حمادة فراعنة - النجاح الإخباري -  

أكرمنا النائب السابق أمجد مسلماني عبر وكالته دالاس السياحية، مع الوزير السابق مالك حداد مدير جت للنقليات، لعدد من النواب السابقين برفقة صحفية وإعلامية وازنة، لزيارة منطقة الباقورة المحررة المستعادة، بهدف مهني يتوسل فتح خط سياحي داخلي.

 

زيارة منطقة الباقورة عبر الغور ترتبط حُكماً مع منطقة الكرامة، وتذكرنا بمعركتها مع استعادة الباقورة.

 

الأولى معركة بطولية خاضها الجيش العربي في عهد الراحل الحسين، هزمت جيش الاحتلال الإسرائيلي على أرض الأردن وحمتنا من تطلعات توسعية إسرائيلية أو فرض شروط مذلة حصيلة التوسع الاستعماري الإسرائيلي.

 

والثانية في الباقورة حصيلة العناد السياسي والتمسك القانوني بالحقوق الوطنية ووقف الاستعمال غير اللائق للإسرائيليين لأراض أردنية حصيلة احتلالها عام 1950 وشروط غير متكافئة تم الرهان غير الصائب عليها على قاعدة إنهاء مفردتي الحرب والعداء، واستبدالهما بمفردتي التعاون والشراكة وفق معاهدة وادي عربة وملاحقها، ولما كانت الحصيلة تتعارض مع الرهان كان القرار الأردني بإنهاء الاستخدام واستعادة الأرض بكامل حقوق السيادة الوطنية، في عهد الملك عبد الله.

 

ليست الباقورة مكسباً زراعياً كما يُقال وهي وإن كانت كذلك، وليست منطقة جذب سياحي حتى وإن كانت تتوفر لديها المواصفات لتكون كذلك، فهي حقاً خصبة لوقوعها بين تلاقي نهري اليرموك مع الأردن، وذات طبيعة غورية سياحية ساحرة، ولكن قيمتها سياسية، وأهميتها وطنية، ودلالاتها تراثية مهمة، معبرة عن وقائع تاريخية وطموحات مستقبلية:

 

أولاً: الباقورة هي أرض معركة حطين التي خاضها صلاح الدين الأيوبي وهزم خلالها الفرنجة المستعمرين وليسوا بالصليبيين كما كانوا يدعون أنهم جاءوا لتحرير أرض المسيح من التغول الإسلامي، وقد قطع صلاح الدين نهر الأردن عبر جسر المجامع في الباقورة الذي بناه الرومان والقائم إلى الأن، ومنه واصل طريقه لاستعادة القدس وحررها، ولذلك لها رمزية تاريخية، ذكرني بها قادة من فلسطينيي منطقتي 48 و 67 مباركين الخطوة الأردنية لعلها تشكل حقاً مقدمة مماثلة لرحلة صلاح الدين في استعادة القدس بعد استعادة الباقورة.

 

ثانياً: أنها رمز للكرامة الوطنية الأردنية، بعد سلسلة التطاولات الإسرائيلية: في القدس والمس بحرمة مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وعدم احترام الوصاية الهاشمية والرعاية الأردنية للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وما يتبعهما. والمس بالوحدة الجغرافية للضفة الفلسطينية والقدس ومحاولات تهويدهما وأسرلتهما عبر التوسع الاستيطاني. والمساس بالمصالح الوطنية في البتراء ووادي رم وتسويقهما برزمة سياحية إسرائيلية واحدة عبر مطار إيلات. والتضييق على المنتوجات الزراعية الأردنية المتجهة للتصدير نحو أوروبا وإعاقة مرورها عبر ميناء حيفا على الساحل الفلسطيني بعد إغلاق الحدود الأردنية السورية وتعريضها للتلف قبل وصولها لموانئ استيرادها، ويتم ذلك بخباثة لمصلحة المحاصيل الزراعية الإسرائيلية المنافسة.

 

ثالثاً: لقد أقرت الحكومة الأردنية ملكية 832 دونماً للإسرائيليين من أصل ستة الاف دونم مساحة أرض الباقورة المستعادة، نتيجة ملكيتها لهم منذ ما قبل العام 1948، وهذا يفتح بوابة ملف ملكية الأردنيين لأراضيهم المصادرة بقرار إداري سياسي من قبل حكومة المستعمرة والعمل على استعادتها في اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع، على قاعدة المعاملة بالمثل.

الباقورة قيمة سياسية وطنية في عهد الملك عبد الله، كما هي معركة الكرامة قيمة بطولية مماثلة في عهد الملك حسين، على أرض الغور في محاذاة فلسطين والنهر الجامع بينهما، ولهذا سمى التراثيون جسر المجامع، وعلينا أن نتمسك بالاسم ونتباهى به كي تكون الباقورة حقاً الخطوة الأولى نحو القدس.