حسن البطل - النجاح الإخباري - سأكرّر ما كتبته هنا مطلع عمود 9 أيار الجاري: «أرى أن السلطة ستحسن صنعاً إن طنّشت... على تسريب صحيفة «إسرائيل هايوم» لبنود في «صفقة القرن» اللعينة هذه.
«زوبعت» في وسائل الاتصال، بخاصة «فيسبوك»، تعقيبات على إطلاق «كتيّب «قدوتنا رئيسنا»، فأعادتني منذ قرابة أربعين عاماً إلى عمود كنتُ كتبته في «فلسطين الثورة».. اليومية. آنذاك كان أبو عمّار هو ياسر عرفات، وكان يوصف بـ «الختيار»، ولم يكن مطروقاً تداول اسمه: «محمد عبد الرؤوف القدوة الحسيني» ولم أكن أعرف اسمه الصريح!
«القدوة» اسم علم عائلي، لكن قصدي كان استعارة من كونه القائد العام، ففي الطوابير العسكرية يُسأل الضابط: «من القدوة» فيرد طلّيع الطابور «أنا القدوة» رافعاً ذراعه بقبضة مضمومة، كما رفع أبو مازن قبضته مضمومة لـ «صفقة القرن»!
حسب خبر نشرته «الأيام» الجمعة 10 أيار الجاري، فإن كتيّب «قدوتنا رئيسنا» يستلهم اقتباسات من كتب رئيس السلطة. أتعشم أن من بين الاقتباسات ما جاء في كتابه: «الصهيونية بداية.. ونهاية» ولعلّه الذي بموجبه نال عليه شهادة دكتوراه من جامعة سوفياتية، لكن صاحبه وُصِمَ من جانب إسرائيليين بأنه «ناكر للمحرقة» قبل أن يوصم، بعدما صار رئيساً للسلطة، بأنه يمارس «الإرهاب السياسي» أو «الشعبي»!
لذلك الكتاب قصة طريفة: نشر أبو مازن حلقات منه في صحف خليجية، ثم طلب إعادة نشرها في المجلة المركزية، وكلّفني رئيس التحرير بذلك، فكنت أحذف ما أراه فقرات «ميلودرامية» تشكل حشواً. 
لا أعرف من أحتج على ذلك، أهو أبو مازن، أم مفوض الإعلام المُوحَّد المرحوم ماجد أبو شرار، فعرضتُ على ماجد ما حذفته من إحدى الحلقات، فوافق.. ثم علمت أنه أبو مازن، وكان آنذاك المفوض المالي لـ «فتح»، طلب جمع الحلقات كما نشرتها «فلسطين الثورة» في كتاب.
غاب عن أسباب «زوبعة» الاعتراض أن معلمة كانت صاحبة المبادرة، وأن تلميذات مدرسة ثانوية قمن بجمع الاقتباسات من كتب للرئيس، وحضرت أسباب أخرى، لعلّ أبرزها صورة صائب عريقات يحمل نسخة من الكتاب لدى إطلاقه بحضور عزام الأحمد وآخرين. 
يؤخذ على الأول أنه يدير مفاوضات ما بعد أوسلو، والثاني أنه يدير مفاوضات ما بعد الانقسام الفلسطيني، وهذه وتلك عاثرتان وموضع جدال وانتقاد من جانب الناس.
ليس دقيقاً ما يُقال إن: «المكتوب يُقرأ من عنوانه» لأن كتاب عريقات «الحياة مفاوضات» الذي أثار في حينه «زوبعة» فمضمونه عن نظرية وسياسة التفاوض، لا عن تبرير المفاوضات مع إسرائيل تحديداً، فهو نال شهادة الدكتوراه من جامعة أميركية عن المفاوضات.
«صفقة القرن» منحازة لإسرائيل، وكان رئيس السلطة «قدوة» في رفضها الفوري، كما كان «قدوة» في رفض اقتطاعات إسرائيل من أموال المقاصة. لم نستسلم لـ»الصفقة»، ولن نسلّم بأي اقتطاع من مستحقات المقاصة. وفي الرفضين نال الرئيس تأييد واستحسان شعبه.
هل لو كان عنوان الكتاب مثلاً: اقتباسات من كتب الرئيس سيثير زوبعة فيسبوكية؟ هذا سؤال لأن العنوان اللافت: «قدوتنا رئيسنا» أحاله البعض المتسرّع إلى «الكتاب الأحمر» الصيني أو «الكتاب الأخضر» الليبي، وكتاب تعاليم «زوتشه» الخمسة الكوري الشمالي، ولا أعتقد أن هذه الكتب كانت في وارد أو اطلاع تلميذات مدرسة ثانوية جمعن اقتباسات من مؤلفات كتب الرئيس.
في الزوبعة التقى من اعترض بحسن نيّة، بمن التقى بسوء نيّة، والبعض تسرّع في الحكم على مضمون الكتاب من عنوانه، وهو كتاب لن يدخل في المنهاج المدرسي بوصفه كتاب تربية وطنية أو توجيها سياسيا للنشء، بل على الأغلب ستوضع نسخة واحدة منه في كل مكتبة مدرسية.
الكتاب يستلهم اقتباسات من كتب الرئيس، ولا أعتقد أن الرئيس وجد وقتاً منذ العام 2006 لتأليف كتب جديدة، وإن كان بعض تصريحاته عن السلام مع إسرائيل غير مستساغة أو مقبولة من بعض الرأي العام الفلسطيني، فإن كان هناك مأخذ عليه لسببٍ أوسلوي، فلقد قال عنها: إمّا توصلنا إلى دولة وإمّا إلى التلاشي، وهذه نبوءة صحيحة، كما يؤخذ على الرئيس المؤسس ياسر عرفات قوله: لدينا صديق في البيت الأبيض زمن رئاسة كلينتون، ثم يؤخذ عليه دوره في الانتفاضة الثانية.
السلطة لم تعقّب رسمياً على تسريب صحافي إسرائيلي حول «الصفقة».. لماذا؟ لأن أساس المشكلة السياسية الجديدة هو مع أميركا ومشروع «صفقة القرن»، وهي أحسنت الصنع في «التطنيش» عن التسريبات الإسرائيلية لجسّ نبض الفلسطينيين عليها.
في المقابل، فإن الصحف الفلسطينية، وصفحة آراء «الأيام» بشكل خاص، تبقى خارج نقاش الزوبعة الفيسبوكية على عنوان كتيّب «قدوتنا رئيسنا» قامت تلميذات مدرسة ثانوية باستلهام اقتباسات من كتب قديمة، ولم يقرأن «الكتاب الأحمر» و»الأخضر»، وتعاليم «زوتشه» لكيم إيل سونغ. فلسطين وقضيتنا وشعبها حالة خاصة.