غازي مرتجى - النجاح الإخباري - عزفت عن الكتابة خلال الأسبوعين الأخيرين فلا كلمة ولا فعل يُوفي حق أهلنا في القدس وكل ما سنتفوّه به ونكتبه لن يُساوي كلمة "الله أكبر" صدح بها طفل مقدسي صغير.  أو هذا الشاب المسيحي الذي أدّى تراتيل المسيح والتزم بتعليماته الذي قال "لأنّ الله لم يعطينا روح الفشل بل روح القوة والمحبة" .

هي القدس إذًا صانعة مجد فلسطين، وهي ما تبقّى لنا في بقايا وطن أنهكه الانقسام وانتُهكت فيه حرمة الأقصى بأفعال وأقوال بهلوانية لا يدري مُطلقها أنها كانت "الدنس" الذي أضعف القدس قبل أن يتجرّا الاحتلال على ذلك.

القدس وانتصار أهلها يُمكن تلخيصه بالنقاط التالية:

1- لن تكون معركة البوابات والكاميرات الأخيرة بل قد تفتعل حكومة اليمين المتطرف المزيد من التشويش لأنها ستواجه بركانًا من المعارضة قد يصل إلى اسقاط الحكومة .. وإنّي أرى ذلك قريبًا .

2- القيادة الفلسطينية أثبتت أن الخطوط الحمراء لا يُمكن السماح بتجاوزها وبعد أن وصلت مرحلة "الصفر الشعبي" هاي هي تعود باجتماع واحد لقلب المعادلة وللتأكيد أن مفاتيح الحل فقط بيدها وليس غيرها .. كل من حاول الالتفاف على التمثيل الفلسطيني الشرعي لم ينجح .

"أبو مازن – رئيس الوزراء – مركزية فتح – التنفيذية" أثبتوا أنّ القدس وحدّت تحركاتهم وكلامهم وأفعالهم .. كانوا على قدر المسؤولية فكانت النتائج المرجوة.

3- صدرّت هذه الأزمة قوة المرجعية الدينية عند العامة فبات أي تحرك داخل المسجد الأقصى لا يتم إلا بموافقة المرجعيات الدينية, وهذا الأمر يجب الحفاظ عليه فقيادة الغضبة الجماهيرية يجب تقويتها. 

والمرجعيات هنا تُوحي بكون أكثر من طائفة دينية في المسجد وهو أمر غير صحيح, لكن بسبب الوضع الديني الناجم عن اتفاقية رعاية المقدسات الإسلامية والذي يتبع الأردن فإن هناك مرجعية "سُنية" تتقاضى راتبها من عمّان وأخرى تتقاضاه من رام الله لذلك نقول المرجعيات الدينية.

لقد شهدنا التفافًا وتفاهمًا دينيًا, سياسيًا شعبويًا في المسجد الأقصى يجب أن يُصبح نبراسًا للفلسطينيين كافة.

4- منذ المرحوم فيصل الحسيني باتت القدس "شبه فارغة" من التسلسل العائلي الهرمي المعمول به منذ الانتداب . الآن هناك فرصة قائمة بتعزيز دور المرجعية الدينية ومفتي الديار المقدسة ومدير المسجد فقد شاهدنا كيف اتحدّت آراء المقدسيين والتفت حولهم.

5- الصراع الحمساوي الفتحاوي سيقى مشتعلا بل سيزداد لهيبًا في الايام القادمة نظرًا لرفض حماس نداء الأقصى، بل وعقد جلسة مجلس تشريعي بمشاركة "دحلان" كنوع من التحدي والاستفزاز للرئيس بشكل بات واضحًا .

6- ملايين الحكومة كانت رسالة لكل من أشبعنا "كلامًا" وكانت تحركا عمليا سريعا لنصرة المرابطين في المسجد .. رد فعل سريع يجب أن يكون قانونًا في التعامل مع القدس .

7- اثبتت غضبة القدس الخواء العربي فارغ المضمون فحديث أحد الرؤساء العرب وكأنّه وسيطًا لا صاحب قضية في تصريحات تلفزيونية - لم يأت عليها الاعلام كثيرًا كونه اهتم بالميدان المُشرّف أكثر- يؤكد أننا أمام رضوخ عربي مبتذل . 

المقدسيون هم أول من فهم هذه المعادلة فلم يهتفوا "وين الملايين – أين العرب – أين المسلمين" بل قالوا :"نموت ويحيا الأقصى" .

8- السياحة الدينية التركية في الأقصى تحرك مهم من الرئيس التركي "أردوغان", فمقاطعة الأقصى من المسلمين بسبب فتوى "سياسية" أمر مثير للاشمئزاز وكأنّ التطبيع فقط في الأقصى ولا يوجد تطبيع سرّي وعلني من كل الدول التي أشبعتنا كذبًا ووطنية !.

9- بعد أن تنتهي قضية القدس على فتح أن تعيد لملمة صفوفها وكفى التوحد عند "الفزعات", موقف الحركة في غضبة القدس أثبت بشكل واضح أن صمّام أمان القرار الوطني المستقل عند فتح لكنها تحتاج لمزيد من العمل والعمل فقط .

10- لم أكن ولن أكون من مؤيدي فتح جبهة غزة كما طالب البعض حماس بالرد على الانتهاكات الاسرائيلية, كانت اسرائيل تتمنى أن تأخذنا الحميّة وتقوم حماس بالرد من غزة فتتحوّل الأعين نحو القطاع وتُنسى القدس وتستمر البوابات والكاميرات وصولاً للتقسيم الزماني والمكاني الهدف الرئيسي للغطرسة الاسرائيلية . قرار حكيم عدم الدخول في مواجهة أو فتح جبهة الجنوب .

11- سيُحاول نتنياهو تعويض هزيمته من خلال استفزاز "غزة" وبالتأكيد بزيادة التغوّل الاستيطاني الهمجي في الضفة وحتى بمحاولات استفزازية جديدة في القدس . القضية لم تنته بعد , الحذر واجب وتراكم الانجازات فرض عين على كل الأطراف .