نابلس - النجاح الإخباري - شكل الموقف الفلسطيني الموحد ضد المشاركة في مؤتمر البحرين الذي عقد في المنامة 25-26-6/2019، صفعة للنوايا الأمريكية القاضية بتحويل القضية الفلسطينية من سياسية إلى اقتصادية، وساهم رجال الأعمال الفلسطينيين بتمكين الموقف الفلسطيني الرسمي عندما أعلنوا رفضهم لتلبية الدعوة التي وجهت لهم من المنامة لحضور المؤتمر، فيما لحق الخزي والعار بمن حضر وفر هارباً إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.

رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري، هو أول شخصية تلقت دعوة من المنامة، وأعلن على الملأ رفض المشاركة في المؤتمر، ليصطف خلف قرار القيادة الفلسطينية التي رفضت المؤتمر ودعت الجميع لعدم المشاركة فيه، ما شكل قوة فلسطينية صلبة في إمكانية اللعب على وتر انقسام الفلسطينيين ومصالح الاقتصاديين.

بشار المصري وجه صفعة لأمريكا

وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج في حديث لـ "الجديد الفلسطيني"، أن الموقف الفلسطيني الموحد من ورشة البحرين على المستوى السياسي والاقتصادي قطع الطريق أمام الولايات المتحدة على تكملة الشق الثاني من صفقة القرن وهو الشق السياسي لأن أي خطة سياسية يجب أن يكون لها قاعدة اقتصادية، ومقاطعة رجال الأعمال الفلسطينيين لهذه الورشة جعل من المستحيل إيجاد أي تفاهمات أو حلول سياسية".

وتابع الحاج: قد يكون هناك شذوذ اقتصادي لدى بعض رجال الاعمال الذين حضروا الورشة وخرجوا عن الاجماع السياسي، وهم لا يمثلون الاقتصاد الوطني وليسوا جزءًا منه، لأن رجال الأعمال الفلسطينيين أثبتوا أنه لا يمكن مقايضة لقمة العيش بالموقف الوطني".

وأضاف": كلنا نعلم أن الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة من يحكمها ويصنع سياستها هم رجال الأعمال، الذين يمثلون الركيزة الاساسية للبنى السياسية، وهذا النموذج موجود لدينا في فلسطين، فرجال الأعمال هم الذي يوظفون الأيدي العاملة ويوفرون المنتج المحلي الذي يجعلنا بغنى عن الاستيراد، ويعززون صمود المواطن الفلسطيني، كما وأنهم يساهمون في البنى التحتية بفلسطين ودعم المشاريع الاقتصادية والتنموية".

وأكد الحاج أن وجود رجال الأعمال أساسي ومكمل للجانب السياسي وأن هذا التكامل والتلاحم ما بين الأسماء اللامعة والتوجه السياسي الناجح للقيادة جعل الموقف الفلسطيني قوياً ولم تستطع الولايات المتحدة و"إسرائيل" أن يفصلوا بينهما".

وتابع:" عندما نتحدث عن رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري فهو رجل أعمال لامع وكذلك هناك صبيح المصري، ومنيب المصري، وفاروق الشامي، إضافة لأسماء كثيرة، فموقفهم شكل رسالة قوية؛ مستدركاً أن الولايات المتحدة راهنت على رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري بشكل خاص لأنه عاش في الولايات المتحدة، ولكنه أثبت أنه قلباً وقالباً مع الموقف الفلسطيني ووجه لهم صفعة قوية برفضه المشاركة في هذه الورشة".

وأضاف الحاج:" ولا ننسى أيضاً أن هناك رجال أعمال فلسطينيين موجودين بالشتات في كندا وأمريكا اللاتينية والوسطى، كان موقفهم أيضاً إيجابياً ويجب أن نركز على الموقف الذي جمع الكل الفلسطيني حول القيادة من رجال أعمال لامعين وتنظيمات وفصائل ومؤسسات كان له الدور الأبرز في تقوية الموقف الفلسطيني، ولا ننسى القاعدة الشعبية الفلسطينية والتي كانت رافعة لتقوية الموقف السياسي والاقتصادي الفلسطيني".

موقف رجال الأعمال حجّم نجاح ورشة البحرين

في ذات السياق، أثنى الخبير الاقتصادي معين رجب، على موقف رجال الأعمال الفلسطينيين من عدم المشاركة في ورشة المنامة بالبحرين، وأنهم رفضوا الإغراءات الاقتصادية بمشاريع مستقبلية والتحموا مع الموقف السياسي الفلسطيني.

وقال:" إن وحدة الموقف الفلسطيني بكل أطيافه ومنهم رجال الأعمال، ربما كانت الحالة الوحيدة منذ سنوات طويلة والتي يتفق عليها الفلسطينيون بأجمعهم ،حول موضوع مهم ما يتعلق بصفقة القرن ومقدمتها ورشة البحرين الاقتصادية، وهذا الموقف يثمن لرجال الاعمال، لأنهم في القطاع الخاص الباحثين عن الربح ،وقد يكون هناك إغراءات لهم من ناحية الفوز بمشاريع مستقبلية من خلال المشاركة في هذه الورشة لكنهم رفضوها ،شأنهم شأن بقية الشرائح الفلسطينية التي قاطعت ،وكثير من الدول العربية كلبنان والعراق والكويت وغيرها من الدول .

ونفى رجب أن يكون مؤتمر البحرين قد فشل بالمعنى المقصود وقال:" لا نقول بأن المؤتمر قد فشل لأنه من جوانب أخرى قد حقق بعض الانجازات لرعاة المؤتمر خاصة في مجال التطبيع الجزئي في بعض الدول العربية."

وتابع :"لا ننسى أن هناك اختراق ملحوظ لبعض الدول العربية، وتطبيعها مع دولة الاحتلال ،وكان هذا أحد الأهداف من الورشة ،وقد يكون هناك اتفاقات غير معلنة ،ولكن الموقف الفلسطيني وموقف رجال الأعمال حجم نجاح هذه الورشة ،آخذين بالحسبان أن الأمر لن ينتهي عند انتهاء الورشة ، لأن "إسرائيل وأمريكا" مستمرتان في تنفيذ ما يرغبان في تنفيذه على أرض الواقع".

مقاطعة رجال الأعمال للورشة رسالة هامة لأمريكا

بدوره، أوضح المحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان، أن موقف رجال الأعمال من مقاطعة مؤتمر البحرين، بعث برسالة أن رجال الاقتصاد الفلسطينيين لن يقايضوا الحقوق السياسية الفلسطينية التي تستهدف توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان الأخرى بالحقوق الاقتصادية.

وقال أبو رمضان، "من المعروف أن ورشة المنامة تتمحور حول الشق الاقتصادي في صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ،وتحدثت عن 50 مليار دولار تهدف إلى تنفيذ بعض المشاريع الاقتصادية والتنموية على حساب الحقوق السياسية والوطنية. وأضاف أن مقاطعة رجال الأعمال الفلسطينيين ورشة عنوانها اقتصادي وهدفها سياسي ،ويرمي إلى تصفية القضية الفلسطينية ،وإبعاد الحقوق الفلسطينية للشعب الفلسطيني ،عن موضوع القضية لصالح التنمية والاقتصاد ،يعني عدة رسائل أولها أن رجال الاعمال رغم أنهم يعملون بالمال والأعمال ،فهم يعتبرون أن الأولية لديهم ولدى كل القطاعات شعبنا هي الحقوق الوطنية والسياسية."

وتابع" رجال الأعمال الفلسطينيين لن يقبلوا مقايضة هذه الحقوق الوطنية والسياسية بالرزم الاقتصادية والمشاريع التنموية، هي إشارة لرجال الاعمال والقطاع الخاص الدولي والعربي ،إن القطاع الخاص لن تتعاطف مع هذه المشاريع التي ستكون على حساب الشعب الفلسطيني ,بالإضافة إلى أنها دعوة لوضع الأولوية السياسية للشعب الفلسطيني بدلاً من الأولوية الاقتصادية والمعيشية والتنموية".

الجدير ذكره، أن رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري، أول شخصية اقتصادية فلسطينية تلقى دعوة من المنامة لحضور المؤتمر، وأعلن على الفور رفضه المطلق للمشاركة في هذه الورشة التي تستهدف القضية الفلسطينية، ومثل موقفه موقف رجال الأعمال الفلسطينيين، باستثناء شخصية خرجت عن الاجماع الفلسطيني لمصالح شخصية بعيدة عن الوطنية وهربت لداخل دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويبقى السؤال المفتوح.. هل سيدخل رجال الأعمال في المرحلة القادمة معركة تدفيع الثمن في ضوء موقفهم من الصفقة؟

المصدر: الجديد الفلسطيني