ماجد هديب - النجاح الإخباري - من الملاحظ وخاصة في الآونة الأخيرة بأن الفلسطينيين في قطاع غزة وفي المقدمة منهم رجال الاعلام والقضاء باتوا لا يدركون وللأسف خطورة تغييب التوصيفات القانونية والمصطلحات الإعلامية المتفق عليها عرفا وعادة وقانونا ،وذلك من خلال الاتجاه نحو استخدام المصطلحات والتوصيفات التي تحاول حركة حماس ترسيخها في خطابها الإعلامي الذي لا يتوافر فيه  المصداقية والموضوعية عند التعبير عن الحقائق الثابتة ، حيث أن غياب تلك التوصيفات القانونية في إجراءات التقاضي امام المحاكم  قد يؤدي ونتيجة لحالة الصدام ما بين الواقع الدستوري والتنظيمي في ساحات القضاء الى غياب العدل ، كما ان غياب تلك المصطلحات الإعلامية في الوسائل الإعلامية العاملة في غزة قد تؤدي أيضا الى حالة من الاسناد في تعزيز الانقسام  والاتجاه نحو الانفصال  ،وهذا ما يجب ان يتنبه اليه القضاة والمحامين ورجال الاعلام لعظم الامانة المسؤولين عنها  امام الله ،فكيف لقاض في غزة ان يحكم على مواطن مثلا  بتهمة تأليب الناس ضد السلطة في الوقت الذي لا اتفاق فيه   بين القاضي والمحامي والمتهم على  تعريف تلك "السلطة "، فأي سلطة هي تلك التي أقسم القاضي بالدفاع عن حماية القانون فيها وتطبيقه بأمانة وعدل؟، واي إعلام ذلك الذي يتداول في وسائله مثلا مصطلح  " وزارتي الاعلام والداخلية في غزة" في الوقت الذي لا حكومة في غزة منذ اعتراف حركة حماس نفسها بحكومة الوفاق الوطني واستقالة السيد إسماعيل هنية؟.

ان نجاح الخطاب الإعلامي لحركة حماس في فرض توجهاتها السياسية والأيديولوجية من خلال توصيفاتها ومفرداتها ،واستخدامها أيضا للمصطلحات المضللة والمغرضة للتأكيد على شرعية سلطتها ووجوب الخضوع لها بعيدا عن السلطة الفلسطينية والأنظمة والقوانين المعمول بها ،ومن بينها ترسيخ وفرض مصطلحات "حكومة غزة "، "النائب العام في غزة"، قد أدى إلى اختراق عقل المواطن الفلسطيني ،وهذا ما سيؤدي حتما الى ترسيخ الواقع التي تتطلع الى تحقيقه وهو تكريس الانقسام والاتجاه به نحو الانفصال والتعايش معه ،وهذا ما يجب ان يتنبه اليه رجال القانون والاعلام ،وما يجب ان تتنبه اليه أيضا السلطة الوطنية الفلسطينية  لما في ذلك من خطورة على النظام السياسي والقانوني.

ان عدم التزام رجال القضاء والاعلام بالتوصيفات القانونية والمصطلحات الإعلامية المعمول بها دستوريا وانزلاق هؤلاء نحو استخدام مصطلحات وتوصيفات تطابق الخطاب الإعلامي لحركة حماس الذي يعمل على تأسيس واقع اعلامي وقضائي جديد لا مكان فيه للنظام القضائي الفلسطيني لا يؤدي إلى غياب العدل وشيوع الفوضوية الإعلامية فقط ،وانما الى انهيار النظام السياسي، وعليه  فان المطلوب الان وقبل فوات الأوان هي الدعوة الجدية لرجال الاعلام والقضاء بضرورة عقد ورشة عمل يتم الاتفاق خلالها على  إعادة ضبط المصطلحات الإعلامية والعمل وفقا للتوصيفات القانونية بمقتضى ما نص عليه  الدستور، وليس بمقتضى ما  تحاول حركة حماس فرضه من وقائع لا علاقة للسلطة الوطنية فيها حتى لا تغيب مؤسسات الدولة ،وحتى لا ينتهي النظام السياسي أيضا ،لان ضبط تلك المصطلحات والتوصيفات القانونية هي بمثابة ضبط  العمل بالدستور والحفاظ أيضا على النظام السياسي الفلسطيني  ،وهي بداية حقيقية   لقضاء عادل  في غزة ،  وإن استمرار العمل بالمصطلحات والتوصيفات الحزبية هو استمرار  لغياب هذا العدل.