النجاح الإخباري - رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا يوم أمس (16 نيسان/أبريل) التماساً تقدّم به مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان للمطالبة بإلغاء أمر الهدم العقابي الذي أصدره جيش الاحتلال ضد منزل عائلة الشهيد عمر أبو ليلى. وقد أبلغ جيش الاحتلال عائلة الشهيد بقرار هدم المنزل في آذار/مارس الماضي إثر اتهام أبو ليلى البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً بتنفيذ عملية في مستوطنة أريئيل المقامة على أراضٍ فلسطينية مصادرة، طعن خلالها جندياً إسرائيلياً وجرّده سلاحه ومن ثم أطلق النار على مركبة تقل حاخاماًإسرائيلياً.

استشهد عمر أبو ليلى في 19 آذار الماضي بعد اشتباك مسلّح مع قوات الاحتلال بالقرب من رام الله وما يزال جثمانه محتجزاً في ثلّاجات الاحتلال ضمن سياسة شاملة ترفض سلطات الاحتلال بموجبها تسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين إلى ذويهم.

هذا وسيؤدّي أمر الهدم العقابي ضد منزل عائلة الشهيد أبو ليلى في بلدة الزاوية شمال الضفة الغربية المحتلة إلى تهجير والديه وأشقّائه الأربعة - وجميعهم أطفال - رغم اعتراف الاحتلال بأن أيّاً من أفراد الأسرة لم يكن له دور يذكر في العملية. حيث يزعم جيش الاحتلال بالمقابل، وبناءً على أدلّة سريّة يرفض الإفصاح عنها، بأن هذا النوع من الهدم يساهم في الردع بل ويعد أداة ردع ناجعة.

وذكر محاميا المركز أ. سليمان شاهين و أ. محمد العباسي، في الالتماس الذي قدّمه مركز القدس للمساعدة القانونية نيابةً عن العائلة في 15 نيسان، أنه لا يُمكن اعتبار مسألة هدم المنزل وسيلة ردع، وما هي إلا شكل من أشكال العقوبات الجماعية التي يحظرها القانون الدولي الإنساني العرفي بما في ذلك المادة 50 من اتفاقيتي لاهاي والمادة 87 من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة. وتعتبر العقوبات الجماعية جريمة حرب وفقاً لمحاكمات نورنبيرغ التي أعقبت الحرب العالمية الثانية والمحكمة الخاصة للنظر في الجرائم المتركبة إبّان الحرب الأهلية في سيرا ليون.

من الجدير ذِكره أنّ قوات الاحتلال تعتمد في تطبيق سياسة الهدم العقابي على اللائحة 119 من لوائح الطوارئ التي سنّتها حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين في العام 1945. ولذلك شدّد مركز القدس في التماسه على أن نص اللائحة وروحها يفضيان إلى الاستنتاج الواضح بأنها سُنّت كأداة عقاب لا كأداة ردع، وبأن أي محاولة لقراءتها كأداة ردع لا تنتهك القانون الدولي فحسب بل تتناقض ومبدأ الشرعية الذي يشكل إحدى لبنات القانون الدستوري الإسرائيلي.

وأيّاً يكن الهدف المعلن من وراء مواصلة سياسة الهدم العقابي فإن هذه السياسة بحد ذاتها تخالف مبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين وهو أحد مبادئ القانون الدولي الإنساني العرفي والذي يمنع استهداف المدنيين.

وفي قرارٍ مُقتضب أجمع عليه القضاة الثلاثة وصاغه القاضي ألكس شتاين، رفضت المحكمة العليا كافّة الادعاءات الي قدمها مركز القدس مستندة إلى قائمة طويلة من القرارات التي صادقت مراراً وتكراراً على أوامر الهدم العقابية. حيث أمهلت المحكمة العليا عائلة الشهيد أبو ليلى المكوّنة من ستة أفراد حتى 23 نيسان لإخلاء الشقّة كي تقوم بتنفيذ أمر المصادرة والهدم.

وختاماً يدين مركز القدس بشدّة القرار الصادر عن المحكمة الإسرائيلية العليا وامتناعها عن إلغاء قرارات وممارسات عسكرية تنتهك حقوق الفلسطينيين بشكل صارخ، كما ويعتبر مركز القدس الضوء الأخضر الذي تمنحه المحكمة لسياسات العقوبات الجماعية والتهجير القسري وانتهاكات القانون الدول، تواطؤاً مع جرائم الحرب الإسرائيلية.