نابلس - عرين بركات - النجاح الإخباري - بصمود الحُب كُسِرَ قيد عاصم ..

 من قال إنَّ الحب يأتي بالنظرات والجلسات الطويلة فقط؟ فهناك قصصٌ من الحب تأتي خلف تلك الزنازين والمعتقلات.

 حب يتسلَّل من السجون وقهر السجان إلى خارج المعتقلات، رغم عتمة الزنازين وظلم السجان تتجسد قصة حب لأسرى أختاروا أن يكون لهم بصمة أمل خارج أقسام الاعتقال.

الأنسجام الأنساني كان كفيلاً لأحبه

صمود سعادات نجلة الأسير أحمد سعادات المحكوم بالسجن مدة (30) عامًا، والتي تعمل باحثة ميدانية في مؤسسة الضمير لرعاية الأسرى وحقوق الانسان، ومن خلال عملها واطّلاعها على قصص الأسرى حظيت بالتعرف على الأسير عاصم الكعبي من مخيم بلاطة في مدينة نابلس، والمحكوم مدة (18 عامًا)، وجرى تواصل غير مباشر بينهم من خلال الرسائل والصور, فأعجبت به وبفكره حيث حصل انسجام فيما بينهم فقرروا الارتباط في العام (2018) وعقدوا خطبتهما، دون أن يلتقيا ولو مرة واحدة.

 وأوضحت لـ"النجاح الإخباري": بالنسبة لي كان هذا الشخص مميز بالرغم من احتكاكي الدائم بالأسرى وتعاملي معهم، شعرت أنَّ المدة الطويلة خلال اعتقاله والتي تبلغ (16عامًا) لم تغيّره،  لمست فيه إنسانية عالية، تشعرك أنَّه يعيش اليوم حدثًا بحدث، وأنَّ السنين الطويلة لم تستطع أن تنزع منه الروح والأمل، بالرغم من سنين العذاب والقسوة التي مرَّ بها، حيث إنَّ الأسير يمرُّ بظروف قاسية من بداية التحقيق الأولى إضافة إلى بعده عن أهله وأصدقائه وبعده عن تفاصيل حياته اليومية وهي الحرية.

وأضافت سعادات: "لفتني وجذبني إصرار عاصم، وشعرت أنَّ التقارب الروحي بيننا يزداد، انتابني استغراب من إنسان مرَّ بظروف صعبة وقاسية ولم يستسلم، لديه شغف للحياة، حب للعطاء ومساحة للحب، ولأنَّ الشريك يستحق الحب والتضحية، أحببت عاصم بالرغم من وجوده في سجن النقب ووجودي في رام الله، وهي مسافة كبيرة جغرافيًّا."

تشجيع وموافقة

"أوَّل شخص أخبرته بعلاقتي مع عاصم هو والدي، كونه أسير وعاش معه في المعتقلات واختلط به، فأخبرته بأنَّني على علاقة بأسير، وردّة فعله كانت فرحًا واستغربًا في نفس اللحظة، فوالدي عاش مع عاصم بأصعب ظروف العزل، لم يمنعني من هذه العلاقة، وقال لي: "كوني متأكدة من خيارك، لأنو بدك تكوني بعلاقة جدية يوجد لديها حقوق وواجبات." عائلتي لم يكن لديها اعتراض لأنَّهم يعيشون نفس الظروف، بسبب اعتقال والدي المستمر لدىالاحتلال ما أنشأ بيئة خصبة لهذه العلاقة، كما أنَّهم لم يستغربوا قراري، فدعمي للأسرى وقضيتهم حافز للارتباط بأسير ينتمي للقضية والوطن."

الحب يتجاوز الحدود والمسافات ولا يكسر إرادة الأسير

 الارتباط بأسير أو أسيرة يعطيهم أمل وحرية، في ظلّ أربعة جدران وظروف صعبة يعطي التواصل الإنساني مع الأسير  جزءًا من الحرية، وامتداد للخارج، حتى إذا ما خرج من السجن يكون على يقين بأنَّ شيئاً جميلاً ينتظره، أوضحت صمود وأضافت: "بالتالي أنا أشجع هذه العلاقات إذا توافق الشخصان ووصلا لقرار الارتباط؛ لأنَّ التوافق أهم من الحب والمشاعر.

 وأشارت سعادات إلى أنَّها مؤمنة جدًا بهذه العلاقات لأنَّ الحب يتجاوز الحدود والمسافات،  وتؤكّد صمود على أنَّ بعض العلاقات تفشل وهذا أمر طبيعي، لأنَّ الرؤية اليومية للحبيب أو الحبيبة تساعد على التعرف على الصفات والوصول لقرار الاستمرار في العلاقة أم لا، وأضافت أنَّ هذا النوع من القرارت هو تحدٍّ للاحتلال، الذي يصادر حريتهم ومشاعرهم، ومثل هذه العلاقة  تعزّز روح التمرد على الواقع.

 

وقالت صمود: "يوم إعلان خطوبتي على عاصم كانت لحظات صعبة لغياب والدي، وخطيبي فكانت لحظات فرح وحزن لغياب ركنين أساسيين، بالإضافة لصعوبة الترتيبات من فستان الخطوبة للصالة حتى لحظات البكاء كنتيجة لقدر حتمي، فعشت مشاعر متناقضة خلال فترة التحضيرات، لكن في حالتي أنا مخيّرة بين الفرح أو الحزن وأنا أخترت الفرح". وأضافت سعادات أنَّ حفل الخطوبة حضره الجميع من الأهل والأصدقاء المقربين والمعارف، إلا أنَّ والدي كان حاضرًا بدفء كلماته رغم الغياب، أما عاصم فحضر بكلمات مسجّلة  دافئة، منحتني شعورًا بالرضا رغم الحزن.

 وأشارت سعادات إلى أنَّ والدها وعاصم عاشا الفرحة بطريقتهما الخاصة من خلال توزيع الحلويات داخل السجن وتهنئة التنظيمات جميعها لهم وإقامة فرح  داخل أربعة جدران.

حفل خطوبة حضوره شاطروا العروس الوحيدة الفرحة بعيون تلمع دمعًا ما شكًل عوامل ساعدت على تغلب الفرح على الحزن وأنه محطة لتعزيز العلاقة بيني وبين عاصم".

موقف يضاف لعظمة شعبنا الفلسطيني، الذي يثبت في كل مرّة أنَّه قادر على الصمود رغم  القسوة والظلم، بالأمل والحب، وهناك الكثير من القصص المعلقة على جدران السجون مرتبطة بالحب والتضحية.