عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - ضجت وسائل إعلام حركة الانقلاب الحمساوية، وكتابها البارزون، خاصة احمد يوسف بالتصفيق والتبرير للتفاهمات مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، واعتبرت ذلك "إنجازا" مهما من "إنجازاتها"، التي تحسب لها، على اعتبار أن قيادة فرع جماعة الإخوان المسلمين "شالوا الزير من البير!"، وأن ما حققته "لا سابق" له في عالم السياسة الفلسطينية. 

وبدا للمراقب أن هدف مسيرات العودة، التي استمرت عاما كاملا، وهيمنت عليها حركة الانقلاب الحمساوية نتيجة تراجع القوى الوطنية عن فعلها، وأيضا كونها تهيمن على مقاليد الأمور في محافظات الجنوب، هو تحقيق تفاهمات بائسة، وقاصرة، لا تحقيق حق العودة، ومن جانب آخر التغطية على عوراتها ومثالب انقلابها، وفضائح تهافتها وفساد مؤسساتها، وجرائمها ضد أبناء الشعب في محافظات القطاع. 

ويستحضر المرء في هذا المقام، قصة رجل يسكن وزوجته وأولاده وأمه في غرفة واحدة، فذهب لأحد الشيوخ ليعرض عليه مأساته وبلواه، وسأل الشيخ عن الحل، وكان للرجل بقرة وغنمة وحمار وكلب، وبدل أن يقدم له الشيخ الدعم لبناء غرفة إضافية، نصحه، بأن يضع الغنمة معهم في الغرفة؟ قال له صعب يا شيخنا! قال أنت بس جرب وشوف؟ وضعها، وصار الوضع أصعب. عاد للشيخ مجددا، وشكى أمره، فقال له، ضع البقرة أيضا، كيف ما كيف؟ المهم أقنعه، فوضعها. ثم عاد للشيخ وبكى أمره، فنصحه بوضع الحمار.. إلى أن وضع الكلب حتى لم يعد هناك متنفس للعائلة، وكاد الرجل يفقد عقله، فنصحه لاحقا الشيخ بإخراج الكلب، وتدريجيا أخرج البقرة والحمار والغنمة، فسأله الشيخ أخيرا، كيف صار الوضع قال أحسن نسبيا؟؟!! وهذا حال حركة الانقلاب الأسود، التي بجريمتها الكبرى، وانقلابها على الشرعية، وتمزيقها وحدة الوطن والمجتمع والقضية، وتساوقها مع المستعمر الإسرائيلي في فرض الحصار على غزة، ووضعها مصير أبناء الشعب على كف عفريت يركب الانقلاب والانقلابيين الحمساويين. وما نتج عن ذلك، من إغلاق المعابر، تقليص حجم السلع والبضائع الواردة لمحافظات الجنوب، انخفاض الكهرباء، انعدام المياه، طبعا وقبل ذلك تدمير المطار ومشروع الميناء، زيادة البطالة والفقر والجوع، والظواهر الاجتماعية الخطيرة، التي عمقت الوضع الاجتماعي سوءا، وانخفاض كبير في مساحة الصيد حتى وصلت لثلاثة أميال فقط. فضلا عن تكميم الأفواه، وتجاوز القانون والنظام، وسن قوانين وتشريعات لا علاقة لها بالنظام الأساسي، وقتل واعتقال وإفلاس المؤسسات والشركات، وسن ضرائب بطريقة عجائبية، حتى باتت كالفطر تتوالد بشكل جنوني لمص دماء المواطنين الأبرياء. 

وأخيرا جاءت بالتفاهمات الوهمية والكاذبة، التي نتج عنها: هدنة مذلة؛ وتشغيل مليشيات حماس الانقلابية أجراء عند القيادة الإسرائيلية على الشريط الحدودي، مقابل فتات تافه يليق بحركة الانقلاب الحمساوية: زيادة مساحة الصيد لـ 15 ميلا بحريا، مع ان اتفاقية أوسلو "الخيانية" منحت الشعب مساحة 21 ميلا بحريا، وكان في محافظات الجنوب مطار دولي، ووضع حجر الأساس للميناء البحري، وكانت السلع والبضائع تدخل وتخرج بانتظام، والاستيراد والتصدير يسير بحرية، والكهرباء موجودة وعلى مدار الساعة، ومشاريع تحلية المياه تتم على قدم وساق، والبطالة منخفضة جدا، والحياة تسير بشكل جيد دون انتهاكات لحقوق ومصالح وحريات أبناء الشعب. 

لكن ما يجري في قطاع غزة لا يخرج عن مخطط معد مسبقا، وتمثل بأن تلعب حركة حماس دور رأس حربة مشروع الإخوان المسلمين فيما يسمى "الربيع العربي"، وواصلت دورها التخريبي مع تطور المشروع الصهيو أميركي ووفق تطوراته، فمع بروز ما يسمى صفقة القرن الترامبية المشؤومة، دخلت حركة حماس على الخط، لأنها وجدت، وقامت بتنفيذ انقلابها وفقا للمخطط الأساس، وهو تمزيق وحدة الشعب والأرض والمشروع الوطني، وتهجير أبناء الشعب من خلال الإفقار، والتجويع، والحصار والبطالة والجريمة المنظمة، وقتل روح الأمل بينهم. ومع ذلك يخرج علينا "عبقرينو" حماس أحمد يوسف ليدافع عن التفاهمات، ويسطر لها التعاويذ الشيطانية لتبريرها! 

إن ما أجرته حماس وما زالت تجريه هو تفاهمات رخيصة وتافهة كمن صاغها، ووقع عليها، وقبل بها، وهي لا تعدو فصلا من فصول صفقة القرن الأميركية، ومكملا لتطبيق "قانون أساس الدولة اليهودية القومية"، الأمر الذي يملي علينا العمل الجاد وقبل فوات الأوان على استعادة وحدة شطري الوطن، ردا على حركة حماس، وعلى نتنياهو وخياره الإستراتيجي بفصل القطاع عن الضفة، وتدمير المشروع الوطني. وإن كان لحركة حماس رأي آخر، وموقف آخر، فلتتفضل لتعلن عنه، وتستجيب لنداء الشعب والقيادة الشرعية بإعادة الوحدة، أو كما أعلن موسى أبو مرزوق قبل ثلاثة ايام، أن حركته ستعمل على تطبيق اتفاق 2017، فليتفضل لتنفيذ ذلك.

[email protected]

الحياة الجديدة