نابلس - نبيل عمرو - النجاح الإخباري - الطبقة السياسية الفلسطينية التي تملىء المنابر صخبا، تعيش في زمن آخر، وتتصرف بمؤثرات الماضي، وحالة الاغتراب عن الواقع السياسي داخليا وخارجيا جعلت الجمود هو سيد الحال، والعجز سمة السلوك .

لا يختلف اثنان على ان القضية الفلسطينية مطروحة ولأول مرة منذ ان وجدت كمشروع تصفية وليس كمشروع حل، ولو راجعنا سلوك الطبقة السياسية الفلسطينية إزاء هذا التطور الخطير، فلن يكون صعبا رؤية التقصير الفاضح في توفير متطلبات الإنقاذ وأداء واجبات حماية القضية من التصفية. لن نطمع ونقول لتوفير حل عادل لها فذلك امر أجلّ لأجيال قادمة، فمهمات المرحلة الراهنة الحفاظ على القضية كقضية حتى لو بقيت بلا حل.

اتابع ادبيات هذه المرحلة فلسطينيا وعربيا ودوليا، المفارقة تكمن في ان الحلقة التي ينبغي ان تكون الأقوى هي الأضعف، أي الحلقة الفلسطينية، والحلقة التي تليها التي هي الإقليمية تتأثر سلبا وايجابا بالحلقة الأولى، اما الثالثة والأخيرة وهي العالمية فالقضية الفلسطينية بالنسبة لها جزئية تقدمت عليها قضايا اكثر الحاحا وذات أولويات لا تحتمل الانتظار او التأجيل.

فيما يتصل بالحلقة الأولى أي الفلسطينية، فقد تكرس نوع من الاتكال على الاخرين لايجاد المخارج والحلول، فعندنا من يطالب العالم بتشكيل جبهة سياسية لاسقاط صفقة القرن، وعندنا كذلك من يطالب العرب والعالم بالسخاء في تقديم الدعم للخروج من المآزق الاقتصادية، وعندنا من يصدر الأوامر لعنوان وهمي اسمه المجتمع الدولي لارغام إسرائيل على انهاء الاحتلال تطبيقا لقرارات الأمم المتحدة.

العرب والعالم يجاملوننا بخطاب ثبت انه لا يسمن ولا يغني من جوع، فهم يستقبلون مبعوثينا ويوفروا لنا منابر كي نقول فيها ما نشاء، ولا يترددون في التصويت الى جانبنا في كافة المحافل، غير أنّ اكثر ما يحرج في مواقف العالم منا هي تلك الأسئلة التي يوجهونها لنا ولا نجيب عليها، واكثر الأسئلة مدعاة للإحراج هو ذلك الذي يقول ماذا فعلتم يا أصحاب الحلقة الأولى، ماذا فعلتم بانفسكم ولأنفسكم، كيف تتخيلون قدرة على اسقاط صفقة القرن وانتم على ما انتم فيه من تناحر داخلي وانقسام يقترب من الانفصال الكامل، وكيف تتخيلون قدرة على ابعاد شبح التصفية عن قضيتكم وانتم تتبارون جهارا نهارا على تصفية بعضكم البعض وفق تصنيف بائس، هذا متواطىء وذاك كذلك .

وضع كهذا يفرز معطيات ترضينا على صعيد الكلام وتوجعنا على صعيد الفعل.

حين تعلن صفقة القرن بطبعتها النهائية، سيقول العالم كله بما في ذلك بعض الأمريكيين وبعض الإسرائيليين، انها لا تصلح، وحين نقول لهم ماذا انتم فاعلون حيال الذي لا يصلح، فجوابهم ينبغي ان يكون معروفا لنا من خلال التجربة، حين تجيبون عن اسئلتنا نجيب عن سؤالكم.