غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - في الوقت التي تسعى فيه حركة حماس للتوصل لاتفاق تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، والذي يسعى الاحتلال من خلال هذا الاتفاق لفصل قطاع غزة تماماً عن الضفة الغربية، يخرج رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بتصريحاتٍ يؤكد للجميع فيها بأن هدف "إسرائيل" الآن هو إقامة دولة في غزة تحت سيطرة حماس لتعزيز سياسة فصل غزة.

وكان نتنياهو أكد أن إسرائيل مستفيدة من الانقسام الفلسطيني، على رفضه عودة السلطة الفلسطينية إلى الحكم في قطاع غزة.

وقال: إن "الخيار الحقيقي هو احتلال غزة والسيطرة عليها، وليس هناك أحد يمكن أن تعطيه غزة.. وأنا لن أعطيها لأبو مازن، لقد فُطعت العلاقة بين غزة والضفة الغربية هذان كيانان منفصلان، وأعتقد أنه على المدى البعيد، هذا ليس أمرا سيئا بالنسبة لدولة إسرائيل، وهذا الأمر جلبه أبو مازن على نفسه بيديه، لقد قلص تحويل المال، واعتقد أنه بذلك سيشعل غزة، وأننا سنحتل غزة بثمن دموي، وأنه بالدم الإسرائيلي سيحصل على غزة على طبق من فضة، وهذا لم يحدث"، وفق تعبيره.

وأضاف نتنياهو أن "ينبغي أن ندرك أنه يوجد حولنا إسلام متطرف. الدولة الإسلامية العظمى هي إيران، التي تحاول الحصول على سلاح ذري، وأن ألجم هذا... وبالنسبة لفرع الإسلام المتطرف الآخر، في غزة، فقد جلبنا حماس إلى الارتداع. لقد أغلقنا محور التزويد المركزي، ووجهنا ضربات لحماس بصورة لا يفهمها الجمهور، أكثر من 300 فلسطيني قُتلوا عند السياج...".

الرئاسة الفلسطينية عبرت عن استغرابها واستنكارها الشديدين ورفضها الكامل للتصريحات غير المسؤولة التي ادلى بها نتنياهو، مؤكدة أنها تعبر عن الاستراتيجية الإسرائيلية الساعية لإدامة الانقسام، وتمهيدا لدويلة غزة التي يتم فيها التنازل عن القدس ومقدساتها.

وأشارت الرئاسة إلى أن هذه التصريحات تكشف عن الاستراتيجية التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية والمدعومة بشكل اعمى من قبل الادارة الاميركية والهادفة لتقسيم فلسطين ومن ثم تقسيم الوطن العربي، محملا الادارة الاميركية كامل المسؤولية عن التوتر القائم في فلسطين والمنطقة، من خلال دعمها لهذه السياسة الاستعمارية.

تعزيز الانقسام

في السياق، يرى المحلل السياسي هاني حبيب أن لدى نتنياهو سياسة واضحة تجاه قطاع غزة، مشدداً على أن هذه السياسية تتعلق بتعزيز الانقسام. وبحسب تحليل حبيب لـ"النجاح الاخباري" فإن ما يقوم به نتنياهو بتهدئة مقابل تهدئة في غزة لتمكين عملية الانقسام واستمرارها، مؤكداً أن هناك دعم إقليمي ودولي لتعزيز سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.

وأضاف أن "هذا الامر هدفه الأخير عدم التوصل لحل الدولتين وعدم قيام دولة فلسطينية.. وهذه السياسة محكمة كانت ولا تزال هي العنصر الجوهري في علاقة حكومات نتنياهو المتعاقبة مع قطاع غزة".

ومن وجهة نظر المحلل حبيب فإن هناك دولة قائمة بالفعل تحت سيطرة وإدارة حركة حماس في قطاع غزة، ينقصها الاعترافات من قبل المجتمع الدولي والمستويات العربية والإقليمية بشكل واضح ومباشر، مشيراً إلى أن حماس تقيم دولة بكافة مقوماتها في القطاع وهي التي تديره وتسيطر على كافة مناحي الحياة فيه.

وكانت حركة فتح، دعت "حماس" إلى قراءة تصريحات نتنياهو الأخيرة بتمعن وهدوء بعيدا عن العصبية القبلية والحزبية، وأخذ قرار وطني بإنهاء الانقسام كرد مباشر على تلك التصريحات الواضحة، وسحب العصا الغليظة من يد نتانياهو الذي يستخدمها لمنع قيام دولة فلسطينية.

وقال عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، والمتحدث باسمها أسامة القواسمي، في تصريح صحفي: "إن تصريحات نتنياهو تؤكد رعايته الذهبية والماسية للانقسام، وأن مصلحة الاحتلال الإسرائيلي الاستراتيجية لمنع قيام دولة فلسطينية تكمن في تنفيذ الانقلاب ورعاية الانقسام وتعميقه، ومد الأوكسجين له مباشرة، ومن خلال من يشاركون الاحتلال تلك المصلحة أو من يأتمرون بأمر أميركا وإسرائيل ويتقاطعون معه في تنفيذ صفقة العار".

تفاهمات اضطرارية

من جهته، قال المحلل السياسي، حسام الدجني انه يجب أن نتوقف بشكل مباشر حول تصريحات نتنياهو، لافتاً إلى أن هذه التصريحات تؤكد أن نتنياهو هو الوصي على الشعب الفلسطيني وهو من يقرر طبيعة المشهد السياسي في الضفة وغزة ويحدد كل المسارات.

وأضاف الدجني لـ"النجاح الاخباري" أنه يجب "إعادة تقييم الحالة الفلسطينية، ويجب التفكير ضمن خيارات عديدة لكافة فصائل العمل الفلسطيني في سياق اتخاذ الخطوات لمواجهة المشروع الإسرائيلي ومحاولة فصل غزة عن الضفة".

وأوضح الدجني أن تفاهمات حماس مع "إسرائيل" تأتي في سياق الاضطرار أي أنها تفاهمات المضطر، في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة، بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذنها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة منذ عامين، الأم الذي دفع بحركة حماس ومعها الهيئة العليا لمسيرات العودة لإجراء هذه التفاهمات مع الجانب الإسرائيلي، على حد قوله.

وكان نتنياهو قال في تصريحاته لصحيفة "يسرائيل هيوم": "في غزة ضائقة اقتصادية هائلة، وحماس ملجومة وتريد فترة هدوء، كي تصمد أمام الضغوط الهائلة في غزة، والضائقة الاقتصادية هي مشكلة حماس. لكن الضائقة الإنسانية هي مشكلتنا. مشاكل الصحة والأوبئة، التي قد تنتقل إلينا. والهدف هو الردع، ولكن منع مشاكل بيئية وإنسانية قد تمس بنا".

فصل غزة

في هذا الإطار، أكد القيادي في حركة حماس، أحمد يوسف أن حركته مضطرة للتفاهمات مع "إسرائيل" ، كونها هي من تتحكم في جميع المنافذ وكل شيء في قطاع غزة.

وقال يوسف لـ"النجاح الاخباري": "لم نلجأ في حماس للتفاهمات مع "إسرائيل" إلا لأننا مضطرين، بعد أن ضاقت السبل بالناس، مضيفاً أن حماس ليست راغبة في أن يكون هناك تنسيق مع الطرف "الإسرائيلي"، وكل ما تريده أن تكون علاقاتها مباشرة مع القطريين والمصريين؛ لكن "إسرائيل" هي من تتحكم في المنافذ وكل شيء".

وأضاف أن التعقيدات الموجودة في علاقة حماس مع السلطة الفلسطينية، والوضع الاقتصادي الصعب في غزة؛ وضيق حال الناس، هي من دفعتها تفكر في طرق أخرى لتسيير الوضع في قطاع غزة".

وأوضح يوسف أن "إسرائيل" ليس لديها نية حقيقية أن يكون هناك دولة فلسطينية، وأن خيار حل الدولتين قصة أصبحت شيء من الماضي في حسابات اليمين الإسرائيلي المتطرف".

وبيّن أن الحديث عن فصل غزة هو ما تخطط له إسرائيل.. وربما هذا الأمر ليس وارداً في حسابات السلطة الفلسطينية ولا لدى حركة حماس"، مستدركاً "لكن الإجراءات على الأرض كلها تشير إلى أن الفصل هو نهاية مطاف المخطط الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن حماس عبرت في أكثر من مرة عن موقفها بأنه لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة".

الجدير بالذكر، أن مصر وقطر ترعيان اتفاق تهدئة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، في ظل توتر الأوضاع في قطاع غزة.