نابلس - وفاء ناهل - النجاح الإخباري - سجلت نسبة القروض والتسهيلات التي منحها القطاع المصرفي الفلسطيني، للحكومة الفلسطينية تجاوز نسبة (20%) عن الحد المسموح به  وهو ما وصفه خبراء اقتصاديون بمثابة تجاوز للخطوط الاحمراء للاقتراض، اضافةً لما سيحمله من اثار سلبية على المدى البعيد، وكذلك المخاطر المترتبة على القطاع المصرفي في حال تعثر الحكومة عن سداد دينها.

حيث تجاوزت الحكومة سقف الاقتراض المسموح به وهو (1.5) مليار دولاراً، ليصل الى (1.7) مليار دولاراً، فلم يسبق ان سجلت الحكومة هذه النسبة من الاقتراض.

الحكومة لن تتمادى اكثر بالاقتراض

الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج، تحدث عن مخاطر وانعكاسات تجاوز الحكومة السقف المحدد للاقتراض، حيث اكد ان  الانعكاس الاول لتجاوز الحكومة السقف المحدد للاقتراض من البنوك قد يكون عدم مقدرتها على السداد لان القرض واجب السداد حسب المدة المتفق عليها مع الفوائد المترتبة عليها.

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": الخطر الاخر يتمثل بأنه لا يوجد ضمانات للبنوك الا ضمانة سلطة النقد الفلسطينية، والتي لا نعلم كم حجم الأصول الرأس مالية والاوراق المالية التي تملكها، ووهل القروض التي منحت للحكومة تغطى من الاصول،  اي هل الضمانات التي قدمتها سلطة النقد للبنوك تغطي قيمة القروض التي منحت".

واشار الحاج الى ان المعضلة الاخرى تتمثل بأنه لا يوجد رؤيا بتطور اقتصادي، في القطاعات المختلفة، او في الأداء المالي بالتالي قد يترتب على ذلك عدم القدرة على السداد.

وفيما يتعلق بالمخاطر المترتبة على البنوك اضاف:" حصول الحكومة على قروض وتسهيلات غير مسبوقة،  يمس الملائة المالية للمصارف الفلسطينية وقد يمس حقوق وذلك قد يؤثرعلى الثقة بالبنوك، من قبل المساهمين ، واذا تزعزعت الثقة، قد يذهب المساهمون للمصارف الوافدة لأنها غير ملزمة بتقديم قروض للحكومة، وبهذا تصبح السيطرة للبنوك الوافقدة على حساب البنوك المحلية، كما وانه اذا كان رأس مال البنك لا يتحمل خسائر عدم مقدرة الحكومة على السداد، ربما يشهر افلاسه، وقد نشهد اندماج في البنوك الفلسطينية".

واشار الحاج الى ان البنوك ربما تلجأ لتسريح عدد من موظفيها، وهذا ما سيزيد نسبة البطالة.

وحول امكانية استمرار الحكومة بالاقتراض من القطاع المصرفي قال الحاج:"  الحكومة لن تتمادى اكثر بالاقتراض،  لان هناك سقف معين ووصل للمؤشرات الحمراء ولا يمكن باي حال تجاوزه".

وفيما يتعلق بالحلول لعدم الذهاب للمزيد من الاقتراض تابع الحاج:" الحلول تتمثل بالتخفيف من النفقات والترقيات التي لا زالت تمارس، والتخفيف  من النثريات والتعينات والمزايا التي تمنح، كما ان هناك اموال للسلطة متمثلة بصندوق الاستثمار الفلسطيني لا احد منا يعلم حجم الاموال التي تتوافر بهذا الصندوق".

الاقتراض الحكومي سيؤثر على ارباح البنوك

الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، اكد انه لا يمكن الحديث عن حد مسموح به للاقتراض، لانه لا يوجد حد صارم، مضيفاً:"  كان هناك توجهات بان يتم وضع ضوابط على الاقتراض الحكومي، لان نسبة القروض التي يحصل عليها القطاع الحكومي من المصارف،  إزدادت، ووصلت لـ (20%) وهذه النسبة لجهة معينة تعتبر عالية جداً".

وتابع عبد الكريم في حديث لـ"النجاح الاخباري":  فيما لو عجزت  الحكومة عن التسديد لاي سبب امني او سياسي، هذا سيجعل الحكومة تدخل بتصنيف الحكومة المتعثرة، وهناك قروض بقيمة حوالي مليار و (300 )مليون دولار حصل عليها موظفو القطاع العام بضمان رواتبهم، وعندما نضيفهم يصبح الرقم عالي جدا اي ما نسبته( 32%) من مجموع التسهيلات للحكومة وموظفيها".

وحول المخاطر المحدقة بالبنوك في حال تعثر السداد من قبل الحكومة قال:" عدم القدرة على السداد سيكبد البنوك الخسائر، فأي قرض يتعثر سداده يصنف بالقرض المتعثر، وبالتالي يؤثر على ارباح البنوك".

وفيما يتعلق بسيناريو لجوء بعض البنوك لاغلاق ابوابها قال نصر:" لا يمكن ان تذهب البنوك لاغلاق ابوابها او الافلاس،  فنحن نتحدث عن قطاع يحقق ارباح من الممكن انها تراجعت وهو شيء طبيعي بسبب الازمة الحالية، لكن بالمقابل لديها قاعدة اصول ، تقدر بـ(18 مليار دولار)  وودائع تقدر بـ(14 مليار دولار) اضافة للارباح المتراكمة".

واضاف:" حتى لو افترضنا ان الحكومة لم تدفع ما عليها وهو مبلغ يقدر بـ(1.5) مليار دولار،  فهي مجتمعة كقطاع مصرفي ستبقى قادرة على امتصاص الخسائر حتى لو كانت ستؤثر على مساهمتها وسيولتها".

وحول الحلول لعدم الاستمرار بالاقتراض قال عبد الكريم:" الحل ايجاد مصدر تمويل خارجي على شكل قروض خارجية، و كان الحديث عن قطر لكن حتى الان لا يوجد مؤشرات او حلول اخرى، فالحكومة امام خيارين  اما ان تقترض من البنوك او تتلقى مساعدات، و غير ذلك لا يوجد حل لان الايرادات المحلية التي يوردها الاقتصاد المحلي لا تكاد تكفي ربع فاتورة الراتب".

البنوك لن تستمر بإقراض الحكومة

الخبير الاقتصادي د. بكر اشتية  تحدث عن انخفاض  الايرادات التي  كانت الحكومة تحصلها من الاسواق الفلسطينية، حيث أكد تراجعها من ( 350 مليون) الى (180) مليون.

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": الحل الوحيد امام الحكومة كان الاقتراض من البنوك، وذلك بعد استنفاذ كل امكانيات الحصول على مساعدات من الدول العربية او ممن كنا نعتقدها شبكة امان عربية والتي انتهت حالياً بشكل كامل وحتى القروض اصبحت ممنوعة من قبل شبكة الامان العربية".

وشدد اشتية على ان اثار الاقتراض الحكومي من البنوك اثاره ستكون سلبية، حيث انها ستزيد من الدين العام، وهناك فوائد يجب ان تسدد والتي ستكون على حساب الاجيال القادمة،  اضافة الى ان  الحكومة تزيد نسبة تركز الاقتراض،  وهي ظاهرة سلبية، والمقصود بها هو ان يتركز الاقتراض من القطاع المصرفي على جهة معينة، فهو يهدد سلامته لان اي انهيار لهذا القرض المتركز لفئة معينة سيعني بالضرورة انهيار بالقطاع المصرفي.

وتابع اشتية:" التركز الحكومي للاقتراض من البنوك تجاوز (20% ) وهذا يعني تهديد سلامة اداء القطاع المصرفي، اضافة الى ان القطاع الحكومي، اصبح يزاحم  القطاع الخاص على الاقتراض بمعنى ان البنك يرى انه من الاسهل اعطاء القرض للحكومة، بدلا من القطاع الخاص والافراد وهذا  الخيار غير جيد اقتصاديا".

وفيما يتعلق بخيارات الحكومة، قال اشتية:"  لا خيارات امام الحكومة سوى طرف وسيط لحل ازمة المقاصة، واذا استمرات الامور بهذا السياق فأتوقع انه ومع نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني، سنكون على حافة انهيار للمنظومة الاقتصادية للحكومة وهذا الانهيار متوقع  اذا استمرت الامور كما هي الان".

وحول امكانية استمرار البنوك بإقراض الحكومة اضاف اشتية:" لا امكانية ان تستمر البنوك بإقراض الحكومة، فالبنوك نفسها سترفض واعتقد اننا لامسنا الخطوط الحمراء، فيما يتعلق باقتراض الحكومة من القطاع المصرفي الذي لن يتمكن من الاستمرار بذلك".