رامي مهداوي - النجاح الإخباري - مشهد هدم 116 شقة في 15 بناية تقع بحي وادي الحمص في صور باهر جنوب شرقي القدس المحتلة، من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ بحجة قربها من جدار الفصل العنصري، أشبه ما يكون بمذبحة باسم "القانون الاحتلالي"؛ لأن قرار الهدم جاء بشكل "جماعي" للمنازل في وادي الحمص، بعد أن رفضت محكمة الاحتلال التماساً بتجميد قرار الهدم، وأعطت الضوء الأخضر لتنفيذه.

على الرغم من قساوة المشهد ومرارته، إلا أن ما قبل المشهد وبعده حسب وجهة نظري أخطر من المشهد ذاته، ادعائي هو أن ما قبل الهدم أين كنّا؟ وماذا فعلنا من أجل الدفاع عن هذا الحي؟ وبعد المشهد، هل اكتفينا بتصريحات أوهن من بيت العنكبوت؟

أهالي منطقة وادي الحمص ومنذ عدة أشهر يطلقون صرخات استغاثة لاحتمالية وقوع كارثة ومجزرة، ولكن تلك الصرخات لم يسمع صداها، فالمجتمع الدولي خجول وربما عاجز أمام همجية الاحتلال الإسرائيلي، والاحتلال لا يضع أي قيمة لا للمجتمع الدولي أو القانون الدولي. أما نحن "الكل الفلسطيني" لم نكن مستعدين أو مدركين أن هذا هو الاحتلال بوجهه الحقيقي البشع. وهنا يجب أن أقول: شكراً للمجموعات الشبابية التي عملت ما بوسعها من أجل الوقوف أمام الهدم وحدهم.

والأخطر من ذلك دلالات الهدم بحد ذاتها. فالهدم بهذا الحجم يُمأسس لعمليات هدم أكبر ستكون في مناطق أخرى منتشرة بذرائع مختلفة ستكون في أراضي تقع في مناطق "ج"، على الرغم أن ما حدث هو في مناطق "أ".

بالتالي هي حرب هدفها أولاً تصفية المقدسيين ومنح القدس صبغة يهودية، وتشريد الكُل الفلسطيني، وفرض سياسة الأمر الواقع من خلال إستراتيجية الهدم الفلسطيني والبناء الاستعماري بالتوسع الاستيطاني وربط المستوطنات بعضها ببعض.

على أي حال، القادم سيكون أسوء في هذه المنطقة المقدسية بالتحديد. فبعد الاستفسار والبحث والقراءة وجدت أن هناك ما يقارب 700 منزل في سلوان معرضة للتهويد بحجة عدم الترخيص، وإذا ما عدنا إلى تصريحات الاحتلال الماضية، منذ بداية العام بالتحديد، سنجد بأن بلدية الاحتلال أعلنت أن ما يقارب 20 ألف منزل مهدد بالهدم في القدس المحتلة بحجة عدم الترخيص، هذا يعني أن 120 ألف مقدسي سيتم تهجيرهم في حال نفذت بلدية الاحتلال قرارات الهدم.

ذلك الهدم يُقابل بعملية بناء 20 ألف وحدة استيطانية في قلنديا، والمخطط في مراحله الأخيرة للتنفيذ، وسيتم ربط مستعمرة "بسجوت" الواقعة شرق مدينة رام الله والبيرة بالمستعمرة التي ستقام في قلنديا.

إذن طريقة تعاملنا مع مشهد واقعة مجزرة الهدم الجماعي لحي وادي الحمص أسس للكيان الإسرائيلي كيفية تعامله معنا في مرحلته القادمة قبل الأخيرة، التي ستعتمد على التهجير الجماعي سواء للبشر أو الحجر لمأسسة التلاحم الاستعماري الاستيطاني والتشابك في بؤره الاستعمارية، ليُسهل الدخول للمرحلة النهائية التي تحتاج إلى 20 سنة أو أكثر وهي الانقضاض الكامل على جميع ما تم تسميته بمناطق "أ".

 للتواصل:
[email protected] 
فيسبوك RamiMehdawiPage