طلال عوكل - النجاح الإخباري - ايام محدودة تفصلنا عن مؤتمر او مؤامرة البحرين، التي تنظمها و تشرف عليها و تحدد مسارها و مخرجاتها ، و تحدد بعد ذلك اليات تنفيذها. بعض الدول العربية اعلنت مبكرا استجابتها للدعوة و الحضور، و بعض اخر تأخر قليلا، و ثمة بعض ثالث لا يضمن احد ان صمته دليل على امتناعه عن الحضور.

مثلما اكتشف الكل ان معظم الدول العربية حضرت مؤتمر وارسو ، لا مكان اذا للمفاجأة اذا تبين ان معظم الدول العربية التي تسمح لها ظروفها بالحضور، ستكون في مقاعد مخصصة لها مسبقا و امام وفدها علم صغير و يافطة صغيرة تشير الى اسم الدولة. اسرائيل اعلنت رسميا حضورها للمؤتمر، و سيجد وفدها مجلسه الى جانب وفد عربي اخر سيضطر لاحقا من انه لم يختر مكان جلوسه، تماما كما حصل في مؤتمر وارسو.

الفلسطينيون وحدهم، الذين قرروا عن حق مقاطعة المؤتمر ادراكا لمدلى خطورته و من ان هذا المؤتمر يشكل حلقة اساسية من حلقات المخطط الامريكي الاسرائيلي، الذي يحمل زورا صفة الصفقة. لم تجد الولايات المتحدة و حلفاؤها اي خطاء فلسطيني و حتى لو انها نجحت في اقناع او ارغام احد الحضور.

و لكن هل تتنظر الولايات المتحدة اية موافقة فلسطينية سواء كانت حقيقية او مجرد غطاء، ام انها ماضية في فرض الوقائع على الارض مكتفية بغطاء و مشاركة عربية اساسية ؟ من هنا يمكن للمخطط ان يكتسب صفة الصفقة لكون العرب شركاء اساسيين ليس فقط من خلال فتخ خزائنهم لتمويل تلك المخططات، و انما ايضا من خلال تعزيز التطبيع و الشراكة مع اسرائيل من جهة، و من جهة اخرى اضعاف الفلسطينيين و ابتزازهم عبر الحاجة للمال، و ربما عبر التآمر على التمثيل الفلسطيني الموحد استغلالا لحالة الانقسام، التي لم يجد لها الفلسطينيون حلا بعد.

الية التعامل مع المخطط الامريكي، كانت واضحة منذ البداية وواضحة اهدافها بعيد عن المرجعيات الدولية، و حتى مرجعية الرباعية الدولية التي اصبحت في خبر كان منذ كثير من الوقت.

الولايات المتحدة شقت الطريق بكل فجاجة و تحدي امام تنفيذ رؤيتها المتماهية تماما مع الرؤية الاسرائيلية المتطرفة لعملية السلام و مستقبل الصراع. ابتدأ ترامب المحفل الماسوني بالإعلان عن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، و اتبع ذلك بقرار نقل سفارة بلاده اليها و بموازاة ذلك بدأت الولايات المتحدة العمل لمصادرة حق عودة اللاجئين، و انهاء دور ووجود وكالة غوث و تشغيل اللاجئين الأونروا .

ثم بدأت في ممارسة سلسلة ضغوط مباشرة، و من خلال حلفائها العرب و غير العرب، سواء فيما يتعلق بمنظمة التحرير و طبيعة العلاقات او فيما يتعلق بالابتزاز المالي للسلطة، مع استمرار العمل لترسيخ و تعميق الانقسام الفلسطيني.

بعد ذلك صادرت الولايات المتحدة و دعمت قرار اسرائيل بفرض سيادتها على الجولان، و الان جاء الدور على جوهر و هدف المخطط و هو فرض السلام الاقتصادي.

في الافق يشير الى ما صرح به المستوطن المتطرف ديفيد فريدمان سفير الولايات المتحدة في اسرائيل و سفير المستوطنين لدى الولايات المتحدة، بشان حق اسرائيل في ضم اراضي الضفة الغربية.

العرب حتى الان يكتفون بإصدار المواقف النظرية، لكن افعالهم من تحت الطاولة و بعضهم من فوقها تشير الى انها متساوقون عن قناعة او من موقع الرضوخ للسياسة الامريكية . ثمة اسباب للتخاذل العربي، و لكن من بينها ان الفلسطينيين غلبوا علاقاتهم مع الانظمة الرسمية، و تجاهلوا حركة التحرر العربية.

هذا جزء من حصاد الآثام و الامر منه وقوع و استمرار الانقسام، تلك النكبة التي لا حدود لاثارها السلبية الخطيرة. و بالرغم من شمولية الموقف الفلسطيني الرافض للسفقة الامريكية، الا ان استمرار الانقسام سيشكل الثغرة الاكبر، التي تستند اليها القوى المعادية خلق و فرض وقائع لتنفيذ مخرجات مؤتمر البحرين، تحت وطأة الحاجة، و لكن بتخريجات كالتي اطلقها البعض حين اعلن ان المقاومة قد حررت قطاع غزة. ينبق على الوضع الفلسطيني التي يبدو موحدا في مواجهة سفقة القرن المثل الذي يقول ان ليس كل ما يلمع ذهبا، ذلك ان الكلام ليس دليلا على رسوخ القناعات فلطالما كان الكلام و حسابات الفعل في واد اخر. ان لم يكن الامر كذلك ،ط بما يعني ان الفلسطينيين يتحملون جزءا لا باس به من المسؤولية عما يصيبهم، فلماذا لا يضع حدا للانقسام طالما انهم يعرفون مدى خطورة استمراره.