أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - عندما يتكرر الحدث يصبح ظاهرة ، هكذا يقول علم الاجتماع وقد كنا الأسبوع الماضي أمام نماذج جميعها أعلن رفضه لحركة الاخوان المسلمين كلٌّ على طريقته ،المناضل الذي ساهم بتأسيس كتائب القسام وأخذ على عاتقه اختطاف الجنديين الاسرائيليين وقتلهما وهو محمد نصار، الذي نشر شريط مصور مدته خمسون دقيقة ليجيب على سؤال لماذا كفر بالاخوان؟ أما الثاني وهو شريف عدوان ابن عضو المجلس التشريعي الدكتور عاطف عدوان والقيادي بحركة حماس أما الثالث الذي ذهب حد الخيانة وهو ابن القيادي حسن يوسف.

بالتأكيد لن أضع الصديق العزيز محمد نصار أو الصديق الفيسبوكي شريف عدوان في خانة صهيب يوسف، فالفارق كبير بين الشرفاء والخونة ولكن ما يجمع أن ثلاثتهم خريجو دفيئة واحدة وتنشئة واحدة ومدرسة واحدة هي مدرسة الإخوان المسلمين، ليكتشفوا خطأ المسار وأن تلك الحركة تحمل بذور خطأ ،وكانت على امتداد تاريخها جزءً من صراعات في مجتمعاتها.

مجرد لفظة الجماعة تعرف أن هناك مجموعة قررت أن تنعزل عن المجموع العام وتتمايز عنه "يصبح التقسيم تلقائياً الجماعة وغير الجماعة "ومع الزمن تبدأ بالشعور أنها صفوة المجتمع ومع التعصب والشعور النفسي بالتمايز باتت تشعر أن المجتمع كله خطأ، وأن ليس من هو منها هو أقل وهذا ما عبر عنه القيادي محمد نصار عندما قال أن تلك الأغاني الوطنية كانت محرمة ،وأن ياسر عرفات فاسد وغير مؤتمن ،وأن هناك نوع من الكراهية للآخر تتولد داخل الجماعة تجاه الأخرين وكأنه أراد أن يقول "أننا هناك تعلمنا أن نكره" وتلك معضلة.

النموذج غير البعيد عن هذا ما حصل مع عائلة القيادي حسن يوسف ،وخروج ابنه العاق وهو الثاني على وسيلة اعلام اسرائيلية ،ليسيء لشعبه ولعائلته، هو حجم التضامن العالي الذي عبرت عنه جميع الفصائل مع الشيخ حسن ،وقد عبر الرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن مفارقة ماذا لو كان هؤلاء أبناء قيادي في تنظيم وطني اّخر وكيف كانت ستتعامل حركة حماس؟

لقد تضامن الجميع مع الرجل وهو قيادي وطني يحظى بالاحترام ،ولم يخرج أحد عن الموقف العام بأن الرجل مستهدف رغم أن جميع أبناء شعبنا مستهدفون ،وكل الأسرى تعرضوا لمحاولات اسقاط وحتى غيرهم ولم يتساقطوا ،لكن أبناء الشيخ حسن سقطوا ،هناك خلل ما وما دفع للتضامن مع الرجل هو مواقفه الوطنية الوحدوية وتلك عبرة لجميع القيادات فلو كان من دعاة الفرقة والانقسام كان شعبنا سيصفي حساباً عسيراً معه وهذا درساً مهماً.

في مطالبات الناقدين من مدرسة الاخوان للإخوان ما يمكن أن يذهب باتجاه مراجعات أكبر مما نعتقد أو يمكن القول ما يشبه الهزة أو المطالبة بحل الحركة التي تعيش ظروفاً مأساوية وخصوصاً في مصر وغزة ومناطق أخرى ،لم تنجو سوى حركة اخوان تونس التي خلعت عباءة الاخوان كي تتمكن من التعايش مع مجتمعها.

لقد تأسست حركة الاخوان في عشرينات القرن الماضي أي في عصر القوميات الأوروبية ونزعتها العنصرية التي مهدت للحرب العالمية الثانية كان هذا الفكر جزء من ثقافة كونية امتدت لتشمل كل الحركات السياسية التي كانت قائمة في تلك المناخات والتي تسببت بصراعات داخلية وخارجية، ومهدت لأقسى حرب عرفتها البشرية لكن كل شيء تغير فتلك النزعات بدت منبوذة في أوروبا مجرد ما انتهت الحرب العالمية الثانية وما أن وصلنا لخمسينات القرن الماضي حتى كانت أوروبا قد تركت كل تلك الأفكار التي دفعت ثمنها غاليا وبدأت عصراً جديداً .

هي الخمسينات أو نهاية الأربعينات نفسها التي شهدت بداية صراعات اخوان مصر بالنظام وإلى يومنا هذا كيف ولماذا؟

تلك أسئلة ستظل مفتوحة لم يٌثرها اخوان فلسطين أو بعض الذين باتوا يشعرون أن هناك شيئاً ليس منطقيا ،قبلهم كان ثروت الخرباوي قد كتب سر المعبد وغيره الكثير من النماذج ،الأمر بحاجة إلى نقاش أوسع الأولى أن تقوم به حركة الإخوان نفسها لتجيب على سؤال كيف تتعايش في مجتمعاتها بعيداً عن الكراهية وأن تكون جزء منها لا "جماعة" لوحدها كما تسمي نفسها بالجماعة.