تحرير المالكي - النجاح الإخباري - في أحيان كثيرة تُكشف الموهبة عبر المصادفة ونحن نبحث عن التسلية في وقت لا نعير اهتماماً لما نفعله، إلا أن تكرار العمل قد يوقدُ الشعلةَ الأولى التي تنير درب الموهبة.

الشابة صفاء عودة من قطاع غزة لم يمنعها حصولها على شهادتين في البكالوريوس في الاقتصاد المنزلي وتخصص تعليم المرحلة الاساسية من جامعة الاقصى والماجستير في علم النفس من جامعة الازهر من ترك موهبة  نشأت عن طريق الصدفة.

تقول رسامة الكاريكاتير صفاء عودة لـ "النجاح الإخباري" إنها اكتشفت موهبتها مصادفة في العام 2010 وكان هدفها من الرسم أنذاك تفريغ الغضب والطاقة، لتكون بداية جميلة لها في عالم الكاريكاتير.

شكلت عائلة "عودة" داعما معنويا وماديا لها في بداية موهبتها، لتكون حافزا قويا جعلها تصل لما عليه الان، كما كان للفنان رمزي الطويل لمسة خاصة في ارشادها وتوجهيها في مجال الفن الكاريكاتيري، اضافة لاصدقاء وفنانين من دول عربية.

وأشارت الرسامة "عودة" الى ان استخدمها التقنية الحديثة "الديجتال ارت"، ميزها عن غيرها من الفنانين الفلسطينيين نظرا لصعوبته.

ويشار الى أن الفن الرقمي بالعربية او digital art بالانجليزية هو فن منُتج بواسطة الحاسوب سواء كان باستخدام برامج الرسم والتصميم (الحاسوب اللوحي) او بواسطة الماوس او ما يعرف ب(القلم الضوئي).

ويحتاج الى صبر، فأقل زمن لإنجاز عمل فني قدره ساعتين قد يستغرق أيام او ان يتم تمرير العمل الواحد على عدة برامج و قد يتطلب بعض التفاصيل اليدوية التي تدخل فيما بعد للبرنامج للوصول للنتيجة المطلوبة، ويستخدم فيه الكثير من برامج التصميم مثل ادوبي فوتوشوب واللايسترتور و مايا. 

وتابعت "أركز على نوعين من الرسوم، الاول وهو الرسم الكاريكاتيري الذي  يتناول الجانب الاجتماعي، أما الثاني، فيتم التركيز فيه على رسم شخصيات بطابع كاريكاتيري ساخر".

صعوبات وتحديات

تقول "عودة" إن الوقت والجهد الكبير الذي يستغرقه الفن الرقمي كان سببا في قلة الجهات الداعمة لموهبتها في قطاع غزة، فالاغلبية تركز على رسم اللوحات بالالوان الزيتية أو الاكريليك او غيره من الادوات المعروفة.

كما أن عدم توفر مجلة او جريدة تعرض رسوماتها، مقابل أجر مدفوع، حال دون تمكنها من نشر رسوماتها، التي تناولت الجانب الاجتماعي بشكل اساس.
وخلال حديثها لـ"النجاح الاخباري" أكدت الفنانة ان عدم وجود جهة متخصصة لحفظ حقوق الرسام، عرضتها للعديد من عمليات النصب والاحتيال وسرقة الرسومات سواء من الداخل او الخارج.

الموهبة تكمن في التميز 

شاركت "عودة" بشكل محدود في عدة معارض داخل وخراج فلسطين، وتمكنت من تلقي جوائز مادية اثر فوزها في مسابقات معينة، وما يميز الفنانة صفاء عن غيرها من الفنانين الفلسطينيين بشكل خاص هو اسلوبها في رسم الشخصيات بطابع كاريكاتيري ساخر، والذي يتصف بالصعوبة والوقت والجهد الكبير.

وتشير عودة الى أن عزيمتها وارادتها كانا سببا في تطور موهبتها رغم تعرضها للكثير من الصعاب، وقلة العائد المادي الذي تجنيه من بيع بعض الرسومات، التي يطلبها اشخاص او مؤسسات خاصة بين الفينة والاخرى، الا ان طموحها في تحقيق نتائج مرضية وترسيخ اسمها ضمن افضل الفنانين في العالم جعلها تستمر.

من رحم المعاناة يولد الابداع

وحول تأثير الأوضاع في غزة على الفن بشكل عام، اكدت أن ما مر به قطاع غزة خلال العشر السنوات الاخيرة كان له تأثير وان كان غير ظاهر على الفنان، وأضافت "هنالك مقوله تقول إن  من رحم المعاناة يولد الابداع فمن الملاحظ أن الكثير من الفنانين برزوا ولمعوا في خلال تلك المدة، وأنا على سبيل المثال موهبتي نمت و تطورت رغم ما شهدته من حروب متكررة وأزمات متنوعة وبطالة جميعها لم يقف عائق أمام حبي وشغفي للرسم بكل كان دافع قوي للاستمرار".

قضايا مثيرة باسلوب ساخر
وفي حديثها لـ" النجاح الاخباري" تؤكد "عودة أن رسالتها من الرسم تهدف الى مناقشة بعض القضايا والقاء الضوء عليها من خلال الرسومات، كونها تعيش في مجتمع يتأثر بما يحيط به سواء كان من الناحية الايجابية أو السلبية، وتعرض للكثير من الازمات التي اثرت على قيمه.

وتضيف " الفن الكاريكاتيري لغة يشترك بها جميع الافراد رغم اختلاف العرق واللون والدين والثقافة الا أننا نتوحد في اظهار الحقيقة بحلة صادقة خالية من الشوائب و الاهم غرز الانسانية في ظل سيادة سفك الدماء".

وختاما، نوهت الرسامة الكاريكاتيرية شيماء عودة الى ان الاستمرار والاصرار يعادل الموهبة بحد ذاته، وأي طريق تسلك في الحياة لا تُجنى ثماره بين يوم وليلة.
ودعت كافة الموهوبين الى عدم الخضوع للظروف الصعبة المحيطة بهم، والتمسك بالحلم مشيرة الى أن جميع من برزوا في هذه الحياة من علماء ومستكشفين و مخترعين وفنانين وغيرهم سر نجاحهم تمسكهم بحلمهم.