أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - يا للهول اسرائيل الدولة التي تتقدم العالم في الحفاظ على حقوق الانسان اكتشفت فجأة أن للمدعية العام لمحكمة الجنايات الدولية "ماضياً أسود" عندما عملت وزيرة للعدل لدى الرئيس الغامبي "يحيى جاما "الذي وصفته اسرائيل لأول مرة الآن بالطاغية، ولكن فانو بنسودا كانت السيدة الأفضل بالعالم بنظر اسرائيل عندما رفضت فتح تحقيق مرتين ضدها رغم الضغوطات الأولى بما يتعلق بسفينة مافي مرمرة التركية واعتداء اسرائيل عليها والثانية أثر عدوان 2014 ....هكذا هي اسرائيل.

منذ اللحظة التي أعلنت فيها المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية فتحت اسرائيل نيرانها بكل ما تملك من قوة في وسائل الاعلام للتشكيك بأهليتها وجدارتها للمكانة التي تشغلها كما فعلت سابقاً مع القاضي غولدستون ليغير روايته التي قدمها بكل مهنية وموضوعية لكن لإسرائيل مفاهيم خاصة بها للأخلاق والعدالة والمهنية وهي أن تقف مع الاحتلال وأن تناصر كل ما يفعل.

خمس سنوات من الدراسة والاستشارات والمراجعات وقراءة الملفات لتصل الى نتيجة أن هناك أساس لفتح تحقيق في جرائم ارتكبتها اسرائيل ولم يكن ذلك القرار يتعلق بالمدعية العامة وحدها بل هناك خبراء عملوا طيلة السنوات الخمس ودرسوا كل الأحداث واسرائيل تعرف ذلك لكن الهجوم على المدعية العامة لتخويف كل من يفكر بالعمل ضدها.

النكتة الأبرز التي جاءت بعد قرار المدعية صدرت عن المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية أفيخاي مندلبليت حين قال أن "قرار المدعية العامة يحطم الاطار المتفق عليه بين الطرفين بقضايا ينبغي حسمها بالمفاوضات "أي أنه يجب ابقاء مسألة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي للتفاوض وكأن عجلة المفاوضات تعمل بكامل سرعتها ويجتهد الطرفان على حل القضايا العالقة وكأن مدليليت لا يعرف أن الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية جاء بعد توقف المفاوضات في مارس 2014 أو بردة فعل على توقفها ...وقد توقفت للأبد.

بنسودا ستنهي مهام عملها العام القادم وأغلب الظن أن اسرائيل ستشن حرباً شعواء ضدها حد افقادها توازنها لتعطيل عملها وهذا متوقع وبدأت نذره في افتتاحيات الصحف على نمط "الماضي المظلم للنائبة العامة" و"الشيطان من جامبيا "و"وصمة في ماضي المدعية "وستبحث في تفاصيل التاريخ للمرأة وللرئيس الجامبي الذي طرد بنسودا نفسها لأنها أغضبته في دفاعها عن حقوق الانسان ليجردها من كل مناصبها.

لكن الأهم فلسطينياً كيف يمكن مساندة المدعية العامة؟ هذا أولاً وهو سؤال مطروح على الاعلام الفلسطيني غير المؤهل لهذا المستوى من المعارك حيث شهدنا قدر من السخرية على أداؤه في الآونة الأخيرة ومستوى انتاجه ونوعية اهتماماته لكن الأمر هذه المرة يتعلق في معركة على المستوى الوطني ينبغي أن يشارك فيها كل الاعلام والسوشيال ميديا لدعم المرأة ولدعم القانون الدولي والكتاب والصحف والنشطاء وارسال رسائل دعم ومساندة للمرأة التي توصف بالقوية.

المسألة الأخرى كيف ستتعامل السلطة الوطنية والتي يحسب لها أنها من كان يقف خلف هذا القرار بدءاً من الجرأة بتقديم العضوية للمحكمة وصولاً للملفات التي قدمت لها ويحسب للجنة التي تابعت الملف والتي تعهد رئيسها الدكتور صائب عريقات بإغراق المحكمة بالملفات والأسماء ومن المتوقع أن تمارس اسرائيل ضغوطات هائلة على السلطة وهنا فان المطلوب من السلطة أن تصمد في مواجهة ما ستمارسه اسرائيل ولن يكون الأمر سهلاً والمسألة الثانية الا يضيع هذا الجهد كما حصل مع غولدستون وقرار المحكمة الدولية بالجدار.

الفارق الآن أن تلك القرارات اتخذت أثناء المفاوضات وكان هناك أملاً بشيء ما لكن الأمر الآن يتعلق بإغلاق المفاوضات ونقل الصراع الى ساحة أخرى هي الساحة الدولية والاحتكام للقانون الدولي وهو آخر ما تبقى للفلسطينيين ما يفرض التمسك بها والقتال من أجلها بكل شيء الأمر يحتاج الى ادارة طويلة النفس تثق بنفسها وتستمر حتى النهاية...!!!