نابلس - ميساء أبو العوف - النجاح الإخباري - سيطرت أزمة الكهرباء وانقطاعها المتكرر في محافظات الضفة الغربية على حديث الشارع الفلسطيني، خاصة في ظل أجواء الحرارة التي ضربت فلسطين خلال الايام الماضية ، وذلك بسبب الضغط الكبير على استهلاك الكهرباء، وزيادة الاحمال. الامر الذي دفع عددا من المواطنين الى الاحتجاج، مطالبين البلديات بتحمل مسؤولياتها والعمل على معالجة تلك المشكلة في ظل الارتفاع غير المسبوق على درجات الحرارة .

وبالرغم  من الاعلان عن برنامج يومي لقطع التيار الكهربائي عن مختلف المناطق بمعدل ساعة واحدة عن كل منطقة، إلا أن الانقطاع تكرر في اليوم الواحد لأكثر من مرة عن بعض المناطق، كما زادت مدة القطع لساعة ونصف وهو ما أدى إلى تذمر المواطنين واستيائهم من الوضع القائم منذ سنوات دون أية حلول مجدية فقط وعود تذهب في مهب الريح.

تذمر المواطنين

يقول احد المواطنين رفض ذكر اسمه،" لقد عجزت بلدية طولكرم ومنذ سنوات عن إيجاد حل جذري لمشكلة انقطاع التيار الكهربائي المتواصل عن المدينة، حيث تتفاقم المشكلة بشكل سنوي تحديدا في فترة الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة في المدينة فلم نعد نتحمل ذلك."

وتوافقه الرأي المواطنة ابتسام محمد والتي ترى أن الانقطاع المتكرر للكهرباء أكثر من مرة في اليوم يؤثر بشكل سلبي على الاجهزة الكهربائية، الأمر الذي تسبب في تعطلها.

"حسبي الله ونعم الوكيل اغنى بلدية في الوطن واتعس خدمات"، بهذه الجملة بدأ المواطن أحمد خزنة حديثه معبراً عن استيائه الشديد بسبب تكرار فصل التيار الكهربائي في  ظل هذه الاجواء الحارة مضيف:" لا نستطيع التنفس مع هذه الأجواء ومما يزيد الطين بله عدم وجود الكهرباء، لم نعد نحتمل ذلك كبار السن والمرضى والاطفال جميعهم يعانون من هذه المشكلة نريد حل سريع لإنهاء هذه الازمة المتكررة".

في حين يرى صاحب محل لبيع المثلجات في نابلس أن ما يجنيه من ربح يضعه تكاليف للمولدات الكهربائية، التي شكلت عبئا ثقيلا عليه وعلى غيره من المواطنين وأصحاب المحال التجارية والذين اضطروا لشراء هذه المولدات للتخفيف من حجم الخسائر التي قد تلحق بهم نتيجة هذا الانقطاع."

ونظرا للانقطاع المتكرر وبدون فاصل زمني للكهرباء في مدينة طولكرم قام أحد المواطنين بتسجيل الاوقات التي يتم فصل التيار الكهربائي عنه من باب الدعابة حتى أنه سجل الأوقات التي ترمش بها الكهرباء على حد تعبيره كم يلي :

"كان المطلوب من البلدية أن تجتهد خلال السنة الماضية على الأقل بحلول للخروج من هذه الأزمة"،  هكذا عبرت فاطمة حسين عن غضبها لانقطاع الكهرباء قائلة :" هذه أزمة غير مستوعبة "في كل عام تتكرر المعاناة درجات حرارة عالية وأطفال يصرخون عدا عن تلف الاجهزة الكهربائية وتلف الاطعمة داخل الثلاجات، وتساءلت ماذا ينتظرون في كل عام نفس المأساة دون جدوى؟.

تقليص ساعات القطع

من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء الشمال محمد الشنار، أن الجميع يمر حاليا في أزمة سواء المواطن أو شركة التوزيع وذلك بسبب محدودية قدرتها في مجال توفير الطاقة أو حتى الطاقة التي تصل لها من الجانب الاخر.

وأضاف في حديث لـ "النجاح الاخباري" أن حجم القدرة المتوفرة في محافظة نابلس كما هي منذ 10 سنوات ولم يتم إضافة أو زيادة أي قدرة إضافية عليها، الامر الذي أوجد عبئا كبيرا على الشركة.

وأوضح أن الشركة حاولت وضمن إمكانياتها المتاحة أن تخفف الضغط على استهلاك الكهرباء خاصة خلال هذه الفترة والتي تشهد استهلاكاً كبيراً نظرا للأجواء الحارة التي تعيشها فلسطين بحيث تم ترتيب جدول لقطع التيار عن المناطق لمدة ساعة أو ساعتين حسب الضغط الموجود في تلك الفترة ولكن المشكلة تكمن في قطع الكهرباء بشكل مفاجئ من الجهات الاخرى بدون إبلاغ أو تحذير.

وأرجع سبب تكرار الانقطاع عن بعض المناطق أكثر من مرة في اليوم الواحد، أو لفترة تزيد عن الساعة عن المنطقة الواحدة، إلى تخفيض القدرة من المصدر، وهو الشركة القطرية.

واستدرك الشنار قائلا:" نحن شركة توليد ولسنا شركة انتاج وتواصلنا مع كل الجهات لإيجاد حل للمشكلة، وخلال السنة الماضية كان من المفترض توفير قدرة إضافية ومسارات جديدة لكن لم يتم تنفيذ أي شيء من ذلك".

وفيما يتعلق بالخطط الاستراتيجية القادمة للتقليل من ساعات القطع، أشار الى أنه في ظل الشهور الستة الماضية ومع ازمة كورونا تم إعاقة الكثير من الإجراءات، مضيفا ورغم ذلك وضعنا خطة استراتيجية لمعالجة ذلك من خلال عدة مسارات:

المسار الاول: الطاقة الشمسية وتخزينها لزيادة القدرة وكانت هناك وعود قوية بتوفيرها من خلال المشاريع. مما يعطي امكانية الاستفادة من الطاقة المتولدة في وقت لاحق.

المسار الثاني: توفير قدرة لحوالي 20 ميغاوات لكن كورونا حالت دون التوصل لاتفاق بشأن هذا الموضوع.

وتابع الشنار لـ "النجاح الاخباري"، :" أيضا هناك محطة صرة وهي جاهزة منذ عدة سنوات وهناك جهود تبذل لتشغيلها من خلال اتفاقية توقع بين شركة النقل والشركة القطرية، كما أن شركة توزيع كهرباء الشمال أتمت كافة التجهيزات الفنية بحيث يتم الاستفادة منها فور تشغيلها، لكن هناك مماطلات من الجانب الإسرائيلي، مشيراً الى تشغيلها متوقف على قرار سياسي، حيث يربط الاحتلال تشغيلها بتسديد جميع ديون شركة كهرباء القدس، علما أن "كهرباء الشمال" ليس عليها أية ديون للشركة القطرية الاسرائيلية.

وأردف قائلا:" هناك محاولات تبذل في سبيل إيجاد محطة لتوليد 20 ميغا واط بحيث تعمل بالغاز وذلك في بداية السنة، لكن الاغلاقات بسبب تفشي فيروس كورونا أعاقت المباحثات التي كانت تجرى مع شركة تركية لإنجاز هذا المشروع".

ولفت إلى أنه "منذ شهرين كان الحديث يدور عن إنشاء محطة لإنتاج الكهرباء (لسنا المنشئين) لكن سنكون المستفيدين منها بقدرة 20 ميغا."

خط ثالث بقدرة 200 امبير

من جهته، أوضح رئيس بلدية طولكرم محمد يعقوب أن السبب الرئيسي لاستمرار قطع التيار الكهربائي عن المحافظة يرجع إلى أن الطاقة المأخوذة من الشركة القطرية هي خطين فقط خط 1 و2 ولكل خط 430 أمبير وذلك منذ 10 سنوات.

وتابع في حديث لـ "النجاح الاخباري":" طالبنا بتوفير 200 أمبير حتى نستطيع توفير طاقة لان الاستهلاك يزيد في كل سنة، والقدرة محدودة ب430 امبير، وهناك مطالب سابقة من10 سنوات لزيادة القدرة على الخطين ولحد الان لم يتم ذلك، وهناك تحفظ من قبل الشركة القطرية على ذلك، وتم التواصل مع سلطة الطاقة وكانت هناك وعود بإعطائنا خط من قباطية منذ سنتين ولكن للأسف الشديد لم يتم تنفيذ اي شيء."

ولفت يعقوب إلى أن سلطة الطاقة قدمت حلول أحدهما دائم وطويل الامد من خلال محطة تحويل صرة لإعطاء طولكرم طاقة تكفي ل15 عاما. أو من خلال حل سريع وهو تحويل 10 ميغا من قباطية لمدينة طولكرم لكن هذا تعطل بسبب وقف التنسيق مع الاحتلال ولم يتم حتى الان.

وأكد رئيس بلدية طولكرم أنه لا توجد ديون متراكمة على البلدية فقط هناك ثلاثة شهور غير مدفوعة وهي شهر 2و3و4.  مضيفا: "مستعدون لدفعها فالقطع بسبب عدم وجود قدرة وليس بسبب الديون".

وأشار الى وجود مولدات يتم تشغيلها خلال الصيف لتعويض النقص لكن بسبب الاجواء الحارة الشديدة فإن المولدات غير كافية، قائلا:" بالرغم من وجود جدول للقطع وتوزيع الأحمال إلى أنه مع الحرارة العالية حتى مع القطع فإن الامبيرات تصل الى الحد الاعلى."

وأضاف بأن الحل الوحيد هو الحصول على خط ثالث بقدرة 200  امبير من الشركة القطرية وقد تم طلب ذلك وبانتظار موافقة "الاسرائيليين "عليه.

محطات التحويل ستحل المشكلة

بدوره أكد رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم أن السبب الرئيسي لانقطاع التيار الكهربائي خلال هذه الفترة ناتج عن الارتفاع غير المسبوق  لدرجات الحرارة، إضافة إلى تنصل الجانب "الاسرائيلي" من وعوده بتشغيل محطات التحويل وإعطاء القدرة اللازمة لتلبية احتياجات المواطنين.

وأردف قائلا: "هذا بالإضافة إلى وجود عجر في الطاقة الكهربائية في بعض المناطق مثل طولكرم الخليل ونابلس، وطلبنا من الجانب الاسرائيلي بتزويدنا ورفع القدرات لكن للأسف لم يستجب لمطلبنا."

وأضاف في حديث لـ "النجاح الاخباري"، إن سلطة الطاقة قامت ببناء أربع محطات تحويل في جنين، نابلس، رام الله والخليل .ومع تشغيل هذه المحطات لن يكون هناك عجز  في الطاقة الكهربائية حتى 2025.

وتابع ملحم:" نقوم حاليا بدراسة بناء خمس محطات إضافية في الخليل والعيزرية ورام الله وقلقيلية وطولكرم واريحا ومن خلال هذه المحطات نستطيع استقبال قدرات اكبر سواء من محطات توليد فلسطينية او محطات تقليدية او محطات طاقة شمسية وبالتالي تهيئة الظروف للاستغناء عن المصدر الاسرائيلي".

وأشار الى وجود وعود لتشغيل محطات التحويل الثلاث قريبا، ما يؤدي الى حل مشكلة طولكرم ونابلس ورام الله والخليل.

وشدد ملحم على تشجيع مشاريع الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية قائلا: "نحن مستعدون لترخيص أي مشروع يتقدم الينا من قبل مطورين فلسطينيين او حتى مطورين اجانب بالشراكة مع مستثمرين فلسطينيين. وهناك حاليا في فلسطين حوالي 80 ميغا واط  طاقة الشمسية نأمل رفع هذا القدرات الى حوالي 130 ميغا واط."

وفي ظل الواقع المرير وتحكم الاحتلال بمصادر الطاقة الكهربائية ووضعه العراقيل يبقى المواطن الفلسطيني هو الضحية أمام الابتزاز الإسرائيلي.