النجاح الإخباري - يبدو المشهد الفلسطيني في لبنان مأزوما، شمالًا من مخيم نهر البارد وعدم استكمال البناء والإعمار، مرورًا بمحاربة تجار المخدرات في مخيم البداوي، مرورًا بقلب العاصمة بيروت والاحتقان في برج البراجنة وصولًا الى عين الحلوة والتوتر الأمني جنوبًا، ثمة شعور مقلق نابع من أنَّ الملف الفلسطيني وضع على نار حامية بين محاربة الإرهاب وإسقاط العنوان الفلسطيني الذي يشكل مظلة حماية سياسية.

 في عين الحلوة اليوم، تقف القوى السياسية الفلسطينية الوطنية والإسلامية أمام اختبار جديد، في تعزيز انتشار "القوة المشتركة" وتموضعها في "حيّ الطيرة" استكمالا للاتفاق الفلسطيني الموحد الذي أعلن من صيدا لإنهاء حالة الاسلامي المتشدد بلال بدر وتفكيك مربعه الأمني واعتباره مطلوبًا يجب اعتقاله حيثما وجد، ويتأرجح المشهد بين تذليل العقبات التي تحول دون ذلك وبين جولة جديدة من الاشتباكات، لم تلتئم بعد جراح أبنائه من آثارها التي بدت جلية في تضرر المنازل والمحال التجارية وعدم عودة الأهالي اليها حتى الآن.

الاختبار الجديد،وفقًا لتقرير نشره موقع "النشرة" اللبناني الإثنين لا يتعلق بتموضع "القوة المشتركة" ونجاحها من عدمه، وإنَّما في تصفية ذيول الاشتباكات التي انتهت دون نتائج واضحة، "فتح" تريد أن تستعيد هيبتها وقوتها التي إهتزت أمام القوى اللبنانية والفلسطينية السياسية منها والأمنية، وبدر يريد الحفاظ على بقائه حتى الرمق الأخير ليعيد بناء نفسه مجددًا، غير أنَّ الأوساط الفلسطينية تؤكد هذه المرة أنَّ ما بعد الاشتباكات ليس كما قبله، وأنَّ المعادلة الأمنية تغيرت دون العودة إلى الوراء والصمت على تصفية الكوادر والعناصر بين الحين والآخر.

"فتح" استكملت عدتها هذه المرة لمعركة حاسمة، اذ أنجز موفد الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن"، مسؤول الحرس الرئاسي في رام الله اللواء "منير الزغبي" إلى لبنان، التقرير المفصل والتقييم العسكري، فتبين أنَّ الخلل في الاشتباكات الأخيرة تمثل بنقص عدد الضباط في قيادة المعركة أمام شجاعة العناصر المهاجمة، وأنهت دورة تدريبية عسكرية عاجلة لنحو (40) ضابطًا وكادرًا نظمتها منذ عشرة أيام في معسكر "ياسر عرفات" في مخيم "الرشيدية"، لتكون على أهبة الاستعداد لاي تطورات أمنية في المخيم وغيرها من المخيمات الفلسطينية في لبنان.

 وأوضحت مصادر فلسطينية أنَّ ثمة اعتراضات من بدر ومجموعته من الناشطين الإسلاميين لانتشار وتموضع "القوة المشتركة"، تتمثل بالمطالبة بانسحاب حركة "فتح" من "حي الصحون" المحاذي والمشرف على "حي الطيرة" وهذا ما ترفضه على الإطلاق، إضافة إلى وقف عملية الجرف والتدشيم الجارية في موقع "النفق" التابع لـ"القيادة العامة" بزعامة أحمد جبريل، والتي يشرف عليها مسؤول الساحة اللبنانية الجديد "أبو كفاح"، فيما يرابط نحو (60 )مقاتلًا مدرَّبًا في موقع "الجبهة" القريب من "سوق الخضار" لمنع الاستيلاء عليه مجددًا كما حصل في الاشتباكات الأخيرة.

بالمقابل، أبلغ قائد القوة المشتركة العقيد بسام السعد، "أننا نجري المزيد من اللقاءات والاتصالات من أجل ضمان نجاح الانتشار والتموضع وفق ما قررته القيادة السياسية التي هي مرجعيتنا، قائلا: "همنا تحقيق أمن واستقرار الناس ولو تطلب الأمر المزيد من الوقت"، مشيرًا إلى أنَّ "الأمور تتجه نحو الأحسن واستكمال بعض الترتيبات اللوجستية".

 هذا، وخلص تقرير ميداني أعدته المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) وتناول مسح الأضرار التي أصابت المخيم وأبناءه، إلى أنَّ ثمة أسباب ذاتية وراء معركة الأيام الستة، وأنَّ الظروف الحياتية، والتهميش، والتضييق، وضعف المرجعية الرسمية، والفقر، والحرمان، كلها توفر ظروفاً خصبة للتوتر والعنف وأن المعركة كشفت وضعاً خطيراً للغاية، وهو غياب العقل والاستخدام المفرط للقوة وسهولة افتعال المشاكل، واستخدام السلاح، بغض النظر عن الدوافع، وعن حقوق السكان المحليين فإنَّه يصعب تحقيق أي هدف من خلال المعالجة الأمنية دون توفر قرار سياسي جامع، ومن دون أخذ كل الظروف بمخيم عين الحلوة بعين الاعتبار، لا سيما قضية تسوية ملف المطلوبين، وقضية محاربة الإرهاب الدولي، وقضية الأزمة السورية، والأزمة السياسية اللبنانية الداخلية.