نابلس - النجاح الإخباري - بلغ التنسيق ذروته خلال الساعات القليلة الماضية، بين الأطراف السياسية اللبنانية المعنية بملف تشكيل الحكومة الجديدة، مما يؤشر باقتراب الإعلان عنها خلال أيام، وفق مصدر مقرب من رئاسة الجمهورية.

وتتركّز غالبيّة المشاورات حول لزوم الإسراع في الإعلان عن التشكيلة الجديدة، قبل المدة المقررة لانتهائها بحلول يوم الثلاثاء، مع ضرورة تجاوز العقبات كافة، وجعل التسهيل سيد الموقف.

وكلّف الرئيس اللبناني، ميشال عون، في 31 أغسطس/آب الماضي، مصطفى أديب بتشكيل حكومة جديدة، تزامنت مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تتهمه أطراف لبنانية بالتدخل في شؤون بلادهم الداخلية.

واستقالت حكومة حسان دياب بعد 6 أيام على انفجار مرفأ بيروت الذي خلف نحو 192 قتيلا وقرابة 6 آلاف جريح وعشرات المفقودين، بجانب دمار مادي واسع، بخسائر تتجاوز 15 مليار دولار، حسب أرقام رسمية غير نهائية.

لقاء طرح الأسماء

مصدر مقرّب من رئيس الجمهورية اللبنانية، كشف لـ “الأناضول”، مفضلاً عدم ذكر اسمه، عن أنه “خلال الاجتماع الذي انعقد بين عون وأديب، الأربعاء، جرى بحث التركيبة الحكومية وما هو مطلوب منها في المرحلة المقبلة”.

وعن عدد الوزراء في الحكومة المرتقبة، قال “من الممكن أن يكون 14 أو 16 أو 20″، لكن ذلك “لن يكون عائقاً أمام تشكيلها”.

وأضاف: “على ضوء التركيبة يتحدد عدد الوزراء، علما بأن رئيس الجمهوريّة يفضل وزيراً لكل حقيبة، لكن من الممكن أن يتولى بعض الوزراء حقيبتين، خصوصاً إذا كانت الحقيبة الوزارية ثانوية”.

والمقصود هنا بتركيبة الحكومة، أي شكلها سواء ستتألف من ممثلي الأحزاب (سياسية)، أم من اختصاصيين (تكنوقراط)، أم حكومة “تكنو-سياسية” تجمع الاثنين.

وفي لبنان، جرت العادة على اعتبار حقائب وزارة الداخلية والخارجية والدفاع والطاقة والاتصالات والمالية كحقائب سيادية، تتقاسمها الأحزاب الكبرى فيما بينها، في حين تعتبر الحقائب الأخرى ثانوية.

ولفت المصدر إلى أن “رئيس الجمهورية نصح رئيس الحكومة المكلف بألا يكون أسيرا لعدد الوزراء في التشكيلة الحكومية”.

وتحدث عن “لقاء مرتقب بين الرئيسين (عون وأديب)، السبت (12 سبتمبر/أيلول) حيث ستعرض الأسماء المطروحة للاتفاق عليها، وعلى أساسها يتكوّن المشهد الكامل والمتكامل للتركيبة”.

وعن موعد الإعلان قال نصاً: “إذا حصل الاتفاق يوم السبت سيعلن عنها مطلع الأسبوع المقبل، وإذا لم يحصل الاتفاق سيكون هناك المزيد من البحث”.

زيارات سريّة من وإلى فرنسا

وبعيدًا عن المواقف الرسمية المعلنة في مسألة تشكيل الحكومة، قال الصحفي جوني منيّر: “بخلاف ما هو ظاهر فإن الملف الحكومي متقدم جداً”.

وأوضح لـ “الأناضول” أنه “في الأسبوع الفائت زار لبنان سراً، مدير المخابرات الفرنسية الخارجية، بيرنارد إيميه، لمدّة 24 ساعة، واجتمع برئيس الجمهوريّة”.

وأشار إلى أن “اللواء عباس ابراهيم (مدير الأمن العام اللبناني)، غادر الأربعاء إلى فرنسا حاملًا معه أجوبة عما طرح خلال زيارة إيميه”.

وحاولت “الأناضول” معرفة تفاصيل حول الزيارة من مكتب اللواء إبراهيم، لكنه رفض التعليق.

ورجح منيّر أن “تكون ولادة الحكومة السبت، أو كحدّ أبعد مطلع الأسبوع المقبل”.

وأضاف: “لذلك أوفد اللواء إبراهيم من قبل رئيس الجمهورية على وجه السرعة إلى فرنسا لوضع اللمسات الأخيرة”.

وتقول أطراف لبنانية إن عواصم إقليمية وغربية تتدخل عادة في ملف تشكيل الحكومات اللبنانية، وثمة أحاديث عن تسوية فرنسية ـ إيرانية أفضت إلى تكليف أديب برئاسة الحكومة، مقابل عدم رضا أمريكي ـ عربي.

وقال الصحفي اللبناني: “(جماعة) حزب الله وحركة أمل تخلّتا عن فكرة المداورة (المحاصصة) وبالتالي موضوع حقيبة (وزارة) المال لم تعد عائقًا”.

وأشار منيّر إلى أن “الفرنسيين على ما يبدو مصرّون على الاطلاع على الحقائب السيادية الأساسية التي تهم مشاريعهم، وتشكّل (في الوقت ذاته) خطاً أحمر لدى الأمريكيين”.

وأضاف: “عند تشكيل الحكومة ستتقدّم بمشاريع قوانين حول محاربة الفساد والإصلاحات، إضافة إلى بدء مشروع الكهرباء (الذي سيشارك فيه الفرنسيون والمصريون)”.

مواقف الأحزاب

وقال بلال عبد الله، النائب عن كتلة الحزب “التقدمي الإشتراكي” التي يترأسها وليد جنبلاط: “لا زلنا عند موقفنا وهو التسهيل وعدم وضع العراقيل أمام تشكيل الحكومة الإنقاذية والإصلاحية”.

وأضاف لـ “الأناضول”: “الشروط والشروط المضادة لا يجب أن تكون موجودة في ظل ظروف استثنائية في بلد اقتصاده منهار وعلى شفير الهاوية”.

وعن مشاركة الحزب في الحكومة، قال “لم نطلب شيئًا وإذا استُشِرنا سنعطي رأينا. ليس لدينا أي موقف مشروط في هذا الصدد”.

وأضاف: “إذا طُلب منا تقديم أي كفاءة علمية سياسية في أي مجال، فليس لدينا أية مشكلة في تقديم شخص مقرب من بيئتنا (الحزب)، ولكن كحزب اشتراكي لن نكون مشاركين”.

بدوره، أبدى النائب إيدي معلوف عن كتلة “التيار الوطني الحر” (يترأسه وزير الخارجية السابق جبران باسيل)، التعاون والتسهيل الكامل في تشكيل الحكومة.

وقال معلوف لـ “الأناضول”: “همنا أن تكون هناك حكومة فاعلة ومنتجة تطبق الإصلاحات المطلوبة سواء شاركنا فيها أم لم نشارك”.

ونفى أن يكون “التيار الوطني الحر” قد وضع أي شروط في هذا الإطار، نافيًا “طلب حقيبة الطاقة أو الخارجية”، وفق ما جرت العادة منذ 2009.

وعلى الخط عينه، أكّدت رولا الطبش، النائب عن كتلة حزب “تيار المستقبل” (يرأسه سعد الحريري) بشكل نهائي عدم المشاركة في الحكومة المزمعة، لكنها قالت: “مشاركتنا ستكون بشكل غير مباشر عن طريق تسهيل عملها”.

من جانبه، قال عماد واكيم، النائب عن حزب “القوات اللبنانيّة” (يرأسه سمير جعجع)، لـ “الأناضول”، أن حزبه طالب بحكومة تقنية منذ أكثر من عام، خاصة أن البلاد تمر بأزمات عاصفة.

تأثير العقوبات

وحول ما إذا كانت العقوبات الأمريكية الأخيرة ستشكل عائقاً، استبعد منيّر ذلك “لأنّ هناك نوعاً من القلق ظهر في الداخل بعد العقوبات خصوصاً، وأن المسألة باتت جدية”.

والثلاثاء، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أنها أدرجت على “القائمة السوداء” وزير المالية السابق علي حسن خليل، المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس.

ووفق هذه المعطيات، نفى النائب عن كتلة حركة أمل (يترأسها رئيس مجلس النواب)، محمد نصرالله، أنّ تؤثّر العقوبات الأمريكية على مسألة تشكيل الحكومة ضمن المهلة المحدّدة.