رامي مهداوي - النجاح الإخباري - عندة عودة الفلسطيني من سفره المرهق إلى وطنه ـــــ وهو يحمل العديد من الأوراق الثبوتية التي تبرهن أنه فلسطيني، هو من الضفة، غزة، القدس ـــــ ودخوله أريحا كأول مدينة تستقبله يتنهد قائلاً، "فش بعد بلادنا" يقول هذه الجملة حتى ولو كان عائدا من جولة سياحية، حتى لو كان ترك عائلته في الغربة، حتى ولو كانت المرة الأولى التي تطأ قدمه أرض الوطن. 

خلال فترة عيد الأضحى كنت أتابع حركة المسافرين بالآلاف من معبر الكرامة "الجسر" الذين سيقضون الإجازة خارج البلد، شعور جميل أن تشاهد العائلة الفلسطينية تدخل بوابة عالم السياحة على الرغم من معاناة السفر التي يعانيها أبناء شعبنا كونهم فقط فلسطينيين، وهناك من هو ممنوع من السفر كونه فقط فلسطينيا يعيش في قطاع غزة!! وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعصف بالجميع إلا أن هناك نسبة غير بسيطة قررت الاستمتاع خارج الوطن باستثمار الإجازة الطويلة لهذا العيد.

من منّا لا يحب السفر والتمتع بإجازة العيد؟! وهو أمر مهم جداً لنا كفلسطينيين فنحن أولاً بحاجة الى استراحة محارب في ظل الظروف اليومية التي نعيشها، ثانياً علينا أن نشاهد العالم كيف يركض نحو التطور في مختلف المجالات، ثالثاً السفر هو جزء من عملية البناء الذاتي الذي ينعكس على بناء المجتمع، رابعاً كحالتنا الفلسطينية هي عملية نضالية، لسبب بسيط وهو أن الفلسطيني أينما تواجد هو سفير لوطنه الذي يحمله معه أينما ذهب.
في فترة العيد، ذهبت أبارك لصديقي العريس العائد من شهر العسل الذي أمضاه في عدد من عواصم دول شرق آسيا؛ لا أخفيكم سراً بأن صديقي لأول مرة يسافر ويقطع الجسر!! كان يتحدث معي بانبهار وفي بعض الأحيان باستنكار ممزوج بالاستغراب عن تجربته: "قال ممنوع أدخن لا في مطار ولا في فندق... يا زلمة بالشارع ممنوع في ماليزيا!!"، "شوارعهم نظيفة ... أحكيلك حتى زبالتهم أنظف من شوارعنا!!".

بالتأكيد، ترك شهر العسل انطباعات مختلفة أثرت على سلوكه ولو بنسب مختلفة، وهذا المثال ينطبق على الكثيرين ممن اكتشفوا معنى الحياة غير الحياة التي نعيشها نحن في ظل الاحتلال، والأهم عندما نكتشف أن العالم لا يكترث بنا كما كُنّا نتخيل!! لا أحد يكترث ماذا حدث في صباح يوم العيد بالمسجد الأقصى، لا أحد يكترث بالأسرى والمستوطنات.. و...... و......نصف الراتب!!

بالتأكيد، "فش بعد بلادنا" لكن على بلادنا حق علينا، يجب أن نحافظ عليها حتى لو كنا تحت الاحتلال، فالنظافة واحترام القوانين والحفاظ على البيئة لا شأن لها بالاحتلال، التعامل مع بعضنا البعض بلغة الاحترام ودعم الطاقات الشبابية المبدعة يعزز تقدمنا، أن نحب أعمالنا وتقديم المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة يُعجل في سير تطورنا، أن نعود إلى الأرض ونفلحها بسواعدنا يعزز طريقنا إلى التنمية المستدامة.

أعرف جيداً بأن هناك ألف سبب وسبب يجعلنا نكفُر بما هو حولنا، لكن لا بديل لنا سوى أن نستمر في زراعة الأمل، وأن يتقن كلٌ منا عمله، وأن نقول "للصح صح ونقدره وللخطأ خطأ ونصححه" بعد المحاسبة، هناك من بدأ يكفُر بوجوده على هذه البقعة من العالم وأصبح عنصرا مخربا بخموله وفقدانه روح العمل وحب البلد لهؤلاء أقول "فش بعد بلادنا".

للتواصل:
[email protected] 
فيسبوك RamiMehdawiPage