عمليات الذبح الأسود وهذه مسؤولية وزارة الحكم المحلي وبعدها تصبح مسؤولية وزارة الزراعة ووزارة الصحة لضمان جودة وسلامة الذبائح وختمها لتميزها حسب طلب المستهلك، ومعظم المحافظات لا يوجد فيها مسالخ، ما يعزز الذبح الأسود دون فحص بيطري وصحي وبالتالي يتغنى الناس أن أسعار اللحوم في بعض المحافظات اقل من الأخرى!!!!
وفي تجربتنا في جمعية حماية المستهلك خلال مبادرة "منا والنا" لدعم المنتجات الفلسطينية والتوعية بحقوق المستهلك وجدنا ان الطلاب والطالبات في المدارس يتمتعون بوعي غير مسبوق بخصوص سلامة الأغذية والانتباه أثناء الشراء وآليات الحفظ حسب التعليمات، والانحياز للمنتجات الفلسطينية.
على الأقل في هذه الحكومة يوجد من يستمع للمنادين بسلامة الأغذية ويناقش الأمر ويفتح الباب والنافذة لكي يستمر النقاش والعمل المشترك، ويؤكد على الشراكة، ويبقى المعيار ماذا فعلنا في المائة يوم الأولى وما هي انعكاساتها على الأرض خصوصا في سلامة الأغذية وتغليظ العقوبات ومنع تهريب السلع الفاسدة وعدم مضاربة المنتجات الفلسطينية بمنتجات غير مطابقة للمواصفات والتعليمات الفنية الإلزامية.
وبات ملحا أن يعمل الجميع ضمن معايير واضحة تحقق تكاملية الجهد بين الوزارات والهيئات غير الوزارية وجمعية حماية المستهلك الفلسطيني.

[email protected]