بشار دراغمة - النجاح الإخباري - لم يعد سرًا أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس محمود عباس في قطاع غزة مؤخر، وقرار وقف علاوات الموظفين، والخطوات الأخرى التي قد تُتخذ مستقبلا، أضعفت حركة حماس وقدرتها على إدارة مجريات الحياة في قطاع غزة، وحتى اللجنة الإدارية التي شكلتها الحركة لتكون بديلا عن حكومة التوافق الوطني لا يمكنها تنفيذ مهامها إلا بأموال الحكومة وهذا وضع "حماس" في موقف لا تُحسد عليه يدفعها للبحث عن مخارج لأزمتها قد يكون ثمنها المزيد من الأرواح في غزة من خلال حرب تذهب لها الحركة بنفسها.

قرار الرئيس بوقف علاوات الموظفين والذي التزمت الحكومة بتنفيذه الشهر الماضي بالتأكيد بلورته الظروف المالية الحالية للسلطة الفلسطينية، لكنه لا يخلو من لمسة سياسية لدفع حركة حماس او حتى إجبارها لاتخاذ خطوات فعلية باتجاه انهاء الانقسام بعد الفشل المتكرر في جولات المصالحة على مدار السنوات السابقة.

ومن شأن وقف علاوات الرواتب خفض مستوى الدورة المالية في قطاع غزة وهذا سيؤدي لإضعاف حركة حماس وقدرتها على إدارة أمور القطاع خاصة مع تفاقم جملة من الأزمات الأخرى وعلى رأسها أزمة الكهرباء وما يترتب عليها من تأثيرات على كل مجريات الحياة في القطاع، فلا غرابة أن نرى غزة بدون انترنت خلال الفترة القريبة القادمة، كما أن الشلل سيطال قطاعات حيوية مركزية وأساسية لا يمكن للمواطنين الاستغناء عنها، كل هذا يشكل ضغطا هائلا على حركة حماس والتي ستجد نفسها إما مضطرة للتوجه نحو المصالحة وانهاء الإنقسام بالمعايير التي وضعها الرئيس محمود عباس، وإما الذهاب نحو حرب مع الاحتلال الإسرائيلي لتخفيف الضغط الشعبي المتزايد عليها ومحاولة حشد بعض التعاطف معها، وفي حال قررت حماس التوجه للخيار الأخير فإنها تعول على تخفيف السلطة الوطنية بعض الإجراءات فيما يتعلق بالرواتب وغيرها، ونقل مستوى الاهتمام إلى مكان آخر بعيدا عن الساحة الحالية.

ويبدو حتى  الآن، أن حركة حماس لم تحسم خياراتها وفي أي اتجاه تود الذهاب، ويمكن أن نلمس ذلك من تصريحات قادة الحركة المتقلبة في بعض الأحيان والمتناقضة في حين آخر.

فبعد وقف علاوات رواتب موظفي غزة، خرجت عدة أصوات من حركة حماس تدعو الحكومة الفلسطينية لتسلم قطاع غزة بشكل فوري، لكن لاحقا تحول الأمر إلى خطاب هجومي باتجاه السلطة الوطنية، وهو ما يؤشر أن حماس ذاهبة باتجاه معركة مع الاحتلال لخلط كل الأوراق، وقال القيادي في الحركة مشير المصري بالحرف "إن ما فشلت اسرائيل في انتزاعه بالحصار والحروب والعدوان لن يستطع عباس أن يصل إليه بالمؤامرات والتهديدات ".

وقال المصري إن حركة حماس لديها خطة معالجة لأي إجراء ضد قطاع غزة، مضيفاً:" لدينا أوراق القوة وحماس وأحرار شعبنا تدير سياستها بكل حكمة واقتدار". وفي كلمات المصري هذه إشارة واضحة على خيار التوجه نحو الحرب مع الاحتلال، فلا أوراق قوة لدى الحركة سوى الحرب.

لكن يبقى السؤال مفتوحا، إلى أي مدى تريد حماس خوض الحرب الجديدة وماذا سيحدث في اليوم التالي لانتهاء الحرب؟