النجاح الإخباري - قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أن نظيره الحالي بنيامين نتانياهو يسعى من خلال خطة الضم إلى إشعال المنطقة لضمان بقائه في الحكم.

ولفت أولمرت في مقابلة مع صحيفة "إيلاف" السعودية أن إسرائيل ليست بحاجة الى غور الأردن، منوهاً بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.

وتابع: "لإسرائيل مصلحة في الانفصال عن الفلسطينيين ومنحهم إمكانية إقامة دولتهم لتقرير مصيرهم. ونحن دولة تؤمن بحق تقرير المصير لكل الشعوب ولا نقاش في إسرائيل 2020 ولا في إسرائيل 2008 حول حق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة. الفلسطينيون شعب ولهم الحق في تقرير مصيرهم وعلينا تمكينهم من ذلك، بالطبع مع اتفاقيات وتفاهمات معينة حول الحدود والأمن".

خطة الإنطواء

ومضى قائلا: "حاولت ذلك مع الجانب الفلسطيني. هنا اريد أن اذكر أنني عندما انتخبت رئيسًا للحكومة في عام 2006 قلت إن لدي خطة الانطواء وهذه الخطة مبنية على مرحلتين، الأولى مفاوضات مع الجانب الفلسطيني للتوصل إلى اتفاق جدي وبعيد المدى، وقلت إنني مستعد للانسحاب من كل الضفة الغربية تقريبًا إلى حدود 1967، أكثر أو أقل، مع تبادل أراضي من أجل تسليم الفلسطينيين مساحة تساوي مساحة الضفة الغربية وتقسيم في القدس. وقلت أيضًا إننا إذا استطعنا أن نصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين بالمفاوضات فهذا سيكون ممتازًا وإن لم نصل إلى اتفاق فعلينا القيام بخطوات أحادية من جانبنا لخلق واقع يفصل بيننا وبينهم. اعتقد أنني لو بقيت رئيسًا للحكومة عدة أشهر أخرى لكنا توصلنا إلى اتفاق، وقال الرئيس محمود عباس ذلك أيضًا عندما التقيته في نيويورك أخيرًا. الحقيقة أنه لم يوقع الاتفاق ولم يرفضه، وأعتقد أنه أخطأ خطأ كبيرًا".

وردا على سؤال إن كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يوقع بسبب اتهام اولمرت بالفساد والتحقيق معه، رد: "نعم، صحيح، لكن هذا عذر غير مقنع. كان يستطيع أن يوقع في الأشهر الأخيرة التي سبقت انتخابات عام 2009. عند ذلك يستطيع أن يقول للحكومة المقبلة إنه وقع اتفاقًا مع حكومة إسرائيل، وكان يستطيع أن يحرج حكومة إسرائيل في هذا الأمر. أريد أن أقول هنا إن الحقيقة هو أن الفلسطينيين لم يوقعوا الاتفاق، فهذه وصمة في التاريخ الفلسطيني، إلا أن ذلك ليس سببًا لتقوم الحكومة الاسرائيلية بأي خطوة تتعارض مع مصلحة إسرائيل. فمصلحة إسرائيل العليا هي في الاتفاق مع الفلسطينيين ولا ضم الأراضي من دون السكان أو الأراضي مع السكان أو السكان من دون الأراضي أو أي ضم أحادي آخر. فذلك سيكون كارثة على إسرائيل، وسيؤدي إلى فوضى بين العرب واليهود، وسيؤدي إلى موجة أعمال إرهابية ومواجهات. بالطبع، عندما يكون إرهاب فسوف نتهم الإرهابيين بأن يقوموا بالأعمال الإرهابية، لكني أحذر من هذه الخطوات الأحادية، والسؤال: لماذا نقوم بهذا الاعمال التي ستؤدي إلى الإرهاب والمواجهات؟".

هراء

وردا على سؤال إن كان ضم غور الأردن بالفعل ضرورة امنية لإسرائيل، قال أولمرت: "أريد أن أقول إن هذا هراء. فنحن لسنا بحاجة إلى غور الأردن من أجل أمن إسرائيل. نستطيع أن نحافظ على حدودنا من دون الغور وكل من يقول إن الغور مهم للأمن يكذب على الشعب. أقول لك ذلك كرئيس حكومة إسرائيلي سابق وانا إسرائيلي ووطني إسرائيلي. كنت قد توصلت إلى اتفاق في حينه مع الملك الأردني عبد الله الثاني، لن نستطيع التوصل إلى حل مع الفلسطينيين إن لم ننسحب من غور الأردن، وقلت للملك هل انت مستعد لنشر قوات الناتو على الحدود الإسرائيلية مع الفلسطينيين من أجل منع انتقال السكان وتغيير الميزان الديموغرافي للأردن او للأراضي الفلسطينية؟ أجابني الملك عبد الله: "نعم". وكنت قد أطلعت الإدارة الأميركية على ذلك وحصلت على موافقة الرئيس جورج بوش وادارته، حتى أن وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس التقت الملك عبد الله الثاني فأكد لها موافقته على الأمر.

لا حاجة للضم

واكد أولمرت على انه لا حاجة لإسرائيل لضم غور الأردن، وقال: "عندما تقدمت في المفاوضات مع أبو مازن، أوعزت إلى الجيش تحضير خطة أمنية في حال قيام دولة فلسطينية في حدود 1967 تقريبًا مع الاحتفاظ بنحو 4 في المئة من الضفة الغربية، ومبادلة الأراضي، ويكون حجم الدولة الفلسطينية بحجم ما كانت علية المناطق في عام 1967 وأعدوا خطة النقاط الثمانية، وكان إيهود باراك وزير دفاع، وكان يناقشني في ذلك، وأوكلت له المهمة بتحضير الأمر وطرح الخطة أمام الرئيس الأميركي جورج بوش عند زيارته لنا في القدس، وكنت حاضرًا عند طرح النقاط الثمانية. في هذه الخطة لم يكن هناك أي بند للاحتفاظ بغور الأردن، لكن كان ثمة بند أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وفي حين دخول أي جيوش أجنبية أو غريبة من الأردن باتجاه الأراضي الفلسطينية بطريقهم لإسرائيل، فان إسرائيل تستطيع الدخول إلى غور الأردن من أجل صد أي هجوم من دون أن يعتبر ذلك اعتداء على سيادة دولة أخرى أو احتلالًا غير قانوني. بعد انتخاب باراك أوباما رئيسًا لأميركا، ذهبت إلى الإدارة الأميركية وأصريت أن ينقلوا إلى أوباما خطة النقاط الثمانية والانسحاب من الغور وإبقاء إمكانية إسرائيل الدفاع عن نفسها. الفلسطينيون لم يرفضوا الخطة عندما طرحتها عليهم، وأنا لست مسؤولًا عنهم ولن أفسر موقفهم لكن الحقيقة أنهم لم يوقعوا. لكن يجب أن نقول باستقامة إن دولة إسرائيل في السنوات العشر الأخيرة ترفض السلام، وفعلت كل ما بوسعها لإجهاض كل إمكانية للمفاوضات، وعمليًا الجهة الفلسطينية الوحيدة التي تعاونت معها حكومة إسرائيل كانت حركة حماس. لان حماس عدو تعاونوا معهم وتجاهلوا أبو مازن وتعمدوا إذلاله ووصفوه بأنه أكبر أعداء الشعب اليهودي في العالم. هذا العدو الأكبر يتعاون مع دولة إسرائيل في محاربة الإرهاب. لذلك اعتقد أن ما يقوم به رئيس الحكومة في مسألة الضم الأحادي، فانا عندما تحدثت أخيرًا مع أبو مازن عن الرئيس دونالد ترمب قلت له إنني كإسرائيلي أقول عليك أن تعتبرها أرضية للمفاوضات شريطة أن يقبلوا بأمرين: الأول إقرار الحدود، والثاني إقامة دولة فلسطينية. قلت له إنه إذا كان ترمب مصرًا على أن تنفيذ خطته سيكون منوطًا بإقامة دولة فلسطينية، وتقول إنه إذا أعلن نتانياهو إنه يقبل بإقامة الدولة الفلسطينية، فانت مستعد للدخول في مفاوضات، ونتانياهو لم يعلن ذلك حتى الآن على الرغم من ورود ذلك في خطة ترمب. جزء من اليمين يقول نريد أن نضم مناطق وبعد ذلك نمنع إقامة دولة فلسطينية، وجزء أخر في هذا اليمين يقول يجب ألا نضم حتى لا يضغط الاميركيون على نتانياهو لإقامة دولة فلسطينية وهو سيرضخ لهم. نتانياهو لا يريد هذا ولا ذاك هو يريد أن يكذب على الجميع ويخدع الجميع حتى يضم المناطق ولا تقام دولة فلسطينية، وهذا لن ينجح".

لا سلام دون الفلسطينيين

وبخصوص ما يشاع عن علاقات بين إسرائيل ودول الخليج، اجاب أولمرت: "لدول الخليج قيادات حكيمة وذكية ومسؤولة وهناك علاقات هادئة ومستقبل لعلاقات جيدة مع إسرائيل، وهم لن يغيروا هذه العلاقات مع إسرائيل ما دام لا يوجد اتفاق سلام مع الفلسطينيين ولا أظن أن هناك أي أحد يمكنه أن يوهم نفسه أن الدول الخليجية ستوقع اتفاقيات مع إسرائيل قبل أن يتوصلوا إلى حل مع الفلسطينيين وكل من يتباهى بطائرة شركة الاتحاد الإماراتية التي هبطت في مطار بن غوريون، فعليه أن يعترف بأن هذا الطائرة جلبت مساعدة طبية للفلسطينيين وليست رحلة لإسرائيل، والسعودية مثلًا لم توافق أن تمر تلك الطائرة من أجواءها في طريقها إلى إسرائيل مع أن البعض يتحدث هنا أن السعودية صديقة لنا ولديها علاقات معنا، لكن علينا أن نعي انهم لن يتفقون معنا من دون الفلسطينيين. فمثلًا، هل تعتقد انه لو اتصل نتانياهو اليوم بالملك الأردني عبد الله الثاني ودعاه لزيارة إسرائيل فهل سيقبل الملك الدعوة؟ أقول لك بالتأكيد لا لن يقبل الدعوة ولن يدعو نتانياهو لزيارة عمان او العقبة. لماذا؟ لأن إسرائيل بالنسبة إليهم هي التي تقمع الشعب الفلسطيني وعلينا التوقف عن ذلك فورًا.

ورأى أولمرت خلال المقابلة المطولة والتي تطرقت ايضا للملف السوري واللبناني والإيراني أنه على إسرائيل الإسراع في توقع اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وقال: "أعتقد أن علينا الحل بأسرع ما يمكن، وعلى الحكومة التفاوض مع محمود عباس وعدم الانتظار إلى حين بروز قيادة أخرى قد يستغرقها وقتًا طويلًا لتحصل على الشرعية من كل الفصائل مثل السيد محمود عباس وهو الشريك الوحيد الذي وافق كل الشعب الفلسطيني على قيادته وعلينا العمل سريعًا، وليس لدينا الوقت للانتظار أكثر، وليس لديهم أيضًا الوقت يجب التوصل للسلام مع الفلسطينيين بأسرع وقت ممكن".

نتانياهو يزرع الكراهية والانفصال والتفرقة

 

وهاجم أولمرت خلال المقابلة، نتانياهو وقال إن "أسلوب الإدارة وثقافة الحوار في إسرائيل في السنوات الأخيرة، هي ثقافة الكراهية والانفصال والتفرقة، وهذا أسلوب قاس، وجديد في ثقافة الحوار السياسي في إسرائيل، لم يكن متبعًا سابقًا. هذا يظهر جليًا في عدة مستويات، وأنا قلق جدًا من الوضع الذي يتم به تصوير عرب إسرائيل على انهم أعداء ويريدون بخراب دولة إسرائيل، وهذا ليس صحيحًا ونتانياهو يعلم أن ذلك غير صحيح، لكنه لا يهتم لاستغلال ذلك واستعمال ذلك خلال حملاته من اجل تصوير اليسار الإسرائيلي الذي يتعاون مع العرب على انهم أعداء للدولة وذلك من اجل تقوية قاعدته الشعبية، وهذا امر فظيع، ويظهر أيضًا ذلك في قانون القومية الذي سنوه، وهذا مؤشر خطير وكل هذه الأمور كانت جلية في حملاته الانتخابية الثلاث الأخيرة".

وتابع اولمرت" من جهة أخرى، نتانياهو هو المسؤول عن الإنجاز الكبير الذي حققته القائمة المشتركة والتي حصلت على 15 مقعدا الامر الذي ما كانت لتحلم به القائمة لولا سياسة التخوين والتفرقة والتحريض التي انتهجها نتانياهو، والتي لم تعط الناخب العربي أي إمكانية للاختيار غير القائمة المشتركة بسبب الخوف والكراهية التي كانت ضده وضد الجماهير العربية".

واضاف: "نتانياهو صور كل خصومه السياسيين خونة ويساريين ومستعدين للتنازل عن كل شيء وعن أمن إسرائيل وشن حربًا ضد الشرطة وضد الادعاء العام وضد الجهاز القضائي، وهذا أمر غير مسبوق والتسبب في أجواء الانقسام والتحريض والتخويف وهذا بان أيضًا في مسألة معالجة جائحة كورونا".