النجاح الإخباري - "أم أحمد"، آمل أن تلاقي حيث أنتِ الآن بعض سلام فقدتيه منذ فقدتِ أحمد، وعدٌ سيدتي... سيبقى "أحمدكِ" ضمن قافلة مَن نبحث عنهم أحياءً أم أمواتاً وداعاً آمنة شرقاوي... هكذا ودعت لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان "أم أحمد" على صفحة فايسبوكية تعنى بالقضية. رحلت أم أحمد، الفلسطينية الهويّة والمنشأ، مثقلة بالخيبات. خانها مرضها و"ثقل عمرها"، عاملان كان لهما اكبر الأثر على صحتها، ولاسيما على انحناء ظهرها واعوجاجه. هكذا مضت دون ابنها أحمد.  

إلى متى!

قاومت شوقها إليه، حملت صورته بيدها في كل تحرّك "لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وهيئة دعم أهالي المعتقلين في السجون السورية" سوليد. منذ أسبوعين، غادرتنا أم أحمد، هذه المرأة، التي كانت تقصد خيمة الأهالي في حديقة جبران خليل جبران قرب مبنى الأسكوا لترتاح قليلاً، أو ربما لتأمل بأنَّ شيئاً ما قد يوقظ ضمائر رؤساء الميليشيات القابعين في السلطة اليوم ليقولوا شيئاً عن أحمد، عن مصيره.... لا، أم أحمد ليست ساذجة، بل هي مجرد أم تنتظر ابنها، وتعتقد أنَّه يمكن أن يبقى لدى أي من قبضايات الحرب "ذرة" ضمير. رسمت التجاعيد على وجه "أم أحمد" يوميات انتظارها لعودة ابنها.   

خطفوه بالقوّة! 

من هي أم أحمد؟ تجيب صديقتها سامية أبو عبد الله، وهي فلسطينية متزوجة من لبناني، أنَّها التقت مع أم أحمد في الخيمة، جمعتهما المصيبة لأنَّها هي أيضاً تبحث عن شقيقها المفقود". تتحدث عن أم أحمد بكثير من الحب قائلة: "أيقنت أم أحمد أنَّ زوجها، الذي قتل خلال مشاركته في معارك الفلسطينيين في لبنان، غادر هذا العالم تاركاً لها وهي في ربيع عمرها مسؤولية رعاية ولد وفتاة صغيرين جداً". بحسب تقرير نشرته صحيفة "النهار اللبنانية".

كيف خطف أحمد ولماذا؟ تجيب أبو عبد الله:" قررت أم أحمد العيش في منطقة رملة البيضاء بعدما ضاقت بها ظروف العيش في المخيمات الفلسطينية في صبرا. في العام (1985)، فوجئت أم أحمد بدخول شباب من ميليشيا لبنانية إلى المنزل بالقوّة، أمسكوا ابنها أحمد وهو شاب لم يتعدّ الـ(19) عاماً، واقتادوه بالقوّة خارج المنزل". حاولت أبو عبد الله وصف خوف أم أحمد على وحيدها قائلة:" حاولت اللحاق بهم على الطريق ليعيدوه إليها. لكنَّها علمت لاحقاً أنَّهم اقتادوه إلى برج المر فالبوريفاج وصولاً إلى سجن فرع فلسطين في سوريا".رداً على سؤال عن سبب اختطافه، قالت:" تهمته الوحيدة أنَّه فلسطيني". 

البحث عنه

انتسبت أم أحمد ألى لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، قالت كل ما عندها لغازي عاد. ذكرت صونيا عيد من سوليد أنَّها كانت وحيدة جداً مثقلة بالهموم وثقل المرض بدا عليها في الأعوام الأخيرة"، مشيرة ألى أنَّها "كانت تأتي ألى الخيمة وتنام فيها في بعض الأوقات". 

لماذا كانت وحيدة؟ تجيب أبو عبد الله:" تقاسمت مسؤولية إعالة زوجة ابنها في تربية حفيديها. حلمت بأن تزوج أحمد في سن مبكرة، فشاء القدر أن يُخطف أحمد ويترك وراءه زوجته وولدين". بعد الحرب المجنونة في سوريا، عانت أم أحمد من هجرة ابنتها المتزوجة من سوري إلى المانيا، قالت:" قبل اندلاع الحرب، كانت تتردد عند ابنتها في الشام. كانت تجول شوارع السيدة زينب لتسأل عن ابنها  إن كان أحد يعرفه...".

ماتت "أم أحمد" دون أن تعرف مصير ابنها.. قبل أن تموت قالت لرفاق الدرب في الخيمة: "جاءتني رؤيا أنَّ أحمد مات". تصمت والدموع تترقرق على وجهها..

أم أحمد.. ماتت وهي لم تترك عينة من دمها لفحوص الحمض النووي لمقارنتها بأيّ جثة يتم العثور عليها لأي مخطوف .

أم أحمد ماتت.. أمّا القضية فعليها أن تستمر وهذا وعد!