هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري -   لابد أثناء تعويد أطفالك على الصيام أن تجعلها عبادة محببة لهم حتى يؤدونها بصدق، والأهل يسعون دائماً إلى تشجيع أطفالهم على الصيام، حتى ترسخ هذه العبادة العظيمة في نفوسهم خلال شهر رمضان، لكن إلى جانب الحديث معهم عن فضل الصيام لابد من تدريبهم عليه، وحول هذا الموضوع أفاد خبير التنمية البشرية "د. محمد بشارات" لـ "النجاح الإخباري" بأنَّ تدريب الأطفال على الصيام يزرع في قلوبهم صفة الصبر والتحمل، عدا عن تعويدهم على الصيام كأمر فطري سلوكي سيستجيب له الطفل كتعويده على أداء الصلاة منذ صغره.

متى يجب أن يصوم طفلي؟

وأوضح بشارات أنَّ العمر المناسب لتدريب الطفل على الصيام هو ما فوق السبع سنوات، أما ما دون ذلك يمكن أن نتبع معه مبدأ "صوم العصافير" كما يطلق عليه، وذلك بأن يصوم الطفل من ساعة لساعتين على الأقل.

بحيث تكون العلاقة طردية كلما زاد عمر الطفل كلما حاول الأهل زيادة عدد ساعات الصيام، أي من سبع سنوات فأكثر تزيد فترة الصيام لثلاث حتى أربع ساعات، مضيفًا: "إذا ما تمَّ تعويده في سن مبكرة سيواجه صعوبات عندما يصل سن البلوغ ويصوم فجأة دون تأهيل".

ولفت بشارات إلى أنَّه يجب الأخذ بعين الاعتبار بنية الطفل وقدرته الجسدية، مؤكِّدًا على أنَّه يجب استشارة طبيب الأطفال إذا كانت بنية الطفل تسمح له بالإمتناع عن الطعام.

كيف أشجع طفلي على الاستمرار في الصيام؟

وأضاف بشارات لـ"النجاح الإخباري"، أنَّ التدريب على الصيام يبدأ بالتدريج والتحفيز والتعزيز، قائلًا: "أفضل طريقة لتشجيع الأطفال على الصيام هي مدح الطفل وثناؤه أمام الأقرباء"، مبررًا ذلك بأنَّ الطفل يبتهج بشعور "أنا موجود، ولي قيمتي وأستطيع أن أفعل ما يفعله الكبار"، كونهم يحبون تقليد الأكبر منهم سنًا، وهذا يندرج تحت قائمة التقليد الإيجابي.

وأشار إلى أنَّ عائلة الطفل يجب أن تقدم له المكافآت لقاء صيامه، والابتعاد قدر الإمكان عن المكافات المادية حتى لا نزرع فيه مبدأ الرشوة، ويمكن تحفيزه من خلال سرد القصص التعليمية وتقديم هدايا معنوية كشراء كتاب أو قصة أو الذهاب في رحلة.

وشدد بشارات على أنَّ إقامة حفلة للطفل مع أصدقائه وأقربائه إذا استطاع أن يتمم صيام شهر كامل، ستكون مفيدة جدًا له وسترفع من معنوياته وثقته بنفسه لأعلى مستوى.

كيف أقدم لطفلي المكافات دون زرع فكرة "أن كل شيء بمقابل"؟

أفاد خبير التنمية البشرية لـ"النجاح الاخباري"، بأنَّه يتوجب على الأهل تقديم توعية لأطفالهم حول موضوع الصيام من الناحية الشرعية، بحيث يكون لدى الطفل وعي كامل بأنَّ المكافآت تقدم له، لأنَّه أمر غير مطلوب منه شرعًا، عكس الصدق أي: "أنا لا أقدم لطفلي الهدايا مقابل صدقه لأنَّه أمر مفروغ منه ويجب أن يكون صادقًا دون مكافات".

كيف أتعامل مع طفلي إذا شعر بالجوع والظمأ؟

يقول د.محمد لـ"النجاح الإخباري": "هناك عدَّة طرق للتعامل مع الأطفال إذا شعروا بالجوع والعطش الشديد، ومنها:

1. يجب أن أتأكد من حقيقة عطشه وجوعه.

2. يمكنني أن أقدم لطفلي طعامًا خفيفًا مثل الفاكهة، وبعد ذلك أخبره بأن يكمل صيامه بشكل طبيعي على مبدأ "صوم العصافير".

3. يجب أن أزرع بطفلي فكرة صوم الجماعة، وجمال الجلسات العائلية وقت الإفطار.

4. الأخذ بعين الاعتبار قدراته الجسدية ومدى تحمله والتساهل معه دون مبالغة، حتى يحب أداء هذه الطاعة ولا يرفضها.

5.الابتعاد قدر الإمكان عن العبارات السلبية، كاللوم والتهديد والوعيد والإنتقاص منه إذا أفطر، والتعامل مع الموضوع بطريقة طبيعية من خلال العبارات التحفيزية مثل: "أنت قادر، وفي المرات القادمة ستكون أفضل".

6. مهم جدًا أن يكون الوالدين متفقين على صيام الطفل حتى لا يخلق له مشكلة نفسية، ولا شك من التوافق العائلي على ذلك سواء من أشقائه أو جده وجدته وأعمامه..إلخ.

ماذا قال الطب بشأن صوم الأطفال؟

بدوره أكَّد أخصائي طب الأطفال والخدج "د.أكرم سعادة" لـ"النجاح الإخباري"، على أنَّ العمر المناسب لصوم الطفل بعد  الثمان سنوات، مشيرًا إلى أنَّ ذلك يختلف حسب صحة الطفل وقدرة تحمله وفترة الصيام خصوصًا إذا كانت ساعات الصيام طويلة والجو حارًا.

ولفت سعادة إلى أنَّ الأمور التي تشجع الأطفال على الصيام هو الحديث عن أجواءه الجميلة وصلاة التراويح وكيف كان الأهل يصومون بأعمارهم، بالإضافة إلى تشويقهم بالحديث عن الأطعمة المخصصة لرمضان.

وأضاف سعادة لـ"النجاح الإخباري" قائلًا: "عندما تنبشون في الذاكرة ستجدون الكتير، هذه الذكريات مؤثرة فلا تستهينوا بها".

ولابد من إيقاظهم على السحور فإنَّه يعزز الصيام في قلوبهم، ويتيح لهم مجالًا للتنافس بين الأطفال، والمشاركة في إعداد الطعام لما له من أثر نفسي إيجابي على الطفل،  قائلًا: "لا مانع من بعض المرح واللعب قبل أو بعد السحور مع الأطفال لتحببهم في السحور".

ولفت إلى أنَّ مصاحبة الطفل إلى المسجد والمكوث فيه لقراءة القرآن الكريم، ينسي الطفل الجوع والعطش.

واختتم سعادة حديثه مع "النجاح الإخباري"، بتقديم نصيحة للأهالي مضمونها أن يصوم الطفل تدريجيًّا، وإذا شعر الأهل بأنَّ الصيام بدأ يؤثر على صحة نجلهم، عليهم أن يوقفوه عن الصيام حتى لو كان موعد الإفطار قريبًا.

صوم الأطفال من وجهة نظر الشريعة الإسلامية

أما المحاضر في كلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية "د. أحمد شرف" أفاد لـ"النجاح الإخباري"، بأنَّه لا يجب على الطفل الصغير أن يصوم حتى يصل لمرحلة البلوغ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ).

وأشار شرف إلى أنَّه ينبغي أمر الطفل بالصيام حتى يعتاده، ولأنَّه يكتب له ضمن الأعمال الصالحة التي يفعلها.

أما عن السن المناسب للصيام وفق علماء الإسلام، أوضح شرف لـ"النجاح الإخباري"، أنَّ السن الذي يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام فيه هو سن القدرة على الصيام، وهو يختلف باختلاف بنية الطفل، وقد حدَّه بعض العلماء بسن العاشرة.

ولفت شرف لـ"النجاح الإخباري"، إلى أنَّ العلماء ذكروا وسائل تعويد الصبيان على الصيام ومنها:

  1. بذل روح التنافس لمن عنده أكثر من طفل، مع ضرورة عدم تأنيب المتخلف عن ذلك.

  2. إلهاء من يجوع منهم بالنوم، أو بألعاب مباحة ليس فيها بذل جهد، كما كان الصحابة الكرام يفعلون مع صبيانهم، وهناك برامج أطفال مناسبة، وأفلام كرتونية محافظة في القنوات الإسلامية الموثوقة، يمكن إشغالهم بها.

  3. يفضَّل أن يأخذ الأب ابنه وخاصة بعد العصر للمسجد لمشاهدة الصلاة، وحضور الدروس، والبقاء في المسجد لقراءة القرآن، وذكر الله تعالى.

  4. الحديث عن فضائل الصيام وأنَّه سبب مهم من أسباب دخول الجنة، وأن في الجنة باباً يسمى الريان يدخل منه الصائمون.

  5. التعويد المسبق على الصيام، كصيام بضع أيام من شهر شعبان؛ حتى لا يفاجئهم الصوم في رمضان.

  6. صيام بعض النهار، وتزاد المدة شيئاً فشيئاً.

  7. تأخير السحور إلى آخر الليل، ففي ذلك إعانة لهم على صيام باقي النهار.

  8. تشجيعهم على الصيام بتقديم جوائز كل يوم أو كل أسبوع.

  9. الثناء عليهم أمام الأسرة عند الإفطار، وعند السحور، فمن شأن ذلك أن يرفع معنوياتهم.

  10. كما يجب عدم التشدد في أمر الاطفال بالصيام إذا بلغ الجهد من الطفل مبلغه فلا يصرَّ عليه إكمال الصوم؛ حتى لا يتسبب ذلك في بغضه للعبادة، أو يدفع للكذب، أو إلى مضاعفات مرضية، وهو ليس من المكلفين، وفق ما أفاد محاضر كلية الشريعة "د. أحمد شرف".