غزة - خاص - النجاح الإخباري - يعاني الجهاز القضائي التابع لحكومة حماس في غزَّة من مشاكل عدَّة تتعلق بالبلاغات القضائية حيث التأخير في انجاز قضايا المواطنين ، الأمر الذي يؤدي إلى بطئ إجراءات القضايا وطول أمد التقاضي، وعليه قرر قضاء غزة الاستعانة بشركة خاصة تتولي موضوع توصيل البلاغات القضائية إلى المواطنين كوسيلة للحل، على نفقة المواطن وهو الحلقة الأضعف.

وجاء هذا القرار الذي أصدره مجلس القضاء الأعلى في غزَّة (تابع لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة)، بخصخصة البلاغات القضائية وإنهاء دور الشرطة القضائية بغزة في تبليغ الأوراق الرسميّة بموجب الاتفاق المبرم بين وزارة عدل غزة و شركة العالمية للخدمات اللوجستية (مرسال)، التي حصلت على امتياز توصيل البلاغات.

لكن لسان حال المواطن يقول: "هل من رسوم جديدة ثمن هذا الاتفاق بين وزارة العدل وشركة "مرسال" التي تولت مهمة توصيل البلاغات القضائية عوضًا عن الشرطة القضائية؟

مراسلة "النجاح الإخباري" تواصلت مع الأطراف ذات العلاقة حول هذا الاتفاق للوصول إلى إجابة واضحة لتساؤل المواطن.

هدف خصخصة البلاغات  

حول الهدف من وراء خصخصة هذه البلاغات القضائية يقول حسن مرتجى مدير عام وحدة الرقابة الداخلية في وزارة العدل: "منذ عامين طلب مجلس القضاء الأعلى من وزارة العدل إعداد مشروع خصخصة البلاغات القضائية كونه يشكّل عبئًا كبيرًا على مجلس القضاء فيما يتعلّق بإيصال البلاغات الصادرة عن المحاكم للناس المتداعية في المحاكم فما كان من وزارة العدل إلا أن شكَّلت لجنة مختصَّة للمشروع، وتمَّ تقديم المشروع للجهات المختصة ومن ثمَّ الموافقة عليه". 

ويضيف: "بعد صياغة العقد بين شركة "مرسال" التي قدّمت عطاءها من خلال الإدارة العامة للعطاءات المركزية وقبلت حسب الأصول وبين وزارة العدل (التي تشرف إدارياً ومالياً على المنظومة العدلية) دخل الاتفاق حيز التنفيذ مؤخّرًا بهدف تسهيل أمر التقاضي وتشريع إجراءات المحاكم خاصةً وأنَّ هناك كمًا هائلًا من القضايا قد تصل أعدادها سنويًّا إلى أكثر من (250) ألف تبليغ قضائي".

"حاليًّا الاتفاق في مرحلة تجريبية تستمر (3) شهور كنوع من التقييم للخدمة التي تقدّمها الشركة بمعنى أنَّ أداء الشركة خاضع للرقابة، حاليًّا تمَّ تطبيق هذه الخدمة (خصخصة البلاغات القضائية) في الشقّ النظامي وبعدها سننتقل للشق الشرعي إن نجحت التجربة وأثبتت فعاليتها"، وفقاً لحديث مرتجى.

ونفي في حديثه أن يكون الهدف ماديًّا بل هو خدمة للمواطن وتطوير للعمل في السلك القضائي نتيجة الكم الهائل من القضايا المنظور فيها سنوياً.

يذكر أن شركة مرسال هي صاحبة عقد يشابه عقد الامتياز في إعلانات غزَّة أي أنَّها الشركة الوحيدة التي لديها هذه الصلاحيات الكاملة في هذا المجال وهي شركة عالمية متعاقدة مع أكثر من شركة في الوطن منها شركة توزيع الكهرباء.

هل من رسوم جديدة؟

يجيب ماهر الرفاتي مدير عام الشؤون المالية والإدارية في مجلس القضاء الأعلى بقوله: "نعم سيكون هناك أتعاب مقابل هذه الخدمة وستدفع مباشرة للشركة من المواطن أو المحامي ضمن الإيصال الذي سيقوم المواطن بتسديده في البنك او للشركة مباشرة".

ويضيف: "رسوم المحاكم لن تتغير ستبقى كما هي كونها منصوص عليها في القانون ولكن أي بلاغ سيتم توزيعه في قطاع غزة سيكون مقابل (5) شواقل بصفته بريد مسجل داخل قطاع غزة أما في المحافظات الشمالية فسيكون البلاغ مقابل (120) شيقل و(150) شيقل لأي مكان في العالم".

وفي سؤال حول الفئة المعفيّة من هذه الرسوم، أكَّد الرفاتي: "القضايا الجزائية حسب قانون المحاكم هي معفاة من الرسوم بمعنى أنَّ الحكومة تتحمَّل نفقاتها".

قانونياً.. هناك تساؤلات عدة

للتعليق على الأمر يقول الباحث القانوني محمد التلباني: "هل من مناقصة علنية تمَّت لهذا الاتفاق؟ خاصةً وأنَّ هذه الشركة لها لون سياسي واحد كما أنَّ الموظَّف الذي كان مكلفًا بتوصيل البلاغ سواء أكان مدنيًّا أو عسكريًّا يخضع للوائح قانونية تحكم عمله فماذا عن موظفي مرسال؟ بالإضافة إلى أنَّ الموظف في الشرطة القضائية حين يخل تتم محاسبته إداريًّا، أما موظف مرسال فكيف ستتم محاسبته إذا تواطأ مثلاً في إرسال التبليغ؟".

ويضيف التلباني: "كيف ستكون طبيعة العمل وهل من ضمان لعدم التلاعب؟".

يُشار إلى أنَّ ورقة التبليغ هي محرر رسمي يثبت فيه مأمور التبليغ ما تمَّ على يده وذلك طبقاً للأوضاع القانونية ضمن سلطاته واختصاصه وهو يخضع للمساءلة القانونية عند مخالفته الحقيقة عمدًا وأثبت عكس ما حصل عليه أو دون معلومات غير حقيقية لم يحصل عليها فعلاً.

شركة مرسال: لسنا جهة مخولة لشرح العقد

في اتصال مع شركة مرسال أكَّد أشرف سكيك نائب مدير الخدمات اللوجستية على أنَّ الشركة غير مخوّلة بشرح العقد بينها وبين القضاء الأعلى بقوله: "نحن طرف ولكن تمَّ التفاهم على أن يكون القضاء الأعلى هو الطرف المخوّل للحديث في الاتفاق بما يشمل بنود الأسعار".  

المواطن بين الرضى والاستياء 

كونهم الحلقة الأضعف في هذه المنظومة عبَّر مجموعة من المواطنين عن استيائهم جراء تداول خبر تخصيص البلاغات القضائية لصالح شركة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي معتبرين أنَّ الأمر تجاريّ بحت، خاصةً وأنَّ على المواطن أن يدفع مقابل البلاغ الواصل لديه.

يقول أحد المواطنين: "الهدف مادي كي يدفع المواطن ثمن البلاغ بإيصال من الشركة سعره (3-5) شواقل وبعد الدفع يقوم الشركة بتسليمك البلاغ".

أما مواطن آخر فيرى أنَّ القرار ممتاز إذ يهدف إلى تشريع إجراءات التقاضي في المحاكم فبدل أن ينتظر القاضي ويؤجّل القضية نتيجة عدم تبليغ المدعى عليه بالقضية فإنَّ الأمر يصبح أكثر سهولة.

الجدير ذكره، أن المحاكم في غزة تشهد حالات غير مسبوقة في التقاضي، جلها على قضايا مالية، وشيكات مرتجعة، وكمبيالات، جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة، واشتكى أصحاب الحق من بطئ شديد في إعادة الحقوق لأصحابها جراء التأجيل والمماطلة في توصيل البلاغات للمواطنين من قبل عناصر في الشرطة الذين من المفترض وفق مهامهم إيصال البلاغات لأصحابها.