موفق مطر - النجاح الإخباري - باحثون ومحاضرون ومتكلمون تراهم وكأن أفكارهم لا تنتج غير الكلام، فنضطر للبحث عن كنز أبحاث ودراسات وأوراق عمل، وعدونا بالاطلاع عليه في برنامج المؤتمر.

أسوأ ما قد يحصل لنا اكتشاف أننا قد ذهبنا إلى "حفلة كلام" مجانية، تبلغ الزحمة عن طاولة "القهوة والنسكافيه والشاي والبابونج والزهورات" ذروتها ، أما المقرمشات فبدت وكأنها من طقوس المؤتمرات.

المؤتمرات وورشات العمل، وحتى اللقاءات والاجتماعات ليست ميدانا للمبارزات اللسانية، فهي مصنع افكار ومقترحات وخطط وبرامج خلاقة أو لا تكون. فنحن ماسعينا نحو المؤتمر او ورشة العمل ، او الندوة  إلا  للاستماع  وقراءة أفكار ابداعية تحضنا على الانتصارلها.

لا أدري اسباب حشو الفواصل بين محاور أوراق المؤتمرات بأطباق لحم الضأن والدجاج المحمر تحت عنوان (فترة الغداء)، لكن ما بات معروفا هو اسراع المنظمين وضغط  جلسات المؤتمر، والبدء بقراءة قراراته على رائحة الطعام الغازية لفضاء المؤتمرين من قاعة  المطعم المجاورة !!

يكتبون في الدعوات: ان المؤتمرات التي يعقدون وينظمون هي دولية، وان القضايا المطروحة وطنية مصيرية، فتهديك السكرتاريا محفظة وكراسا مروسا بشعار المؤتمر وكتبا ومنشورات، أما اذا كنت نسيت قلمك في جيب بدلتك التي كنت ترتديها بمؤتمر “أشعار الجاهلية في مقاومة الجدار والمستوطنات الصهيونية”، فان قلم المؤتمر المدموغ الممهور المطبوع، جاهز- أي (ولا يهمك)- فالمنظمون يحبون أن يكون الحضور أصحاب أقلام.

نجلس فنصغي، ولكن الأصحاب في اليمين  والأصحاب في اليسار  لايكفون عن  الثرثرة ، فتتوه اذهاننا  الوطنية في ردهات  مؤتمر حلفوا اغلظ الايمان انه دولي وفي الواقع لا يزيد عن "لقاء اصحاب" في زاوية المقهى المفضل عندهم.

 يحشرون أنبل القضايا في (ثقب) الوقت، فترى رئيس الجلسة بعد سماحه- لمن شاء باحتكار معظم الوقت، رغم تأثرنا من عملية الجلد التي كوى بها وعينا وذاكرتنا- يحث المتكلمين من بعده على الاختصار والاستعجال وتوفير استهلاك الوقت، وكأن المعرفة ستنضب بعد خطبة ابو العريف العرمرمية التي اغتصبت الساعة من اول دقيقة فيها حتى هلاك عقاربها. ولك ان تملك صبر ايوب اذا كان الخطيب أو المتكلم أو المتحدث صديقا أو عزيزا على رئيس الجلسة، أو من المشهورين بألقابهم أو من البارعين في احتلال  الوسائل الاعلامية، ويتقنون صف المصطلحات المستوردة، فإنه يحظى بجل الوقت وفوقها "حبة مسك" من جمل الاعجاب والشكر والتبجيل، وكأن الرجل قد رسم الخريطة الجينية للجن!!

المؤتمرات أفكار علمية، قراءات عميقة وخلاصات أبحاث، دراسات، نقاشات موضوعية.

 المؤتمرات رؤية لكيفية الانتقال من حالة الاختلال الى التوازن، ومن التأتأة الفكرية والسياسية والثقافية، الى مرحلة المنطق السليم، دعوات للصحوة واليقظة، والتبصر، وتمكين العقول من الريادة. وفن لتضييق مساحة الهزائم والنكسات والنكبات وتوسيع مساحة الانجازات والانتصارات.

 المؤتمرات وورشات العمل ارض طيبة لغرس الأفكار والمقترحات الخلاقة، وليست مجرد لقاءات من بعد غياب أو مناسبات لتبادل المجاملات في صالات الفنادق ذوات النجوم الثمينة.