د هاني العقاد - النجاح الإخباري - شهدنا الاسبوع الماضي ولادة  تجمع يساري ديموقراطي فلسطيني لخمس فصائل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية هي الجبهة الشعبية والديموقراطية والمبادرة الوطنية وحزب الشعب والاتحاد الديموقراطي فدا, وهي اصغر الفصائل الوطنية واقلها وزنا بالمنظمة لتكون جبهة عمل وطني يساري يريد النهوض من الوحدانية والفصائلية ويشكل قوة لها كلمة في معترك السياسة الوطنية وتأثير فاعل في المشهد السياسي الفلسطيني . 

يأتي هذا التجمع والقضية الفلسطينية تمر في احلك الاوقات واكثرها ظلمة على المستوى الداخلي وعلى مستوى الصراع مع دولة احتلال , فالانقسام الفلسطيني عبث بكل مقومات الدولة وبعثر الجهد الوطني واذاب المصلحة العليا للوطن في مصلحة الفصيل وقياداته التي لا تعترف بالآخر ولا ترغب بالمشاركة السياسية على اساس تحقيق المشروع الوطني واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف بل وتقود نفسها  مشروع مجهول لا اساس له في الثوابت بل وقد يهدد الثوابت الوطنية ويأتي في وقت تشتد فيه الهجمة الاسرائيلية على الكل الفلسطيني وخاصة في القدس والضفة الغربية بتسريع وتيرة الاستيطان وتقطيع الضفة وضم ناعم لكافة الكتل الاستيطانية الكبيرة وفرض السيادة الاسرائيلية , ويأتي في ظل عجز فلسطيني  رسمي لمواجه هذه السياسة التي باتت في مرحلتها الاخير نحو استهداف مشروع حل الدولتين لصالح مشروع احتلالي كبير باستطاعته ان يدمر اي محاولة وطنية للتحرر واقامة الدولة المتواصلة جغرافيا وذات السيادة والحدود المعترف بها ويأتي هذا التجمع في ظل شبه انهيار في جبهة الدفاع العربي عن قضايانا الفلسطينية والذهاب نحو التطبيع مع دولة الاحتلال ورسم علاقات محرمة دون ان ينتهي الصراع ودون ان تقادم الدولة الفلسطينية فقط لتحقيق الرضا الامريكي عن تلك الدول ولتذهب المبادرة العربية الى سلال نفايات الحكام الذين ارتموا في الحضن الامريكي الاسرائيلي .

جاء هذا التجمع متأخرا لكنه جاء اخيراً واتمنى ان يكون الهدف من وراءه لهدف اسمى من الهدف الخاص  لكل فصيل اي لتحقيق هدف وطني سامي لدعم لتلك الاصوات التي تنادي بضرورة وقف المذبحة الوطنية  وقف الانهيار والانزلاق نحو اجندات تبنى على اساس بقاء الانقسام واستمراره وبعث حياة فيه باي شكل كان واحباط كل محاولة لتجاوز مربع المصالح الحزبية الخاصة باتجاه حماية المشروع الوطني والثوابت من العبث الفلسطيني المدعوم اقليما في المحصلة الاولى وان يكون هذا المحور اول الخطوات باتجاه فرض حالة فلسطينية مشتركة  لإقصاء اي تدخل اقليمي او دولي في الصراع لصالح المحتل الاسرائيلي وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية بالطريقة التي تريدها واشنطن وحلفائها في المنطقة . 

ليس عيبا ان يعمل هذا التجمع على تقوية نفسه ليشكل جبهة معارضة وفيه للمشروع الوطني وليس جبهة معارضة هدفها تقويض منظمة التحرير ودعم البدائل او القوى الموازية , ولا مانع ان يكون احد اهداف هذا التجمع  تجهز قائمة موحدة استعدادا  لخوض الانتخابات العامة لان هذا من شانه ان يحقق تنوع  وتنافس وطني  فيما بين الكتل الانتخابية يعود بالنفع لصالح المواطن الفلسطيني ويصوب عمل البرلمان بعيدا عن اجندات حزبية خاصة توظف وجودها في المجلس لصالح الحزب ونفوذه  في كافة مؤسسات الدولة , وليس عيبا ان يعمل التجمع ضمن سياسة تعبويه وطنية خالصة بهدف استقطاب الطاقات الوطنية والشبابية لصالح الهدف الكبير لهذا التجمع وهو تحقيق وزن نسبي في منظمة التحرير يساهم في تطوير مؤسساتها ويخلق استراتيجية عمل وطني يواجه تحديات المرحلة واهمها اسقاط شفقة القرن وهذا من شانه ان يعطي زخم وطني ودولي للمنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني . 

وقد يدفع هذا التجمع اليساري الى تجمعات اخرى تكون وسط تستقطب فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الأخرى وبالتالي نشهد كتل وتجمعات وطنية خالصة في المنظمة والبرلمان  وبالتالي تسقط حكومة الحزب الواحد والفصيل الاوحد  .

اتمني ان يكون هدف التجمع الديموقراطي الفلسطيني من احزاب وحركات اليسار نموذجا وطنيا يحتذى به وبالتالي يعمل لأهداف استراتيجية بعيده المدى وليس مجرد اهداف انتخابية لزيادة عدد مقاعد اليسار في كل من هيئات منظمة التحرير والبرلمان الوطني وبالتالي سيشكل التجمع عبء على منظمة التحرير والبرلمان وليس وقد يفقد تأثيره الوطني باتجاه دعم المشروع التحرري والدولة . 

لا اعتقد ان يكتب لهذا التجمع النجاح اذا ما عمل على تحقيق اهداف خاصة بالتجمع ليس ابعد من معارضة تواجه اي برامج وطنية وتحررية  ولن ينجح اذا ما تخلى عن تحقيق اهداف استراتيجية تصوب مسيرة التحرر وتقوي الاتجاه الوطني الذي يناضل من اجل المشروع الوطني , اما اذا دخل هذا التجمع في دائرة التنازع على السلطة وحاول اصطناع  مواجهة مع احد من الفصيلين الكبيرين حماس او فتح فان هذا التجمع سرعان ما يتفكك ويبقى مجرد اسم سياسي على ورق . 

حتى الان كل ما صدر عن التجمع يبشر بالخير لكن انبه ان يهتم التجمع وقياداته باعتماد  اسلوب الحوار والاقناع والتنافس الوطني وتجسيد المعارضة الوفية و العمل المشترك والمسؤول لأجل  حل المشكلات والابتعاد عن التجريح و التشهير والتخوين والتكفير الوطني على اعتبار ان من ينتمي لهذا التجمع وطنيا غيورا شريفا وما دونه لا . 

ولابد من التحذير بالا يكون وراء هذا التجمع اي طرف آخر غير فلسطيني او حتى فلسطيني  لبرنامج يخدم اجندة اقليمية او غير اقليمية وان تكون الفكرة والهدف والمنهج  والوسيلة من قلب المعاناة الفلسطينية لوقف حالة الضياع المستمر منذ اثنتي عشر عاما بسبب ممانعة طرف ما اعادة الارادة الوطنية للجماهير والانصياع للديموقراطية والاحتكام للشعب من جديد . 

[email protected]