عاطف شقير - النجاح الإخباري - ان أخطبوط الإعلام الصهيوني يسيطر على المعلومات ويعيد قولبة العقول وتشكيلها كيفما يحلو له وبالأسلوب الذي يخدم أفكاره وأهدافه الاستعمارية، وسيطرة هائلة على مصادر المعلومات وتقنية متقدمة في طرق توصيلها إلى الجمهور المستهدف من قبله، وبالأسلوب الذي يريدون المليارديرات اليهود الذين يحكمون قبضتهم على معظم محطات البث التلفزيوني والإذاعي والصحفي وغيرها، وتنظيم منظم للسلاح الأخطر السلاح الإعلامي بشكل يحقق الفائدة المرجوة ويضمن لهم التفوق والسيطرة.

ولا شك ان السيطرة على العقول والأفكار اخطر الف مرة من السيطرة على الأرض المسلوبة الذي يعيدها العقل المتدبر المتحرر.

اما العقل المسلوب فيضيع  الف ارض محررة، وهذا ما نجحت به الة الإعلام الإسرائيلية بشكل باهر وناجع، والحديث هنا ليس فقط عن العقول العربية والمسلمة وان كان الأمر بالنسبة لها أدق واخطر بل تتجاوزه إلى العقول الأخرى على اختلافاتها  العرقية والاثنية، فالسيطرة الصهيونية لم تقتصر على العقل العربي وحده بل تعدته إلى العقول الغربية والأوروبية  فأصبحت الأفكار لدى هؤلاء الناس تعكس وجهة النظر الصهيونية وتتكلم بلسانها،

فماذا اعددنا نحن العرب والفلسطينين بشكل خاص لمواجهة هذا الهجوم الإعلامي والفكري؟،

رب مجيب يقول: ان الدول العربية تمتلك العديد من الفضائيات ومحطات التلفزة ووسائل الإعلام، ولكن هل يقاس الأمر بالكمية وحدها؟، اذا كان الأمر كذلك فلا باس، ولكن الحقيقة ان القضية لا تقاس بالكم وانما هناك ما هو أهم وهو نوعية ما يعرض ومضمون ما يبث على هذه المحطات، حيث تشير الإحصاءات ان ما يقارب من 62 في المائة من البرامج التي تبث عبر الفضائيات العربية تدخل في نطاق الترفيه والتسلية والإمتاع، ونحن هنا لا نعارض هذه البرامج بقدر ما نعارض ان تكون الوسيلة الوحيدة لإيصال المعلومات والأفكار إلى الرأي العام المحلي والدولي.

والملفت للنظر، ان الإعلام العربي العام لا ينفتح على الرأي العام المحلي والدولي، فيرهق الجمهور المتلقي بالخطابات والبيانات السياسية الرسمية، مما يجعل المشاهد العربي ينفر من الرسالة الإعلامية العربية لانها لا تعبر بالضرورة عن احتياجات المواطنين ورغباتهم وطموحاتهم، فمثلا اذا اراد جمهور عربي معين الاحتجاج في تظاهرة سلمية على الحرب الأمريكية المحتملة ضد العراق، فان الحكومة  العربية الرسمية تتأهب لصد تلك التظاهرة لمنع الجماهير العربية الغفيرة من التعبير عما يجول في ضميرها الحي من مشاعر عربية قومية، اما بالنسبة للإعلام العربي الرسمي فيقمع التظاهرة السلمية المؤيدة للعراق بطرق صحفية، كأن يقول ان المتظاهرين لن ينصاعوا للأوامر الشرطية مما حدا بقوات الأمن إلى تفريق المتظاهرين لانهم يهددون الأمن والاستقرار في البلاد.

فهذا الأمر يحتاج من الحكومات العربية جميعها النزول عند رغبة الجماهير العربية في التعبير عن همومهم المحلية والقومية علها تزيل ما لحق بالجمهور العربي من ترسبات ذهنية سيئة عن الحكومات العربية.

عندها يتغير الحال العربي من هذا الحال المريض إلى حال يرقى للوقوف أمام الأعاصير الجارفة التي تستهدف الامة العربية والإسلامية جميعها، مما يتطلب من الامة العربية ترسيخ اليقظة الفكرية والإعلامية العربية كي يكون الجمهور على قدر تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه  في مشاركته الدولة في المعارك التي تخوضها، وقد برهنت الأحداث التاريخية الماضية على قدرة الجماهير في التغيير نحو الأفضل.