باسم برهوم - النجاح الإخباري - عام 1979، فاز رونالد ريغان، وهو من صقور الحزب الجمهوري، بالانتخابات الرئاسية الأميركية باستخدام لغة التهديد والوعيد، وفي حينه هدد الاتحاد السوفياتي ببرنامج حرب النجوم- نقل الحرب وسباق التسلح الى الفضاء، كما استخدم لغة التهديد والوعيد مع كل من خالف الولايات المتحدة وخالفه هو الرأي. ياسر عرفات بعد ان تسلم ريغان الحكم، كان يردد القول "ربنا يمرر فترة ريغان على خير". وفي عام 1982 وبضوء أخضر من ريغان، شن شارون حربه على منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وأخرجها من بيروت. اليوم نحن بصدد رئيس أميركي لا يفهم في السياسة إلا لغة التهديد، فهو يهدد يميناً ويساراً، يهدد الأوروبيين الاصدقاء والحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة، بأن يدفعوا له فاتورة الدفاع عنهم، يهدد روسيا، الصين، استراليا، المكسيك، ايران، كوريا الشمالية، الباكستان. اما نحن الفلسطينيين، فهو لا يهددنا وحسب، بل إنه يمزق حياتنا واحلامنا. اسرائيل وحدها تحظى برعايته واهتمامه، وكأنه يفعل كل ما يفعل، من أجلها. الرئيس محمود عباس، المعروف بحكمته وحنكته السياسية وترويه الملفت، حرص طول الوقت على عدم استفزاز واشنطن ومواجهتها مباشرة، لأنه يدرك أن مثل هذه الاستفزاز يكلف الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية الكثير. الرئيس كان يختار اللحظات الاكثر مواتاة ويواجه السياسات الأميركية، كان يكر ويفر بمهارة، هكذا تصرف مع بوش الابن، وهكذا تصرف مع أوباما ونجح، وخرجنا بأقل الخسائر، بل وسجلنا الكثير من المكاسب وكانت الحكومة الاسرائيلية هي المعزولة دولياً. مع الرئيس ترامب، لم نكن نحن فقط من يترقب ويمارس اقصى درجات الحذر مما يمكن توقعه من سياسات ومواقف لهذا الرجل، فإن الرئيس ابو مازن تعامل مع ترامب بالنسق الحذر نفسه، بهدف عدم استفزاز هذا الرئيس، المستفز دائماً، وحاول جاهداً ان يبقي الجسور معه، ولكن الفرق، أن ترامب هو معادٍ للشعب الفلسطيني بسبق اصرار وترصد. ونذكر في هذا السياق انه وعندما كان رئيساً منتخباً، مارس كل اشكال النفوذ والتهديد لمنع مجلس الامن من الانعقاد في شهر كانون الاول / ديسمير 2016، لتمرير قرار ضد الاستيطان الاسرائيلي وداعماً لحل الدولتين. ترامب لم يلتزم كسابقيه من الرؤساء الأميركان من اللحظة الاولى بمبدأ حل الدولتين، وكانت النتيجة اعلانه سيئ الصيت والسمعة باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وصمته وصمت ادارته المريب، عن القرارات والخطوات التي تتخذها الحكومة الاسرائيلية، فهي لا تجهز على كل فرص السلام وحسب، وانما هي تعيد الواقع الى الصراع الوجود الدامي والعنيف. لا احد يتوهم اننا نحن الفلسطينيين والعرب عموماً امام سنوات عجاف صعبة وصعبة جداً، وكان على ترامب الذي لا يعرف التاريخ وحتى لم يكلف نفسه بقراءته، أنْ يعلم أنَ لغة التهديد لن تؤدي الى شيء، ولن تقود إلا الى توحيد العالم في مواجهتها، وهذا يمثل بصيص أمل. وكما يبدو فإن ترامب لم يقرأ التاريخ فقط، بل هو لم يقرأ ويسمع بما قاله الكاتب الأميركي ارنست همينغوي، "أن الانسان قد يدمر لكنه لا يهزم"، ونحن الفلسطينيين قد تدمرنا سياسات ترامب وحليفه نتنياهو، ولكننا لن نهزم، فنحن اعتدنا ان ننهض من تحت الرماد، فالشيء الاكيد، في نهاية المطاف، أن ترامب هو من سيرحل ويبقى الشعب الفلسطيني