النجاح الإخباري - قدم المعماري عبد الخالق بدران محاضرة تحت عنوان "عمارة الجيل الرابع - وموضع الهوية (الثقافة)"، في فندق موفنبيك بالعاصمة الأردنية ،عمان، بتنظيم مشترك بين "تشكيل معماريون" وجمعية المعماريين الأمريكيين AIA، وبحضور معماريين وطلاب عمارة وباحثين، وكان حضور الشباب طاغية في المحاضرة .

وقدم بدران رؤية تاريخية ومستقبلية للعلاقة التشغيلية بين التكنولوجيا والهندسة المعمارية وتطورها الخارق، من خلال ظهور الثورة الصناعية الرابعة وخصوصا التصميم الحسابي والتصنيع الرقمي وتأثير الأنظمة الجديدة، مثل إنترنت الأشياء والروبوتات والواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي، وقسم بدران التاريخ لقسمين: العالم القديم وعالم الثورة الصناعية الرابعة، التي ما زلنا على أبوابها.

كما طرح رؤية مختلفة للقوى التي تحكمت بالعالم القديم، وعرض كيف أن دراسته للعمارة والمدينة الفلسطينية وتطورها بمراحلها السبع من فراغات القلق إلى فراغات الثقة هي مقدمة جيدة لدراسة شكل المدينة المستقبلية، والتي وفق رؤيته ستكون مؤسسة على خوارزميات تعتمد اتخاذ القرار الحيزي وفق ‘نظرية الألعاب’.

كيف نقاوم؟

وتحدث بدران عن قوى تكتونية مؤثرة جديدة ستتحكم بمستقبل العمارة بل أيضا حاضرها، وقال: "هذه القوى ستستبدل القوى التقليدية السائدة، منها: سرعة وذكاء التنقل والإعلام المؤسس على الذكاء الصناعي وصعود الموهبة البشرية، والحدس الصناعي، وصعود الحياة العمرانية الذكية وخطر (السايبر)، والقدرة على الانتقائية التفضيلية، وذكاء مدارس/مكاتب العمارة والقدرة على محاكاة أنظمة وإستراتيجيات من الطبيعة، والقدرة على محاكاة الآلة لنظام الدماغ العصبي، وحجم إمكانيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتطور صناعة المواد الذكية التي تمتلك الذاكرة، وإنشاء أنظمة معمارية متكاملة بيولوجية - فيزيائية- رقمية وحجم إمكانيات الواقع الافتراضي والقدرة على صنع خوارزميات توالدية وقوة الملكية على الخوارزميات، وأخيرا قوة القدرة على المقاومة".

ويرى المعماري بدران أن المقاومة الثقافية "أكثر ذكاء وتكنولوجية وأكثر خوارزمية ورقمية، وتوظف بذكاء الموارد البشرية والطبيعية"، كل هذا سيحدث تغييراً راديكالياً في حياتنا وعملنا في عهد الثورة الصناعية الرابعة، حسب رأيه.

ودعا بدران إلى ضرورة تطويع التكنولوجيا والاستفادة منها كما يجب تطوير خوارزميات مقاومة "حتى لا تسيطر قوى رأسمالية تقليدية على السايبر، التي تحدث لصالحها تغييراً في مصفوفة القوى والسلطة".

ويرى بدران، أن على العمارة مساعدة التكنولوجيا والعكس، فلا تصبح إحداهما تابعة أو مهيمنة على الأخرى.

وشدد على ضرورة أخذ الثورة الصناعية الرابعة على محمل الجد، إذ طرأت خلال السنوات الخمس الأخيرة تغيرات هائلة في الصناعة.

وأكد بدران على أن تغييراً جذرياً سيطرأ خلال العشرين سنة المقبلة على مستوى الممارسة المعمارية، "ممارسة العمارة ستصبح أكثر نسوية، فالثورة الصناعية الرابعة ستدفع المرأة لتقوم بأدوار كانت محتكرة من قبل الرجل، وهذه الثورة لا تعني أننا أصبحنا أقوياء، بل سنعيش في حيزات خطرة ومقلقة مثل السايبر".

وقال: "الفراغ الرابع سيصبح أكثر ذكاء، أي رقمياً وتكنولوجياً وخدماتياً أكثر، ومراعياً للبيئة والتوظيف المستدام للموارد البشرية والتكنولوجية والطبيعية".

وأشار بدران إلى المنصات التي يطورها مكتب De iDEA Labs في عام 2020، وهي: ايفولفوكتونيك Evolvectonic كمنصة مفتوحة لتطوير وإنشاء تكتونيات معمارية توليدية، وأوكتموس Octomus كمنصة مفتوحة للتعاون الذكي في التصميم المعماري أو ما يسمى بالمكتب" أستوديو التصميم الافتراضي".

بعيون الحاضرين

ومن جهتها، قالت المعمارية هديل سرحان "كان من الجميل أن نستمع لمحاضرنا د. عبد الخالق، الذي شارك سابقاً بثلاثة مشاريع معمارية مميزة من أعماله بمعرض نظمه (ملتقى معماريي المتوسط: فلسطين..رؤى معمارية معاصرة) وتسنى لنا هذا المساء الاستماع إلى حديثه الشيق، وعن سرده لعلاقة العمارة بالثورة الصناعية، ولاحقا بالنهضة التكنولوجية، وعرض نماذج معمارية تبلورت نتيجة لذلك، مؤكداً على إيماننا كمعماريين بأننا جزء من صياغة التطور وملاءمة الأحداث الراهنة واللاحقة".

وتابعت سرحان "تميز بدران بطريقة عرضه العلمية وانتقاله عبر الزمن بشواهد معمارية، وصولا إلى النهضة الفكرية بالمنهجية الحديثة المتبعة بالتصميم المعماري لوقتنا الحالي، وتأكيده على ضرورة مواكبة دول الشرق الأوسط لهذا النهج، وشارك معنا أفكاراً من أطروحته للدكتوراه، وإشادته بإنجازات المعمارية العربية العراقية، زها حديد"، وتأكيده على ضرورة تضمين المشاريع المعمارية روح التجربة الفراغية، التي من خلالها يصبح للمبنى أبعاد أخرى متجاوزة إدراكنا الملموس".

من جهته قال المهندس المعماري شاكر خليف، أن جمعية المعماريين الأمريكية هي أكثر جمعية متخصصة بالمعماريين، واختارت عنوان المحاضرة لاهتمامها بمواضيع تعنى بتطوير العمل الاستشاري مع تغير المفاهيم.

 وتابع "كان علينا التطرق لأثر تغير المفاهيم المعمارية، وتأثيرها المباشر على المعماريين كأدوات مساعدة لهم بالعمل الاستشاري، وتوجهنا للدكتور عبد الخالق ليكون ضيفنا في هذه الأمسية بحكم جمعه بين الأكاديميا والممارسة".

وتابع خليف: "كانت محاضرة مميزة وغنية بكثير من التفاصيل خصوصا بطريقة السرد التاريخية التي قدمها عن بدايات الثورات الصناعية، وموقعنا منها وتأثرنا بها ووصولنا لها".

يذكر أن عبد الخالق بدران معماري ومهندس وباحث في العمارة والتكتونيات الثقافية المعاصرة.