جهاد قاسم - النجاح الإخباري - صورة وحيدة جمعت الصحفية فرانشيسكا بوريو وقائد حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، في لقاء ربما يكون غير روتيني وفقًا لقول المنتمين لحركة حماس أنفسهم أو حتى وسائل الإعلام القريبة من الحركة، والتي ربما خجلت من نشر هذه الصورة إن صح التعبير، حتى إنَّ القسم الأكبر منه لم ينشرها وكأنَّها لم تحصل على عكس كثير من اللقاءات التي تُظهر مسؤولين من السلطة مع مسؤولين من الاحتلال.
صورة وحيدة نعم، لكنَّها كثيرة الرسائل على المستوى الداخلي والخارجي، فالسنوار قال إنَّ هذا الوقت هو وقت التغيير، مجيبًا على سؤال الصحفية عن سبب هذه المقابلة في هذا الوقت كما نقلت الصحفية نفسها، فهل حقًا هو وقت التغيير خاصة بعد فشل جولة التهدئة التي كانت تحاك في قطاع غزة بين إسرائيل وحماس برعاية مصرية؟ أم هي بداية لمرحلة ما من الصعود على سلم المفاوضات الحمساوية الإسرائيلية بدءًا من الإعلام وهو ما تنفيه حماس لهذا الوقت.

لكن ثمّة أسئلة كثيرة هنا  بعد هذه المقابلة التي أوقعت السياسي في فخ الإعلام، أو ربما كان وقوعًا طوعيًّا،  إلا أنَّ من يقرأ تاريخ حركة حماس، خاصة بعد سيطرتها على قطاع غزّة منذ حدوث الانقسام الفلسطيني فإنَّه يدرك مدى أهمية وقوة جهاز الأمن الداخلي لدى الحركة و الأجهزة المخابراتية التي تندرج تحت مسميات كثيرة في الحركة  فأين هي مما حصل؟ وهل خدع قائد الحركة الجهاز المخابراتي في حماس ولم يبلغه بوجهة عمل الصحفية؟ خاصة أنَّه من الطبيعي أن يعطي الصحفي اسمه الكامل ومكان عمله للمسؤول أو مرافقه لينتظر إجابة القبول أو الرفض، ومن الطبيعي أيضًا أن يبحث الجهاز المخابراتي في الحركة ويستكشف حول جهة عمل الصحفية بوري، ومن المستحيل أنّه يجهل حقيقة أنَّها صحفية تعمل في يديعوت أحرنوت.

وبحسب ما نشرته صحيفة "الراي اليوم" عام (2015)، فإنَّ مصدرًا مطلعًا من حماس كما وصفته الصحفية قال تعليقًا على إنشاء جهاز مخابراتي جديد، إنَّ هذا الجهاز أسس من خلال اختيار ضباط أكفاء من العديد من الأجهزة الأمنية، وأنَّ عمله يشمل المهام الأمنية المنصوص عليها في القانون الفلسطيني لعمل المخابرات العامَّة، وأنَّ ذلك سيكون دون الرجوع لجهاز المخابرات العامَّة في الضفة الغربية، بمعنى أنَّ التحكم والسيطرة كاملة للجهاز الأمني الذي تديره الحركة ، وأنَّ المخابرات شيء أساسيّ في عقيدة حركة حماس ..فأيّ هفوة هذه؟
وإن أيَّدت هذا الطرح أم لم تؤيد فإنَّ ما جرى اليوم يعتبر بمثابة الاختراق الكبير للحركة وفي عقر دار "غزَّة المحرَّرة"، فلا يمكن لحركة بحجم حماس أن يخترقها صحفي لم يفصح عن مكان عمله الرئيس، ذات الحركة التي تدرك جيّدًا مدى مراقبة جهاز المخابرات الإسرائيلية بشكل كبير، مع أنَّ الأسئلة كثيرة هنا عن كيفية دخول الصحفية إلى القطاع، وحصولها على موافقة أمنيّة إسرائيلة في هذا الشأن.

لكن على كلِّ الأحوال فإنَّ حماس لا يمكنها الهرب مما حصل اليوم فإن كانت لا تعلم بذلك  فهو خرق كما أشرت، وإن كانت لا تعلم فهي بذلك ستناقض نفسها بنفسها، وهي التي وجّهت النقد مرارًا وتكرارًا لعمل لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي التي يترأسها القيادي في حركة فتح، محمد المدني، أم أنَّ الممنوع ربما يكون مسموحًا في وجه من يريده؟!