بشار دراغمة - النجاح الإخباري - التوتر الحاصل بين دول الخليج وقطع العلاقات مع قطر، ليس مدعاة للفرح، وإقامة احتفالات النصر، وليس المطلوب "التطبيل والتهليل" لكل هذه الفرقة العربية، لكن أحيانا تكون الانعكاسات إيجابية على الحالة الفلسطينية، وقد يستغرب البعض كيف يتم طرح مثل هذا الأمر وأن تكون فرقة العرب حلًا للوحدة الفلسطينية، لكن هذا الطرح هو وجهة نظر تحتمل الصوات والخطأ.

كثيرًا ما يدفع الفلسطينيون ثمن العلاقات العربية – العربية، والثمن دومًا يكون على حساب القضية الوطنية وحجمها، والفلسطيني كثيرًا ما يجد نفسه يُزج إلى هذه الخلافات، وحالة الانقسام السائدة خير دليل على ذلك، فأطراف عربية كانت مغذِّيًا رئيسيًّا للانقسام واحتضنت دعم وتمويل حركة "حماس" الأمر الذي فتح المجال أمامها للابتعاد عن إتمام المصالحة لوجود تدفقات مالية مستمرة تغنيها إلى حد ما عن خزينة السلطة الوطنية، فلم تجد الحركة  في المصالحة ورقة طارئة تضطر للجوء إليها.

واليوم في ظل الحالة العربية المأزومة، وتدهور علاقة قطر  بعد نشر وكالة الأنباء القطرية الرسمية "قنا"، تصريحات لأمير قطر الشيخ "تميم بن حمد"، لا تتسق مع سياسة مجلس التعاون الخليجي، لتنفيها الوكالة لاحقًا مبررة الأمر باختراق حسابها، تُطرح اليوم الكثير من الأسئلة حول الحالة العربية وانعكاساتها على القضية الفلسطينية فأين ستقف حركة حماس اليوم ، وماذا سيكون الموقف الفلسطيني الرسمي؟.

حماس ستراقب الوضع عن كثب وهي غير متمسكة بقطر "لقدسيتها" فقد تمسكت بإيران سابقًا وتخلت عنها، وتمسكت بسوريا وتخلت عنها، وراسمو الهيكل السياسي لدولة قطر مثل الدكتور عزمي بشارة تركوا مناصبهم وبالتالي لن يكون احتضان الإخوان على قائمة الاهتمام السياسي للدوحة خلال الفترة القادمة، انما ستنشغل قطر الآن بترميم ما أفسده احتضانها للاخوان وهي على استعداد للتخلي عنهم مقابل فك عزلتها مع دول الجوار، وربما تكون خطوة السعودية والإمارات والبحرين التصعيدية في قطع العلاقات بهذا الشكل كأداة ضغط على الدوحة لنبذ الإخوان في مصر وحماس في غزة، حتى أنَّ قطر قد تجد نفسها مضطرة للتخلي عن قناة الجزيرة.

الطبيعة الاقتصادية التي تحكم قطر تحتِّم عليها التقارب مع الرياض وأبو ظبي والمنامة وكل عواصم الخليج.

وفي الوقت الذي تبدو فيه قطر الملاذ الأخير للإخوان ومن ضمنهم حركة حماس خاصة في ظل عدم الاحتضان الكامل من تركيا، فإنَّ ملامح مرحلة جديدة تُرسم في المنطقة.

كل هذا يؤكد أنَّ ما تتمسك به قطر اليوم لن تكون مستعدة للتمسك به في الغد، وبالتالي فإنَّ شكل العلاقة مع حركة حماس سيتغير، وهذا من شأنه أن يدفع الحركة من جديد للعودة إلى مسار المصالحة في حال أغلقت كل الأبواب في وجهها، فالأزمة بالنسبة لها ليس في مكان إقامة قيادتها، وإنَّما فيمن يدفع الأموال للحركة، فلبنان على سبيل المثال وإن استضاف قادة حماس لن يكون مستعدًا ولا حتى قادرًا على دفع أيَّة أموال للحركة، وبالتالي ستلجأ إلى التبرعات من الدول الإسلامية، وفي الوقت الذي تلتزم فيه الحركة بدفع رواتب ومستحقات مالية لعناصرها الأمنية في قطاع غزة ومن قامت بتوظيفهم في عدَّة قطاعات فإنَّها تريد مصدرًا ماليًّا دائمًا، وهذا قد يدفعها لتقديم "تنازلات" والتخلي عن حالة التعنت باتجاه تحقيق المصالحة لإلقاء عبئها المالي على السلطة الفلسطينية.

ومن غير المتوقع أن تتجه حماس إلى خيار الحرب مع الاحتلال لخلط الأوراق، فالحركة لن تلقِ بنفسها بالبحر بهذه السهولة، لكنها ستحاول إيجاد حلول بعيدًا عن السلطة الفلسطينية قبل أن تجد حماس نفسها مضطرة للتوجه إلى خيار المصالحة، والحركة تريد التوجه إلى مصر وبحث إمكانية التعاون معها في سبيل فتح معبر رفح البري كخطوة أولى باتجاه المزيد من الخطوات والعلاقات وصولًا إلى احتضان مصري لها، لكن الثمن سيكون نبذ الحركة لجماعة الإخوان المسلمين، ومن الصعب على حماس أن تفعل ذلك كونها حركة إخوانية بالأساس وستعود بالنهاية إلى خيار المصالحة لعله ينقذها من الحالة التي ستعيشها في ظل كل هذا التحالف على الحركات الإسلامية وامتدادات الإخوان المسلمين.