غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - في خطوة تبدو "غريبة" اتخذها رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، حول قرار تجميد عملية بناء 200 وحدة إستيطانية جديدة في مستوطنة "هارحوما" في مدينة القدس المحتلة، تزداد التساؤلات بشأنها.. لماذا أقدم نتنياهو على هذا القرار الآن؟ وما هي الأسباب التي دفعته لاتخاذها؟ خصوصاً وأن الاستيطان يستخدمه نتنياهو كورقة رابحة من أجل كسب الدعم والتأييد في انتخابات الكنيست.

خبراء ومحللون بالشأن الإسرائيلي أكدوا في أحاديث منفصلة لـ"النجاح الاخباري" ، أن أسباب وخلفيات هذا التجميد له علاقة بالوضع الدولي، بالإضافة إلى قرار المحكمة الجنائية الدولية التي قررت فتح ملف تحقيق في الأراضي الفلسطينية والاستيطان أولى ملفاتها.

قرار تكتيكي

الخبير بالشأن الإسرائيلي، عصمت منصور قال إن "التجميد لا يعني إلغاء أو التراجع عنه، وهذا لا يقلل من التوجه الاستيطاني الذي يقوده بنيامين نتنياهو واليمين".

وأضاف منصور في حديثه لـ"النجاح الاخباري"، أن نتنياهو يريد أن يقلل من الانشغال حاليا بما تقوم به حكومته تجاه الفلسطينيين، خصوصاً وأنه هناك توجه من محكمة الجنايات الدولية لفتح تحقيق في الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق الفلسطينيين"، لافتاً إلى أن الوضع الدولي الأن أيضاً متوتر بعد عملية اغتيال القائد الإيراني قاسم سليماني على يد الولايات المتحدة الأمريكية.

ووصف قرار نتنياهو بالتجميد بـ"التكتيكي"، منوهاً في ذات الوقت إلى أن موضوع الاستيطان لم يعد موضوع ضاغط في عملية الانتخابات الإسرائيلية.

وتابع: " أعتقد أنه توجهه معروف للمستوطنين ولقادتهم وأحزاب اليمين كلها مصطفاة خلفه، لذلك عملية التجميد لم تضر وستنفعه تجاه الأوروبيين والمنطقة والعالم".

وكان مكتب نتنياهو، أعلن اليوم الأربعاء عن تجميد عملية بناء 200 وحدة إستيطانية جديدة في مستوطنة "هارحوما" في مدينة القدس المحتلة.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن نتنياهو اتخذ هذا القرار خشية من زيادة التعقيدات السياسية، وانعكاسات هذا القرار وردود الفعل المتوقعة.

يذكر أن بلدية الاحتلال في القدس مارست جميع أنواع الضغوط على نتنياهو من أجل عدم تجميد بناء هذه الوحدات الاستيطانية.

ضغوطات أوروبية

في ذات السياق، يرى المحلل بالشأن الإسرائيلي، حمد الله عفانة أن نتنياهو يتعرض لعملية ضغوطات أوروبية تتعلق بشأن الاستيطان، معرباً عن استغرابه اتخاذ قرار "التجميد" في ظل توجه الداخل الإسرائيلي لانتخابات ثالثة.

وبحسب تحليلات عفانة لـ"النجاح الاخباري"، فإن نتنياهو غير معني باتخاذ مثل هذا القرار خصوصاً أن هناك توجه لانتخابات في إسرائيل وهو معني بأصوات اليمين، مشيراً إلى أنه قد يكون هناك دوافع تتعلق بالشأن الاقتصادي لاتخاذ هذا القرار.

وأضاف: " قد تكون لعدم إقرار موازنة للاستيطان بالإضافة إلى الخسائر المالية نتيجة الانتخابات المتواصلة.. لذلك أعتقد أن السبب قد يكون اقتصادي ولضغوطات أوروبية".

ولم يستبعد المحلل عفانة اتخاذ هذا الاجراء يتعلق في قرار محكمة الجنايات الدولية، بفتح تحقيق للجرائم الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن الاستيطان احدى الملفات التي تم رفعها للمحكمة من قبل الفلسطينيين.

وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أعلنت الشهر الماضي، بأن المحكمة ستفتح تحقيقا كاملا في الأراضي الفلسطينية، حول ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.

حيث أثار هذا القرار حالة من التخبط بين قادة إسرائيل، وادعى نتنياهو، أن القرار "يتناقض مع جوهر المحكمة في لاهاي، وزعم: "فيما نسير إلى الأمام، تسير المحكمة في لاهاي إلى الوراء، وتحولت إلى سلاح في الحرب ضد دولة إسرائيل".

ليس جديداً

من جانبه، أكد مدير قسم الخرائط التابع لجمعية الدراسات في بيت الشرق بالقدس المحتلة، خليل التفكجي، أن قرار تجميد بناء 200 وحدة استيطانية، من قبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ليس بالأمر الجديد، حيث تم تجميد بناء وحدات استيطانية نتيجة ضغوطات، داخلية تعرض لها نتنياهو مسبقاً.

قال التفكجي في تصريح لـ"النجاح الاخباري": إن "تم تجميد بناء عدد من الوحدات الاستيطانية في منطقة جبل أبو غنيم في القدس المحتلة، جاء لأن دولة الاحتلال أصبحت تخاف من المحاكم الجنائية، خاصة بعد ما حدث في منطقة الخان الاحمر، وكون الاستيطان جريمة يعاقب عليها القانون".

وأضاف أن، تجميد قرار بناء هذه الوحدات الاستيطانية، لا يعني أنه تم إلغاء إقامتها للابد، لأنه وضمن مخطط القدس عام (2020)، من المقرر حسب أجندة الاحتلال بناء 350 ألف وحدة استيطانية".

وحول علاقة قرار التجميد بالأحداث على الساحة الدولية، وتوتر العلاقات بين الولايات المتحدة وايران، بيّن التفكجي أن التجميد لا علاقة له بالوضع الخارجي لكن الظروف الداخلية، في دولة الاحتلال هي من أجبرت نتنياهو، على اتخاذ هذا القرار، فهو يخوض الانتخابات للمرة الثالثة على التوالي، وكذلك هو يتخوف من عقوبات الاتحاد الاوروبي، لذلك قام بتجميد البناء لكن المشروع الاستيطاني مستمر.

وأردف:" نتنياهو سيضم غور الاردن، وهو مستمر بالاستيطان وتوسيع المستوطنات، ويوم امس تم المصادقة على 1300 وحدة استيطانية، بالتالي يقول للإسرائيليين ما الذي سيؤثر اذا تم تجميد بناء 200 وحدة استيطانية".

وشدد التفكجي على أن دولة الاحتلال لا تريد دولة فلسطينية، كما ان الدولة الفلسطينية غير موجودة على اجندة الاحزاب اليمنية المتطرفة في دولة الاحتلال.