نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري -  

لحظة واحدة اغتالت أربعة عشر ربيعًا، وزرعت الغصة بقلب عائلة الطفلة رهف زينو التي زهقت روحها في مدرسة في حي التفاح بغزة، ارتدت زيها المدرسي للمرة الأخيرة وخرجت دون وداع لتعود بكفن يشيعها لمثواها الأخير.

موت الطالبة رهف أحدث ضجة عارمة حتى صارت حديث مواقع التواصل الاجتماعي بحثًا عن حقيقة ما جرى، فكيف ماتت رهف؟ وما الذي حصل؟

النجاح الإخباري تواصل مع والدها رامي عبد الناصر زينو، الذي قال بعبارات بحها الحزن واعتلاها الغضب: "كنَّا نطالب بتوضيح الحادثة ومعرفة أسباب وفاة ابنتي، أما الآن فلن نرضى بأقل من عقوبة المسؤولين عما حصل لرهف، وسن قانون يمنع وقوع ضحية أخرى، أنت ترسل ابنك للمدرسة وأنت مطمئن لكنه قد يعود إليك بكفن دون توضيح!".

تقول التفاصيل كما روتها العائلة، إنَّ رهف (14عامًا) في الصف التاسع الأساسي، طالبة متفوقة كانت في مدرسة خاصة لسبع سنوات قبل انتقالها لمدرسة فهد الصباح، وهي حافظة لكتاب الله، وككل الطالبات حدثت معها إشكاليات سابقة في المدرسة جعلت والدها يفكر بنقلها، إلا أنها رفضت بشدة نظرا لتعلقها ببعض المعلمات والطالبات.

لم تدرك رهف أن تعلقها هذا سيمنحها شهادة تخرج عاجلة، شهادة وفاة مبللة بدموع الأهل والأحبة.

والد رهف يروي القصة بالتفصيل: 

"يوم الأربعاء خرجت رهف للمدرسة كأي يوم، فوجئنا باتصال هاتفي من المدرسة يستدعينا للحضور، قالوا: وقعت رهف، توقعت أن تكون دوخة عادية فأرسلت أمها وأخاها، واتصلت أطمئن بعد نصف ساعة ليخبرني ابني بضرورة الحضور ومعي هويتي، وأن النيابة تنتظرني، انطلقت على الفور لأجد النيابة قد أخذت زوجتي للتحقيق وعلمت أن رهف وقعت من الطابق الثالث، و تم نقلها لمستشفى الشفاء ثم للعناية المركزية، تفاجأت بالمباحث تأخذني لإجراء تحقيق معي وأنا تحت تأثير  صدمة زادها ما قالته المباحث بأن رهف انتحرت على خلفية خلاف عائلي ومشاكل أدت لحالة نفسية سيئة لديها، وعليه سيتم إغلاق الملف".

ونفى رامي زينو صحة ما قيل حول حالة رهف النفسية لافتًا إلى أنه لم يضربها قط خلال 14 عاما وكانت المدللة إذ هي الكبرى بين أخواتها البنات، ما دفع العائلة للبحث في التفاصيل التي أغلقتها النيابة في تحقيقها، متسائلا: "إذا كانت ابنتي مريضة نفسيا لماذا لم تتواصل معنا المدرسة بهذا الخصوص مطلقا؟ لماذا تعيش رهف حياة مستقرة بيننا وتحصيلها الدراسي ممتاز؟

وأفادت العائلة بأنها عرفت من الطالبات المقربات لرهف أن مشكلة حدثت قبل يومين حيث سخرت رهف من إحدى المعلمات بكلمة سمعتها معلمة أخرى ما أثار غضبها، ورغم اعتذار رهف إلا أن المعلمة حولتها للمديرة وأصرت على العقاب، وكان عقابها حرمانها من دخول الصف ثلاثة أيام كان آخرها غياب تام بوفاتها.

رهف التي خافت أن تخبر أهلها بالحادثة خوفا من أن يتم نقلها من مدرستها التي تحب، استمرت المشكلة يومين قبل الحادثة سعت خلالها بين المعلمات طالبة حل مشكلتها، وأضاف والد رهف بأنها لجأت لمعلمة لحل مشكلتها للمرة الأخيرة بعد أن كانت معاقبة بالممر وحدها، فأشارت عليها المعلمة أن تجلس معها بصف غير صفها ريثما تنتهي الحصة، إلا أن رهف استأذنت بعد وقت قصير وعادت للممر.

وروى الأب شهادة أحد جيران المدرسة الذي رأى الطالبة تمشي ذهابا وإيابا في الممر وحدها في الطابق الثالث قبل أن تضع رجلها على الحديد ثم تنزلها، لعل أحدا ينتبه لها، مرت معلمتان لم تلتفتا لرهف فعاودت تسلق الحديد برجليها حتى أصبحت معرضة للسقوط صرخ الشاهد محاولا ثنيها وتنبيهها، فجأة اختل توازنها وسقطت، تجمعت حولها المعلمات ومن خرج من الطالبات، إلا أنَّ المديرة منعت أحدًا من الاقتراب منها، واتصلت بالشرطة التي وصلت بعد ساعة كما قال الشاهد، في حين ظلت رهف تنزف، لتدخل في غيبوبة 11 يوما ثم تموت بصمت.

استنكرت العائلة موقف شرطة حماس التي اقفلت التحقيق وسط إصرار أفرادها على كشف ملابسات الحادث فشكلت لجنة إصلاح وتوجهت للمدرسة للوقوف على تفاصيل الحادثة، أبو ابراهيم زينو أحد أعضاء اللجنة قال: "تم استقبالنا بشكل جيد في المدرسة الا انهم أنكروا انكارا تاما وجود أي خلافات مع الطالبة رغم اشارة أحد موظفي التربية بعلمه بوجود مشكلة وصفها بالبسيطة قبل يومين حيث قال إنه خلاف بسيط أنكرته المديرة كليا حتى تم تحليفها فاعترفت بوجود مشكلة. 

فتوجهوا للمديرية شرق غزة التي بدورها أنكرت على العائلة ترددهم على المدرسة ومحاولة السماع من المعلمات.

التاسع من شهر شباط لهذا العام كان يومها الأخير، ودَّعت رهف مدرستها من الممر الذي عوقبت فيه ثلاثة أيام متواصلة بالبرد القارص وحدها.

وقالت إحدى الطالبات إن رهف تركت في حقيبتها رسالة بخط يدها تتضمن تعبا نفسيا من المدرسة والبيت والصديقات، ما دفعها للانتحار.

وشدد أبو ابراهيم زينو مختار العائلة على أنها قضية مجتمع ونفى تماما أن تكون رهف مصابة بحالة نفسية موجها اللوم لمديرة المدرسة والمرشدة مطالبا بالحقيقة الكاملة .

ولفت إلى أن رهف راحت ضحية  تنمر المعلمة وعناد المديرة ما تسبب بإنهاء حياتها بعد تعرضها للاضطهاد والعقاب.

بعد شهر من الحادثة أوضحت العائلة أنها وجهت شكاوى رسمية لكل المسؤولين دون أي رد أو تبرير جاء فيها: 

"إننا في عائلة زينو نطالب النائب العام ضياء المدهون بضرورة الاهتمام والتحقيق في وفاة الطفلة رهف رامي زينو الحافظة لكتاب الله في مدرسة فهد الصباح بحي التفاح. ونطالب لجان حقوق الإنسان بضرورة البحث في معرفة تفاصيل وحقيقة وفاة الطفلة.

هل أصبحنا نرسل أبنائنا إلى المدارس حتى يتم إرسالهم إلى القبور.

من هو المسؤول عن موت الطفلة؟

حسبي الله ونعم الوكيل

#كيف_ماتت_رهف!؟

دفنت الطفلة ولا زالت الحقيقة مغيبة، في انتظار إفصاح الجهات المسؤولة عن توضيح يجيب عن التساؤلات التي تخنق الأهل وتفاقهم مأساتهم.