النجاح الإخباري -  

أجرت مؤسسة الحق منذ يوم الأربعاء الموافق 27 آذار 2019 تحقيقات ميدانية شاملة حول الظروف والملابسات التي رافقت استشهاد المُسعف ساجد مزهر، وجمعت ووثقت شهادات من شهود عيان تواجدوا في  المكان وقت وقوع الحادث، وتقارير ميدانية، وصور الفوتوغرافية، وغيرها من الوثائق والأدلة ذات الصلة. 

يشار الى أن سلطات الاحتلال قامت في السابع والعشرين من شهر آذار المنصرم بقتل المواطن الفلسطيني ساجد عبد الحكيم حلمي مزهر 17 عاماً، وهو مُسعفٌ متطوعٌ مع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، وقد استهدفته قوات الاحتلال برصاصة قاتلة خلال أدائه لمهام عمله أثناء المواجهات التي دارت بين الشبان وقوات الاحتلال في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين، جنوبي بيت لحم.

ويستعرض تقرير مؤسسة الحق معلومات تفصيلية بشأن سياق الأحداث تم جمعها ارتباطاً بالضحية، ويورد تفاصيل تُفنّد التحريفَ المُتعمَد للحقائق من قبل قوات الاحتلال التي قامت بعرض مقطع فيديو مزعوم؛ ادعت أنه وثق عملية الاستهداف والقتل، وسلط الضوء على الاستنتاجات التي خلصت إليها مؤسسة الحق استناداً لتوثيقاتها ومتابعاتها الميدانية للأحداث.

1. سياق الأحداث

قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي في السابع والعشرين من شهر آذار 2019 بمداهمة مخيم الدهيشة للاجئين جنوب بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة حوالي الساعة السادسة والرُبع صباحاً، وقد دارت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين في حي الولجية وسط المخيم، وعند الساعة السادسة والثلث وصل ستة مسعفين متطوعين يعملون مع جميعة الإغاثة الطبية الفلسطينية، بينهم ساجد مزهر، 17 عاماً، إلى المنطقة لإسعاف ومعالجة أية إصابات مُحتملة قد تنجم عن المواجهات، وقد ارتدى جميع الموظفين الميدانيين التابعين لجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية ستراتهم الطبية العاكسة والتي حملت إشارة تعريفية واضحة تُدلل على أنهم من الطواقم الطبية.

وخلال المواجهات، قام الشبان الفلسطينيون بإلقاء الحجارة باتجاه قوات الاحتلال التي قامت باطلاق النار وقنابل الغاز المسيلة للدموع.

وفي هذه الأثناء، قامت قوات الاحتلال باقتحام منزل عائلة معالي في حي الولجية بمخيم الدهيشة بهدف اعتقال جهاد عيسى معالي 24 عاماً، لكنهم لم يعثروا عليه في منزله.

في ذلك الوقت، كانت قوات الاحتلال قد انتشرت في أرجاء الحي، بما في ذلك على أسطح المنازل، مُطلقة الذخيرة الحية وقنابل الصوت، وقد أُصيب شابان خلال المواجهات الدائرة في حي الولجية وهما: صلاح محمد فرج 29 عاماً، وقد تمّت معالجته ميدانياً من قبل متطوعي جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، وعامر فيصل معالي 24 عاماً، تمت معالجته ميدانياً بشكل أولي واحتاج لاحقاً لنقله للمستشفى لاستكمال العلاج.

وحوالي الساعة 6:55 صباحاً، انسحبت مجموعة من قوات الاحتلال من منزل عائلة معالي بعد أن فشلوا في اعتقال جهاد، واعتقلوا مكانه أخيه معالي عيسى معالي البالغ من العمر 34 عاماً. 

وعقب انسحابهم من المنزل، توجهوا  نحو شارع القدس- الخليل، وهو الشارع الرئيسي الذي يفصل بين مخيم الدهيشة وبلدة الدوحة المجاورة غرب المخيم، وبذلك فقد انتقلت المواجهات من حي الولجية؛ وسط مخيم الدهيشة، إلى الشارع الرئيسي.

وانتقل طاقم الإغاثة الطبية، ومن بينهم ساجد مزهر، إلى الشارع الرئيسي، حيث دارت المواجهات واتخذوا موقعاً لهم يبعد بين 80 إلى 100 متر عن قوات الاحتلال، وقد ارتدوا جميعاً السُترات الطبية المميزة العاكسة.

وحوالي الساعة السابعة صباحاً، وبينما المواجهات ما زالت مستمرة، أُصيب الشاب الفلسطيني محمد سامي الجعفري، 23 عاماً، بالرصاص الحي الذي أطلقته قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من محل الصرفندي للأجهزة الكهربائية ومحل العرتوفي للخدمات الصحية القريبين من مكان الحادث على الشارع الرئيسي.

وكان الشاب المصاب محمد الجعفري، يبعد عدة أمتار عن ساجد واثنين من زملائه من الإغاثة الطبية الفلسطينية، الذين تحركوا حوالي الساعة 7:05 صباحاً نحو الشاب المصاب. وفي تلك اللحظة، وقع ساجد على الأرض وهو يصيح "رجلي!". بعد سقوطه على الأرض، سارع أحد زملائه نحوه وقام بفحص رجليه بحثاً عن أية علامات على وجود إصابة لكنه لم يتمكن من رؤية أي مَدخل إصابة، وقرر نقل ساجد للمستشفى بسيارة خاصة تواجدت في المنطقة وأقلته لمستشفى بيت جالا الحكومي. بعد مسافة تُقدر بحوالي كيلومتر، وصلت السيارة الخاصة لمكان تواجد سيارة الإسعاف التابعة لجميعة الإغاثة الطبية الفلسطينية، وتم نقل ساجد من السيارة الخاصة إلى سيارة الإسعاف التي نقلته إلى مستشفى بيت جالا الحكومي.

ودخل ساجد المستشفى حوالي الساعة 7:10 صباحاً، وتم فحصه وتشخيص إصابة بالرصاص الحي أسفل البطن، ونظراً لعدم توفر العلاج المناسب وغياب الطبيب المختص بمستشفى بيت جالا الحكومي، أوصى أحد الأطباء بضرورة نقل ساجد فوراً للمستشفى الجراحي والتأهيلي المتخصص التابع للجمعية العربية للتأهيل- بيت لحم، ونُقِل ساجد بواسطة سيارة إسعاف.

ودخل ساجد غرفة الطوارئ التابعة للمستشفى بتمام الساعة السابعة والنصف صباحاً حيث كانت حالته الصحية تتدهور بشكل حاد وضغط دمه منخفض بشكل كبير.

ودخل ساجد غرفة العمليات خلال خمس عشرة دقيقة من وصوله، وقد أظهر التقرير الطبي الذي حصلت عليه مؤسسة الحق من النيابة العامة الفلسطينية حسب الأصول والقانون بعد الاجتماع الذي عقدته "الحق" مع النائب العام أكرم الخطيب يوم الثلاثاء الموافق 2 نيسان 2019؛ بأن ساجد مزهر عانى من وضع حرج، وهبوط حاد في الضغط، ونقل إلى غرفة العمليات على وجه السرعة، وخضع لعملية جراحية، وأن حالته استمرت في التدهور إلى أن اختفت العلامات الحيوية، وقد قام الأطباء بمحاولة إنعاشه لمدة ساعة تقريباً؛ إلى أن تم الإعلان عن استشهاده حوالي الساعة العاشرة صباحاً من يوم الأربعاء الموافق 27 آذار 2019 وتم تسليم جثمانه لعائلته للدفن.

وتمَّ معاينه جثمان ساجد مزهر بحضور النيابة العامة، وبالرجوع إلى التقرير الطبي المذكور الصادر عن د. ناصر جوابرة من مستشفى الجمعية العربية للتأهيل - بيت لحم فإنه يؤكد على أن ساجد أُصيب برصاصة اخترقت الجهة اليمنى أسفل البطن، وأن الرصاصة قد تفتّتت، واستقرت خلف عظمة العصعص، وأنه لم يكن هناك مخرج للرصاصة. 

وأكد النائب العام بأن الرصاصة، وبسبب إطلاقها في منطقة أسفل البطن، لم تخترق السترة الطبية العاكسة التي كان يرتديها ساجد حينها. ودفن ساجد في الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر في اليوم ذاته بعد جنازة اخترقت شوارع مخيم الدهيشة للاجئين وصولاً إلى مقبرة الشهداء في بلدة ارطاس جنوب بيت لحم. مرفق نسخة عن التقرير الطبي في الملحق الثاني صفحة (19) من ملاحق هذا التقرير.

2. معلومات عن الضحية

ساجد عبد الحكيم حلمي مزهر، حامل بطاقة هوية شخصية رقم 4 0683693 2، ولِد في 27 تشرين الثاني من العام 2001 في مدينة بيت لحم. كان عُمر سائد 17 عاماً عندما أَطلقت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي النار واردته قتيلاً في 27 آذار 2019.

ساجد ابن السابعة عشر ربيعاً، كان يعيش مع والديه وأخويه في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين، كان طالباً في مدرسة التدريب المهني التابعة للسلزيان في بيت لحم، وقام على مدى العامين الماضيين بالتطوع مع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية.

وقد أفادت مصادر إعلامية، نقلاً عن عبد الحكيم حلمي مزهر، والد ساجد، أن ساجد أَصَرَّ أن يكون كالعادة متطوعاً مع زملائه في جميعة الإغاثة الطبية الفلسطينية خلال المواجهات التي دارت يوم الأربعاء 27 آذار 2019. يستذكر والد ساجد قائلاً: " قال لي [ساجد] أنه لا يستطيع التخلي عن الجرحى، وأنه تَدَرَّب من أجل تقديم المساعدة الإنسانية لهم في أوقات كهذه."

وأكدت مؤسسة الحق، استناداً للتوثيق المُفصّل والمتابعات الميدانية للأحداث في مخيم الدهيشة، أن ساجد لم يكن متواجداً على الإطلاق على سطح أيّ منزل خلال المواجهات التي وقعت في مخيم الدهيشة صباح يوم الأربعاء الموافق 27 آذار 2019 وهو اليوم الذي أُصيب فيه برصاصة قاتلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يفند رواية الاحتلال المزيفة.

كما أكدت "الحق" بأن ساجد مزهر كان يرتدي بلوزة سوداء تحت سترته الطبية العاكسة، وهذا ما تؤكده الصور التي التقطها الباحث الميداني التابع لمؤسسة الحق؛ وقد تم إرفاق إحدى الصور التي التقطها الباحث في الملحق الثالث الوارد في الصفحة (20) من ملاحق هذا التقرير. في حين يُظهر الفيديو، الذي نشره الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، بوضوح، شخصاً ينزع سترته مرتدياً تحتها بلوزة بيضاء اللون كما يظهر في الملحق الرابع الوارد في الصفحة (21) من ملاحق هذا التقرير. وهذا كفيلٌ وحده بدحض رواية الجيش والإعلام الإسرائيلي بالكامل.

يُضاف إلى ما تقدم، أن التوثيق الذي قامت به مؤسسة الحق يُشير بوضوح إلى أن عملية إطلاق النار على ساجد حدثت أثناء محاولته مساعدة أحد الشُبان الجرحى، كجزء من مهامه كمُسعف، على "الشارع الرئيسي" لمخيم الدهيشة، بالقرب من محلات الصرفندي للأجهزة الكهربائية والعرتوفي للخدمات الصحية، ولم يكن ساجد متواجداً على سطح أيّ منزل على الإطلاق.

وتؤكد توثيقات الحق، بأن الموقع الذي تمَّ فيه إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على المُسعف ساجد مزهر يبعد حوالي 300 متراً عن سطح المنزل الذي ظهر في مقطع الفيديو عند الساعة 7:05 صباحاً. أي بعد انتقال المواجهات من حي الولجية، حيث تم تصوير الفيديو، إلى الشارع الرئيسي المحاذي لمخيم الدهيشة، حيث تم إطلاق النار على ساجد مزهر.

ورأت مؤسسة الحق؛ بأن الجيش الإسرائيلي قد فشل تماماً في تفسير سبب إطلاق النار على ساجد مزهر وقتله أثناء تحركه لمساعدة أحد الشبان الجرحى على الشارع الرئيس لمخيم الدهيشة. كما وفشل الجيش الإسرائيلي أيضاً في شرح كيفية تهديد ساجد مزهر للجنود الإسرائيليين، المدججين بالسلاح، عند اطلاق النار عليه؛ وإردائه قتيلاً.

وبشكل لافت، وبعد مراسلات بين صحيفة هآرتس الإسرائيلية وسلطات الاحتلال الإسرائيلية بشأن مقتل ساجد مزهر، نشرت الصحيفة المذكورة ما يلي:

" سألت هآرتس مكتب الناطق [باسم الجيش الإسرائيلي] إن كان مزهر قد هدد حياة الجنود وكيف هددها إن كانت الإجابة بنعم. وبعد مرور حوالي 24 ساعة أشار المكتب بضرورة إحالة السؤال للشرطة.

وأفاد الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية بضرورة إحالة السؤال للمكتب الرئيسي للناطق باسم الشرطة لأن عناصر الشرطة في منطقة الضفة الغربية لم يكونوا مشاركين في الحادثة.

وبدوره أجاب المكتب الرئيسي بعدم وجود ما يُضيفه على ما ورد في البيان الصحفي الأصلي [الصادر عن الجيش الإسرائيلي] ... .“

في ضوء المعطيات أعلاه، تستنتج مؤسسة الحق أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تُجب على الأسئلة التي طرحتها عليها صحيفة هآرتس. لأنه تمَّ إطلاق النار على ساجد مزهر، بشكل غير قانوني، وباستخدام قوة مميتة، بينما كان يقوم بتأدية واجبه كمُسعف، وأثناء توجهه صوب أحد الشبان المصابين، وكان يرتدي سُترة طيبة تُميزه بوضوح بأنه أحد أفراد الخدمات الطبية. إنَّ الحقائق، التي تمَّ تفصيلها أعلاه، تؤكد محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإخفاء وتشويه الحقائق من وراء إطلاق النار على ساجد، وهي تقود مؤسسة الحق للخروج بنتيجة قوية مفادها أن ساجد مزهر تمَّ استهدافه بقوة مميتة بشكل متعمد.

 الاستنتاجات والتوصيات

كشفت التوثيقات والمتابعات الميدانية "للحق" أن المُسعف ساجد مزهر، 17 عاماً، تعرض للإعدام خارج نطاق القضاء من قبل قوات ااسحتلال الإسرائيلي يوم 27 آذار 2019 في مخيم الدهيشة في الضفة الغربية المحتلة، وقد قدمت "الحق" أدلة قاطعة تدحض، بما لا يقبل الشك، ادعاءات قوات الاحتلال الإسرائيلي. ومن هنا، تطرح مؤسسة الحق الاستنتاجات التالية:

(1) تتحمل، إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، المسؤولية الكاملة عن الإعدام خارج نطاق القضاء للمُسعف ساجد مزهر، 17 عاماً، والاستخدام غير المبرر وغير القانوني للقوة المميتة ضد ساجد أثناء قيامه بمهام عمله كأحد أفراد الخدمات الطبية وتقديمه المساعدة الطبية للمصابين خلال المواجهات التي درات في مخيم الدهيشة في 27 آذار 2019.

وبالتالي، فإنه يتوجب على سلطات الاحتلال أن تفتح تحقيقاً جنائياً مستقلاً وحيادياً وعاجلاً وشاملاً وفعّالاً وموثوقاً وشفافاً وعلنياً في حادثة مقتل المُسعف الفلسطيني، ساجد مزهر، ومحاكمة المسؤولين عن مقتله محاكمة حقيقية ومحاسبتهم واتخاذ خطوات فعّالة لضمان عدم التكرار وتحقيق سبل الانتصاف الفعّالة لعائلة الضحية وفقاً لالتزامات قوة الاحتلال بموجب القانون الدولي.

(2) على الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف و/ أو نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن يتحملوا مسؤولياتهم في ممارسة الولاية الجنائية واعتقال الأشخاص الذين يُعتقد أنهم ارتكبوا أو أمروا بارتكاب جريمة قتل المُسعف ساجد مزهر، والتي قد تصل لمستوى الانتهاك الجسيم لاتفاقيات جنيف وجريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي. وبشكل خاص، يجب على الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها؛ بموجب المادة الأولى المشتركة من الاتفاقية، بضمان احترام الاتفاقية في جميع الأوقات في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك ضمان حماية أفراد الخدمات الطبية.

(3) يتوجب على مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تعزيز التواجد الميداني لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفقاً لمسودة قرار المحاسبة A/HRC/40/L.25 الذي تبناه مجلس حقوق الإنسان في 22 آذار 2019، الذي يطلب من مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان، على سبيل المثال لا الحصر "نشر الطواقم والخبرات اللازمة لمراقبة وتوثيق الانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي" في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في الضفة الغربية المحتلة، و"متابعة تنفيذ التوصيات التي تضمنها تقرير لجنة التحقيق" بما في ذلك ضمان حماية أفراد الخدمات الطبية من أية اعتداءات أخرى. تدعو، الحق، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أن تُحيل، بشكل عاجل، وعلني، الملف الخاص بمرتكبي الانتهاكات الواردة في التقرير الذي أعدته لجنة التحقيق الخاصة بالأمم المتحدة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

(4) تحث مؤسسة الحق خبراء الأمم المتحدة؛ المكلفين بولايات مرتبطة بالإجراءات الخاصة، بمن فيهم مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 السيد مايكل لينك، ومقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً السيدة آنياس كالامار، ومقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية السيد داينيوس بوراس، على الإدانة العلنية للإعدام خارج نطاق القضاء الذي استهدف المُسعف الفلسطيني المتطوع، ساجد مزهر، 17 عاماً، وأن يخاطبوا الحكومة الإسرائيلية والطلب منها اتخاذ تدابير مساءلة ومحاسبة عاجلة وفعّالة.

(5) تُعبّر مؤسسة الحق، عن قلقها البالغ، بشأن الطبيعة المجهولة للذخيرة الحية التي أطلقتها قوات الجيش الإسرائيلي على المُسعف ساجد مزهر من مسافة تتراوح بين 80-100 متراً، وبشكل خاص، الرصاصة، التي بقيت داخل جسم ساجد، وتفتّتت، ولم يكن هناك مخرج للرصاصة، في الوقت الذي أدت فيه إلى تدهور سريع جداً في حالته الصحية. ونظراً لوجود حالات أخرى تم فيها توثيق مثل هذه الآثار المقلقة الناجمة عن استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للذخيرة الحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، تدعو مؤسسة الحق اللجنة الدولية للصليب الأحمر للتحقيق الفوري في طبيعة الذخيرة التي أصابت وقتلت ساجد مزهر، بما يضمن عدم لجوء قوات الاحتلال الإسرائيلي لاستخدام أسلحة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي.

(6) تدعو مؤسسة الحق منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جمع الأدلة المتعلقة بمقتل المُسعف ساجد مزهر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم الأبعاء الموافق 27 آذار 2019 في مخيم الدهيشة، ومعالجة هذه الحالة في السياق الأوسع الذي يشمل الهجمات المتكررة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الطواقم والمنشآت الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والعمل على وضح حد نهائي لتلك الهجمات العسكرية التي تنتهك القانون الدولي وتعزيز الممارسات الفضلى لحماية الرعاية الصحية، تماشياً مع مبادرة "الهجمات على الرعاية الصحية" التي جرى إطلاقها عام 2012 عقب اعتماد قرار جمعية الصحة العالمية رقم 65.20 الذي طالب منظمة الصحة العالمية بتوفير القيادة على المستوى العالمي لجمع المعلومات المتعلقة بالهجمات التي تستهدف الرعاية الصحية والإبلاغ عنها بشكل منجهي لمنع تلك الهجمات والحد من عواقبها.

(7) تُجدد مؤسسة الحق التأكيد على أن المحكمة الجنائية الدولية هي الهيئة القضائية الدولية المستقلة الوحيدة القادرة على إنهاء حالة الإفلات من العقاب عن الجرائم المرتكبة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وعلى توفير الردع الفعّال عن ارتكاب جرائم في المستقبل، وضمان العدالة الدولية للسكان الفلسطينيين، الخاضعين لاحتلال إسرائيلي طويل الأمد. وتدعو، الحق، مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، السيدة فاتو بنسودا، إلى فتح تحقيق عاجل في الحالة في فلسطين والتحقيق في ومقاضاة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المحتملة في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ 13 حزيران 2014، بما في ذلك تلك الجرائم المرتكبة ضد الطواقم الطبية الفلسطينية، ومن ضمنهم جريمة قتل المُسعف المتطوع؛ ساجد مزهر.