توفيق أبو شومر - النجاح الإخباري - بمناسبة قرار، نفتالي بينيت، وزير الجيش الإسرائيلي بتسهيل عمليات ابتلاع ومصادرة الأراضي الفلسطينية، ونقل ملف الأرض من ضابط الأراضي في الإدارة المدنية إلى وزارة العدل، باعتبارها مملوكة لإسرائيل، وليست محتلة، فإنني أورد المعلومات التالية عن الاستيطان.
إن رئيس حزب البيت اليهودي السابق، هو آخر الراقصين على جُثَّة نظام (الكيبوتس) اليساري، الاشتراكي السالف، فقد كان نظام الكيبوتسات، خديعة، غرضه اجتذاب المهاجرين من الدول الاشتراكية الشيوعية، وما إن دخلت الشيوعية والاشتراكية في غرفة الإنعاش، حتى تركوا الكيبوتسات تموت بهدوء، وشرعوا في شن حرب الاستيطان الكبرى!
إن رائدَي الاستيطان الأوائل هما الحاخامان، موشيه بن نحمان، المتوفى في القرن الثالث عشر، عام 1270م، والحاخام، يهودا القلعي، المتوفى عام 1878م، هما منظرا حرب الاستيطان الكبرى، تتلمذ على أيديهما كل زعماء إسرائيل، من تيودور هرتسل، وبن غريون، ونتنياهو، إلى آخر الأحفاد، نفتالي بينيت. قال موشيه بن نحمان، منذ تسعة قرون:
"يجوز لليهودي المقيم خارج (أرض الميعاد) أن يُطلِّق زوجته، إذا رفضت الهجرة معه إلى أرض الميعاد" أما يهودا القلعي، الذي هاجر إلى فلسطين عام 1874م فقد طوَّر الدعوة قال: "يُحبُّ اللهُ أن يعيش أبناؤه، اليهود في أرضهم، حتى وإن لم يُطبقوا تعاليم الدين، ذلك أفضل من أن يعيشوا في المنفى ويُطبقوا تعاليم الدين". دعا الحاخام، يهودا القلعي لتأسيس مستوطنات، وإنشاء صندوق لشراء الأراضي، ودعا لتأسيس كنيست أيضاً!
الاستيطان عند الحارديم المتزمتين ليس فكرة سياسية، وليس شعاراً حزبياً، وليس طريقاً للوصول إلى فلسطين، بل هو فريضة دينية يهودية رئيسة، لا تكتمل شعائر الدين إلا به، هو الطريق الوحيد لعودة الماشيح المنتظر، ليس هناك طريقٌ آخر غيره!
تمكن بعضُ المتنورين الإسرائيليين، عندما سُمح بنشر الأرشيف الإسرائيلي من الاطلاع على الوثائق الحقيقية، فاكتشفوا أنهم وقعوا ضحية لبربوغندا الصهيونية الزائفة، واكتشفوا أن كل المتنورين واليساريين، كانوا كحمار الماشيح، أسسوا الدولة والجيش فقط، عليهم اليوم أن يتركوا الساحة للحارديم المتزمتين، فكتبوا عن هذه الحقيقة، قبل أن يُفرض عليهم الصمت، أو الإقصاء، أو التهجير. كتب البرفسور، دافيد أوحانا،David Ohana  وهو محاضر في جامعة بن غريون قال:
"المستوطنون هم مسيحانيون يهود، لديهم دولة تمولهم وترعاهم،  ولديهم استعمار ديني، يتشبثون بالحصون والمعاقل، يحيون مغتربين عن السكان الأصليين، يعتبرون أنفسهم رسلا مقدسين، يدافعون عن أماكن مقدسة احتلها الغرباء، يلبسون الكيباه المطرزة، يدمجون اللاهوت السياسي بالأسطورة الاستيطانية، يسعون لإسرائيل الكبرى، بشرط ترحيل العنصر الدخيل الذي يَحُولُ دون الانسجام اللاهوتي المسيحاني، كما أن جنوب إفريقية كانت أبارتهايد، فإسرائيل دولة احتلالية، تتجه من الأبارتهايد إلى دولة ترانسفير، ماذا يجب أن نفعل للحفاظ على الروح الجماعية لدولتنا؟
يجب التأكيد على أن الطابع المسيحاني والكنعاني الذي يتبلور الآن، لا يجب أن يكون حتمياً، يجب العمل ضد الاحتلال، فالأمة المحتلة لا يمكن أن تكون حرة، يجب النظر للخيار المتوسطي، فلن تكون إسرائيل معزولة حسب مفهوم الجيوثقافي.
إن الخيار المسيحاني اغترابٌ، كما أن الخيار الكنعاني اغترابٌ متبادلٌ بين الإسرائيليين العبرانيين الأصليين، وبين يهود العالم، إن الحوار المتوسطي يسعى إلى حوار تاريخي وحضاري بين الشرق والغرب، بين الإسرائيليين واليهودية، وبين الإسرائيليين والفلسطينيين"
(مجلة همحنيه حريدي، يوم 20-5-2003م)
هذا المقتَطَف أوردتُه في كتابي، الصراع في إسرائيل، كوثيقة، من شاهدٍ من داخل البيت، تصف المستوطنين والاستيطان بجرأة الباحث المُدقِّق!
 

نقلاً عن صحيفة الأيام