نابلس - النجاح الإخباري - افتتحت النيابة العامة لدولة فلسطين تحت رعاية رئيس دولة فلسطين محمود عباس، اليوم الخميس، بمدينة رام الله، المؤتمر السنوي التاسع (الفلسطيني- التركي المشترك)، تحت عنوان: "الأدلة الرقمية بين مقتضيات التحقيق وحقوق الإنسان".

وافتتح المؤتمر بالنشيدين الوطنيين الفلسطيني والتركي، وعُرض فيلمان أحدهما عن عمل النيابة العامة في فلسطين، والآخر عن النيابة العامة التركية، بحضور أعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة "فتح"، وممثلين عن المؤسسات العامة والخاصة، ورؤساء الأجهزة الأمنية.

وقال نائب رئيس الوزراء في حكومة تسيير الأعمال زياد أبو عمر في كلمة ألقاها نيابة عن الرئيس، أنقل لكم تحيات رئيس دولة فلسطين محمود عباس الذي شرفني بتمثيل سيادته أمام هذا الحضور الكريم من كافة مكونات قطاع العدالة في فلسطين، وفي الدول الشقيقة والصديقة.

وأضاف "ان المؤتمر يزخر بمواضيع ومداولات ترفد عملنا الدؤوب، لتكريس سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات واجتثاث الجرائم التقليدية والمستحدثة، وهو يأتي في وقت لا تزال فيه أمامنا تحديات جديدة لتعزيز استقلالية وهيبة السلطة القضائية رغم التقدم الذي تم تحقيقه على هذا الصعيد، واستمرار العمل الحثيث لزيادة ثقة المواطن في القانون وأسس العدالة في فلسطين."

وأوضح أن أي انجاز في دور وفعالية النيابة العامة هو تطوير للسلطة القضائية ككل، وإرساء لمبادئ العدل والشفافية في دولتنا".

وأضاف ان القيادة الفلسطينية مصممة على المضي قدما في إزالة كافة العقبات أمام سلطة القانون التي تحمي المواطن، وتؤسس للعدالة، وانطلاقا من إيمانا الراسخ بأهمية الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء كجزء من أركان الدولة التي نتطلع لإقامتها.

وقال: ننظر بكل التقدير لإنجازات النيابة العامة في الحفاظ على الأمن، ومحاربة الجريمة، واجتثاثها، وتحسين الأداء، وتعزيز التخصص في العمل، ورفع كفاءة أعضاء النيابة العامة المكلفين بالتحقيق والترافع، وكان لانضمام فلسطين للعديد من المنظمات الدولية ولمنظمة الشرطة الدولة عظيم الأثر في مكافحة الجريمة.

وأضاف ان إرادتنا حرة في بناء نموذج الدولة التي تليق بشعبنا دولة الحرية والقانون والمساواة، وآن الأوان لرحيل الاحتلال عن أرضنا، وبلادنا، لنتمكن من استكمال بناء دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، وهذا جوهر الحراك السياسي والنضال العنيد الذي يقوده سيادة الرئيس برؤية وطنية واثقة وخطوات مدروسة نحو فلسطين الدولة المستقلة.

من جهته، قال رئيس المحكمة العليا، رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار عماد سليم، إن المؤتمر يأتي في ظل ظروف دولة معقدة تمر بها القضية الفلسطينية تهدف لتهويد القدس بمباركة من الولايات المتحدة، ما يتطلب منا قضاة وأعضاء نيابة عامة ورجال قانون، أن نقف مع القضاة الشرفاء، لإبراز قضيتنا العادلة في كل المحافل القضائية الدولية.

وأضاف سليم ان المؤتمر ينعقد في ظل ازدياد جرائم تكنولوجيا المعلومات، لذا كان اختيار عنوان المؤتمر للتصدي لهذه الجريمة، وهو يهدف لتبادل خبرات، وبناء شراكات، وتثقيف المجتمع، وتعزيز سيادة القانون في هذا المجال.

وأوضح: أن مجلس القضاء الأعلى ينظر باهتمام كبير لحقوق الإنسان، وحرياته، وفي ظل ازدياد الجرائم الإلكترونية في فلسطين نثمن دور النيابة العامة في التصدي لهذه الجرائم، بالتعاون مع رجال الأمن، لا سيما بعد تشكيل وحدة متخصصة بالجرائم الإلكترونية، ثم تشكيل نيابة متخصصة للتعامل مع هذه الجرائم.

وأشار إلى أنه تم تقديم 173 شكوى في العام 2013، بيد أنها فاقت الألف جريمة 2018، وأصبحت تؤثر على حق الإنسان في الخصوصية، وفي الرأي والتعبير"، مثمنا تعديل قانون الجرائم الالكترونية في فلسطين لتنسجم مع القوانين والحريات.

إلى ذلك، قال رئيس محكمة الاستئناف العليا في جمهورية تركيا المستشار إسماعيل رشتو سيرت، إننا نقف في فلسطين مهد الحضارات، ونحن فخورون جدا أن نكون اليوم في هذا المؤتمر المميز، ونحن نتكلم عن اساسيات البحث والتحري وحقوق الإنسان، ولذلك كان هذا المؤتمر الدولي المشترك.

وأضاف ان المشاركين من مختلف انحاء العالم اختيروا بشكل دقيق وهم يمثلون مختلف المؤسسات الدولية، ونحن في هذا البلد الجميل نسعى لتعزيز حقوق الإنسان ونفتخر بالعمل سويا مع النيابة العامة في دولة فلسطين.

وأوضح المستشار رشتو سيرت، أن القيم الأساسية لحقوق الإنسان هي فوق كل شيء فالعدالة تشكل النواة الأساسية لنا وللجميع، نحن هنا لنرفع من القيام الإنسانية ونحافظ عليها وهذا المؤتمر وجد لهذا الهدف.

وتابع قائلا: إن المعلومة الخاصة بالنيابة العامة تطورت وأصبح جمع الأدلة الرقمية مهما في عمل النيابات العامة ومؤسسات العدالة، ولذلك نحن نسعى لنكون جاهزين للتماشي مع التطورات للحفاظ على حقوق الإنسان .

إلى ذلك، قال مدير مكتب برامج فلسطين في الوكالة التركية للتعاون والتنسيق  (TIKA)- وهي الوكالة الممولة للمؤتمر أحمد رفيق "لدينا 61 مكتبا في دول العالم، ونعمل في 150 دولة، وقمنا بتنفيذ 55 مشروعا في فلسطين منذ العام 2005، في مجالات التعليم، والصحة، ومجالات أخرى، بقيمة 8.2 مليار دولار، مشيرا إلى أن المساعدات التي تم تقديمها في مختلف أرجاء فلسطين وصلت إلى حوالي 40 مليون دولار أيضا.

إلى ذلك، قال المستشار العام للرابطة الدولية للمدعين العامين جاري بالش (IAP) إن الرابطة أنشئت عام 1995، ولديها مئات المؤسسات الأعضاء من مختلف دول العالم".

وأضاف ان لدينا تحديات قضائية وقانونية لضمان محاكمة عادلة هو أساس عملنا، وكل ذلك يحتاج إلى التعاون بين النيابات العامة، ومن أجل تحقيق ذلك يجب أن يجتمع ممارسو المهنة معنا من أجل التنسيق والتعاون، نحن سعيدون بالمشاركة في هذا المؤتمر ونتمنى له ولكل المشاركين فيه النجاح.

إلى ذلك، قال المستشار النائب العام للمحكمة العليا للاستئناف في جمهورية تركيا محمد أكارجا، إن التعاون المشترك بين فلسطين وتركيا ومن خلال عمل اللجان المشتركة تمكنا من إقامة هذا المؤتمر المشترك.

وأضاف ان المؤتمر عالي المستوى وسعيدون بالشراكة في هذا المؤتمر مع دولة فلسطين، وفخورون بالحضور إلى فلسطين، وموضوع المؤتمر هو موضوع هام لفلسطين وتركيا ولنيابات العامة في العالم.

وأوضح ان الموضوعات التي يعالجها المؤتمر مهمة ويمكن أن تقدم الكثير من الفوائد والمعلومات للنيابات العامة، وسبل تطبيق اتفاقيات الأمم المتحدة في هذا السياق وضمان محاكمة عادلة للمتهمين وتحقيق حرية الانسان وحقوقه.

وبين ان التطورات التكنولوجية تحتم علينا تبادل المعلومات وتقاسمها والاستفادة من تجارب بعضنا البعض، والتهم المرتكبة في عالم الانترنت أصبحت ترتكب بشكل أفضل والشبكة العنكبوتية أصبح يستغلها الناس بشكل كبير والاشكال التي يتم فيها ارتكاب الجرائم متطورة ومتغيرة.

وفي السياق، رحب النائب العام لدولة فلسطين المستشار أكرم الخطيب، في كلمته بضيوف فلسطين القادمين من الدول الشقيقة والصديقة ليكونوا بيننا في حفل افتتاح هذا المؤتمر المشترك.

وقال: نلتقي اليوم في ظروف استثنائية وبالغة الخطورة تعصف بقضيتنا الوطنية، وتهدد وجودنا، وهويتنا وتاريخنا، إذ يتوسع الاحتلال بانتهاكاته المتواصلة للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وتواصل استهداف المواطنين الفلسطينيين لاقتلاع مقومات ثباته في أرضه، وتشتيت قضيته، وتصفيتها، من خلال سرقة والاستيلاء على المزيد من الأراضي، وبناء المستوطنات، وتشريع القوانين العنصرية.

وأضاف ان انعقاد المؤتمر يأتي في ظل تنامي الجريمة، ما يفرض وبإلحاح على أجهزة انفاذ القانون مواكبة التطورات لفرض سيادة القانون وخلق مناخ من الأمان، ولا يأتي ذلك إلا من خلال تضافر كل الجهود الفاعلة في إنفاذ القانون وعلى رأسها النيابة العامة.

وأضاف انه استجابة لهذه التطورات عملت النيابة العامة على تطوير قدرات كادرها وعناصرها البشرية ضمن مبدأ التخصص في العمل في إطار التكامل مع كافة الشركاء والداعمين.

وأوضح الخطيب، أنه رغم التحديات التي تواجهها النيابة العامة إلا أنها نجحت في القضاء على ظاهرة تراكم القضايا أو ما يعرف بالقضايا المدورة، حيث بلغت نسبة القضايا المحالة للمحاكم خلال العام الماضي 80% من القضايا الواردة للنيابة.

وأشار الخطيب، إلى أن النيابة العامة نجحت في تطبيق برنامج الميزان الذي سهل سرعة الدعوة، وتعزيز الشفافية، وتفعيل التفتيش الرقابي على أعضاء النيابة.

وبين الخطيب أن النيابة العامة أدركت مدى أهمية التعاون القضائي الدولي لذلك بادرت لمواكبة التطورات والتحولات، للاطلاع على أنظمة العمل في العالم للاستفادة من التجارب الدولية، لتمكين النيابة العامة من تكوين ثقافة قانونية وتحرير الطاقة الإبداعية الخلاقة التي تندرج ضمن العمل الكبير والعميق لتطوير نظام العدالة في فلسطين.

وبين أن مؤتمر هذا العام متخصص بمناقشة الأدلة الرقمية وجرائم الحاسوب على مدار ثلاثة أيام، وسيعرض الخبراء تجارب دولية في ملاحقة الجرائم، والتعامل مع الأدلة الرقمية، ومواجهة إجراءاتها، وسيناقش المؤتمر خصوصية التعامل مع قضايا الأحداث وحماية الأسرة.

وعلى هامش المؤتمر تم توقيع مذكرة تفاهم بين النيابة العامة لدولة فلسطين والنيابة العامة لجمهورية الأرجنتين، وكذلك توقيع مذكرة تفاهم بين فلسطين وجمهورية بوتسوانا.