غيداء نجار - النجاح الإخباري - ما من شك أنّ أسرى الكرامة وحّدوا الكلمة وأزاحوا عنا هم التفكير بالمآسي وعمق الانقسام الداخلي, ولا ريب في كونهم علّمونا معنى الصبر والتضحية والفداء, ولا اختلاف في كونهم أذّلوا السجّان, ولا خلاف أنّهم أعطونا الدرس الأكبر: "فلسطين أكبر من الجميع".

القائد مروان البرغوثي والذي قاد الإضراب وسار بركبه قادة كبار يعلمون يقينًا أنّ بعض الأجندات تعمل بلا كلل أو ملل على تقويض صورة السلطة الفلسطينية مهما تعددت الأسباب لانتقادها، إلّا أن القائد البرغوثي يعلم يقينًا أن هذا الانجاز جاء نتاج دماء الآلاف ومعاناة عشرات آلاف من الأسرى وعذابات حصار وانتقام من عدو حاقد لا يُفرّق بين فلسطيني وآخر.

 إنّ الحالة الشعبية المتضامنة مع الأسرى جميلة وراقية, بل إنها الأكثر جمالاً منذ تغلغل الانقسام السياسي بين التنظيمين الأكبر في الوطن.

ورغم ذلك فإنها لم ترق للمستوى المطلوب لأسباب قد تكون منطقية في بعضها وفي غالبها بعيدة عن المنطق والعقل.

 حالة من الضبابية المُفتعلة سبّبتها بعض البيانات المزورة والتصريحات المفبركة تسببت بإفقاد الإضراب أهميته وصورته الحقيقية, سنخسر يوميًا وستخسر فتح في حال استمرت قصص القط والفأر المتبعة حالياً، والتي تزيد من الضغط المفروض على الأسرى بالداخل، ففي الساعة الأولى يتحدث البيان المزور عن قرب التوصل لاتفاق وفي بيان آخر ينفي نهائياً، وهكذا حتى تكررت قصة الراعي والذئب من جديد.

بيان منسوب لوزير الداخلية رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمدلله عكس الواقع - لو أعمل القاريء عقله سيكتشف حقًا أن هذا البيان مزوّر دون التدقيق في التوقيع المُفتشب أو المُسمى الجديد وغيرها من سقطات المزوّر . هذا رئيس الوزراء الذي زار غالب خيم الاعتصام في كل المدن الفلسطينية تضامنًا مع الأسرى واستمع لمطالبهم ومعاناتهم وقدّم ما تمكّن لضمان استمرار كرامة إضراب الكرامة .

اعتصام زوجة القائد البرغوثي أمام قبر الزعيم الشهيد ياسر عرفات به من الدلالات السياسية الكثير, الرئيس الذي يحمل قضية الأسرى في حلّه وترحاله وحكومته التي توفر الدعم اللوجيستي والنفسي لخيم الاعتصام وتتابع تفاصيل الإضراب دقيقة بدقيقة يعلمون تمامًا أن بعض الأطراف تحاول الالتفاف على الإضراب والوصول إلى حالة من الفوضى الداخلية والتي لن تُفيد الأسرى بل ستكون الضامن للفشل المحقق.

ماذا لو .. دخل أسرى حماس أو الجهاد الإسلامي دفعة واحدة للإضراب, ستذهب الأنظار نحوهم، ولو وافق السجّان على المطالب المرفوعة فإننا أمام تحقيق انتصار سيُسجّل لصالح من دخل أخيرًا .. الرأي العام ذاكرته كالسمك ولا يعترف بالأسبقية.

اعتقد انّ توجيه سهام النضال لـ"الاحتلال" أفضل من تحويلها لـ"الداخل" فالسلطة مهما كانت الصورة، ستقف مع مطالب الأسرى للرمق الأخير, وبيانات التضليل المُتعمد والتي تصدر من صفحات مشبوهة ومزورة شاهد رئيسي على محاولات توجيه السهام بعيدًا عن السجّان.

 قائدي مروان البرغوثي .. لنتكاتف سوياً قبل أن نخسر المزيد