النجاح الإخباري - كان سقوط الموصل بيد «داعش» في عهد رئاسة نوري المالكي، صيف 2014، الخطر الأكبر الذي شهده العراق منذ سقوط نظام صدام حسين، وشكل الانهيار السريع للقطاعات العسكرية والأمنية في ثاني أكبر مدينة بعد بغداد، واستيلاء مسلحي تنظيم داعش على كميات هائلة من الأسلحة من الجيش العراقي ومساحات شاسعة من العراق، تحولاً مريباً، خصوصاً مع اتهام محافظ نينوي المُقال أثيل النجيفي، لنوري المالكي، بأن له دوراً مباشراً في سقوط الموصل بيد داعش، حيث أمر المالكي بانسحاب الجيش العراقي من جهة الموصل الشرقية، ما أدى إلى سيطرة داعش على الموصل، والمدن التي حولها. والأهم مع تشكل وتصعيد ميليشيا «الحشد الشعبي» بناء على فتوى «الجهاد الكفائي» الذي التي أصدرها المرجع الديني علي السيستاني، رداً على الخطر الداعشي.
وكشفت بيانات شبه رسمية، أن عدد أفراد «الحشد» بلغ أكثر من 100 ألف مقاتل موزعين على 71 مليشيا مسلحة، تتقاضى دعماً تسليحياً ونفقاتٍ مالية من الحكومة العراقية وطهران، غير أن الجهد القتالي الأكبر يقع على عاتق عدد محدود منها، مثل منظمة بدر، وكتائب حزب الله العراق، وعصائب أهل الحق، وسرايا السلام، وحركة النجباء، وسرايا الخراساني، وهي فصائل تعد حجر الزاوية في هيكلة الحشد الشعبي، كما أن بعضها أُسس في إيران قبل عقود، مثل فيلق بدر، وفصائل أخرى أسست بعد احتلال العراق، مثل جيش المهدي، وحركة عصائب أهل الحق.
وأسست منظمة بدر مطلع ثمانينيات القرن الماضي، أوائل سنوات حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، من مجموعة من أسرى الحرب من الجنود والضباط العراقيين الشيعة، والذين كلفتهم إيران بالتحقيق مع أقرانهم الأسرى العراقيين بقيادة محمد باقر الحكيم، وبإشراف ودعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني.
ومع تشكيل قوات الحشد الشعبي، انخرطت منظمة بدر/الجناح العسكري بصفتها أحد أهم الفصائل في خط المواجهات مع تنظيم الدولة، ومنذ ذلك الوقت يظهر هادي العامري مرتدياً الزي العسكري في مناطق القتال، في ديالى وآمرلي والفلوجة وتكريت، وتسيطر المنظمة على وزارة الداخلية منذ إعادة تشكيلها، وكان آخر وزير لها هو الرجل الثاني في منظمة بدر، محمد الغبان، الذي قدم استقالته 2016 على خلفية تفجير حي الكرادة وسط العاصمة.
في حين تشكلت ميليشيا «عصائب الحق»، من مجموعة من المقاتلين التابعين لجيش المهدي رفضوا قرار قائد الجيش مقتدى الصدر وقف قتال القوات الأميركية وتسليم أسلحة الجيش لها في العام 2004، لكنها لم تعمل باسم مستقل عن جيش المهدي حتى العام 2006 عندما أعلنت نفسها باسم عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، إلى جانب قيادات أخرى مثل أكرم الكعبي وسلام المالكي. ويقدر عدد أفراد «عصائب الحق» بأكثر من عشرة آلاف مقاتل يتلقون دعماً إيرانياً على مستوى التدريب والتسليح والدعم المالي، وأعلنت الحركة بيعتها الشرعية للمرشد الأعلى علي خامنئي في العام 2014، على لسان ممثلها في إيران.
وبعد يوم واحد من سقوط مدينة الموصل، أعلن قائد التيار الصدري مقتدى الصدر تشكيل سرايا السلام للدفاع عن المقدسات الشيعية.
أما كتائب حزب الله، فقد ساهمت في الحشد الشعبي بأكثر من 8 آلاف. وأعلنت ولاءها لإيران ومرشدها علي خامنئي، وتشكلت بمساعدة من حزب الله في لبنان2007 ويتزعمها جعفر الغانمي.
وثمة العديد من الفصائل الأخرى التي تشارك في الحشد الشعبي، ومن بينها سرايا الخراساني المرتبطة بمكتب المرشد الأعلى.
وتشارك في قوات الحشد الشعبي فصائل غير عربية، مثل كتائب التركمان الشيعة التي تضم أكثر من أربعة آلاف مقاتل، بالإضافةِ إلى مقاتلين شيعة أكراد معروفين باسم «الشبك»، ومقاتلين مسيحيين.
وهناك فصائل أخرى، ظهرت رسمياً بعد أحداث الموصل، بعد أن كانت عبارة عن مجموعات مسلحة تمارس نشاطاتها خارج القانون والأطر الرسمية، وتمارس مهمات حماية مقرات الحركة أو الحزب الذي تنتمي إليه، أو تنفذ عمليات خطف وقتل أشبه بما كانت تفعله فرق الموت خلال سنوات الاحتلال الأميركي.
وشارك الحشد الشعبي في أغلب المعارك التي خاضتها الحكومة العراقية وبإسناد من التحالف الدولي، ضد تنظيم الدولة داعش في أغلب المدن العراقية التي وقعت بيد داعش. ومن أبرز هذه المعارك معركة «جرف الصخر»، 50 كيلومتراً جنوب بغداد. حيث تمكنت فصائل الحشد الشعبي خلالها من استعادة الناحية إلى جانب وحدات من الجيش العراقي بدعم من طيران التحالف.
كذلك تمكن الحشد بإسناد من بعض وحدات الجيش العراقي، من فك حصار ناحية آمرلي ذات الأغلبية التركمانية في آب 2014.
وفي محافظة ديالى شمال شرقي العاصمة بغداد، شاركت فصائل من الحشد في عملية واسعة لاستعادة بلدات المحافظة انطلقت مطلع تموز 2014، وشملت هذه العملية استعادة بلدات وقرى أخرى على أطراف ديالى. وفي آذار 2015، بدأت الحكومة العراقية عملية عسكرية لاستعادة مدينة تكريت من مسلحي تنظيم الدولة ونجحت العمليات في طردهم من المدينة، وقد انتشرت قوات الحشد الشعبي في تكريت لأيام عدّة قبل أن يتم سحبها من المدينة، وتكرر السيناريو نفسه في استعادة الفلوجة.
ورداً على هذه الاتهامات، قال المسئولون العراقيون: إن الحشد ليس لديه أي نية لدخول المدن المحررة، وإنما سيكتفي فقط بالمساهمة في تطويقها تاركاً دخول المدن لقوات الجيش العراقي. وفي عملية استعادة مدينة الرمادي نجح مقاتلو الحشد في تطويق المدينة من ثلاث جهات، قبل اقتحامها والسيطرة عليها في كانون الأول 2015.
وأشركت فصائل الحشد الشعبي لأول مرة مقاتلين من أبناء العشائر السنية جنباً إلى جنب في عملية استعادة مدينة الضلوعية في محافظة صلاح الدين، وكانت أول مدينة من مدن المحافظة تستعاد، في 30 كانون الأول 2014، بعد معارك استمرت لأكثر من شهرين، مع مقاتلين من عشيرة الجبور السنية من سكان البلدة الأصليين، قبل تعزيز قوتهم بقوات من الجيش العراقي وفصائل الحشد الشعبي.

 

الايام