نابلس - النجاح الإخباري - شكَّلت حادثة وفاة الشاب عصمت عبد الهادي العجوري أثناء تسلقه في منطقة جبال أريحا صدمة كبيرة في الشارع، وأعادت للأذهان العديد من حوادث السقوط التي وقعت في السنوات الماضية وأدت الى وفاة عدد من الشبان.

واختفت آثار عصمت في منطقة النبي موسى يوم الجمعة الماضي، بينما كان في جولة للتنزه برفقة شقيقه وابن عمه واثنين من أصدقائه.

وقال والده :"إنَّ عصمت أصرَّ على تسلق أحد الجبال المرتفعة في تلك المنطقة وحده، ولم يعد إذ اختفت آثاره".

وبحسب مقربين من الراحل فقد ارتبط اسمه بشغف المثابرة وحبّ الاستكشاف، 

وبعد الإعلان عن العثور على الشاب عصمت ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالحزن والتضامن مع ذويه.

وعملت طواقم من متطوعي الدفاع المدني التابعة للاتحاد الفلسطيني لرياضة مركبات الدفع الرباعي لساعات طويلة قبل أن يتمّ الإعلان عن العثور على جثمان الفقيد العجوري في أسفل جرف صخري شاهق الارتفاع بعد عمليات من البحث والتفتيش اتسعت لأكثر من (40) كم مربع وامتدت من صحراء بيت لحم وصولًا لمنطقة عين جدي القريبة من مدينة أريحا.

غياب المعايير

في سياق متصل حذَّر الكثيرون من غياب الاستعدادات وفقدان معايير السلامة لدى بعض القائمين (الهواة) على نشاط التسلق إذ تتنافس شركات محليَّة منخفضة التكاليف والإمكانيات لاستقطاب متنزّهين ضمن ما بات يطلق عليه بـ"المسارات".

وباتت مدينة أريحا مقصدًا سياحيًّا للعديد من الرحلات التي يقوم بها الشبان في الفترة الأخيرة ومكانًا لممارسة رياضة تسلَّق الجبال وذلك بما تتميَّز به المنطقة بالقمم الجبلية والمناظر الخلابة كما ازدادت أعداد الزوار إلى هذا المكان، خلال الأشهر الماضية.

وفي العشرين من (تشرين الأول/ أكتوبر 2018) توفي الشاب محمد عمار سويدان من نابلس، إثر سقوطه عن علو.

وقالت الشرطة في حينها، إنَّ سويدان (24 عامًا) سقط عن علو أثناء رحلة تخييم في منطقة النبي موسى جنوب أريحا، ونتيجة ذلك فارق الحياة.

رياضة حديثة

ويعدُّ تسلُّق الجبال رياضة فريدة وجديدة في فلسطين، بدأت بالتطور تدريجيًّا منذ حوالي العام، عندما بدأ الشابان الأمريكيان “تيم بيرنز” و “ويل هاريس” بتنظيم رحلات محليَّة للجبال المحيطة بمدينة رام الله ضمن مبادرة أسمياها “وادي التسلق”.

ويقول تيم في مقابلة صحافية منشورة أجريت معه: "إنَّ فكرة “وادي التسلق” جاءت بعد زيارته و “ويل” لفلسطين، واكتشافهما بأنَّ هناك إمكانية كبيرة للتسلق بحكم طبيعتها الجبلية وكذلك لنقص المجالات الترفيهية فيها، ما دفعهما لتأسيس أول نادٍ للتسلق.

ويشير إلى أنَّ سبب اختيارهما لفلسطين لهذه الرياضة، جاء بعد إقامتهما في الأردن قبل عامين لدراسة اللغة العربية ومحاولتهما لممارسة رياضة التسلق هناك، ولكنَّهما وجداها مكلفة جدًا، وأنَّهما وبعد وصولهما إلى الضفة الغربية، قرَّرا إطلاق مبادرتهما نتيجة طبيعة تضاريس فلسطين، ولتكلفة الرياضة المعقولة إذ تصل تكلفة رحلة التسلق ما يقارب (16) دولار.

ويوضح أنَّ لديهم في “وادي التسلق” أكثر من (350) شخصًا يشاركون في رحل التسلق منذ بداية العام الجاري، (70%) منهم من الفلسطيينين والبقيّة من الأجانب الذي يعيشون في فلسطين، منوّهًا إلى أنَّ (45%) من الإناث.

ويؤكِّد على أنَّ الهدف من تأسيس “وادي التسلق”، كونه وصديقه “ويل” يؤمنا بأنَّها الطريقة الأمثل لتشكيل مجموعة من الناس تهوى هذه الرياضة، كما أنَّ طبيعة فلسطين فرصة جميلة  مشجّعة على ذلك، وعملا على تنظيم منطقتي للتسلق في الهواء الطلق في محيط محافظة رام الله وهي “عين قينيا” و”يبرود”.

ويطمح “تيم” و “ويل” لجمع أسهم استثمارية من أجل إقامة صالة تسلُّق رياضية داخلية، باعتبار أنَّ نجاح الرحل الخارجية سيمثّل فرصة أمام المستثمرين في فلسطين وفق “تيم”، الذي أكَّد أنَّ “هذه التجارة فاعلة في فلسطين وجميع أنحاء العالم، فهناك المئات من المتسلقين في أميركا وأوروبا، والصالات الرياضية التي بدأت تنتشر في الإمارت والأردن ولبنان ومصر”.

والعام الماضي افتتحت  بلدية بيت لحم، صالة التدريب على التسلق التي قدَّمتها بلدية بيت لحم للجمعية الفلسطينية لتطوير رياضات الجبال.

وتقول الجمعية الفلسطينية لتطوير رياضات الجبال، إنَّ فكرة استحداث الصالة تقوم على فكرة بسيطة ترمي لتحقيق أهداف عميقة- ما كان بوسعها فعل ذلك- هي، السعي لتحويل رياضات المشي و التسلق إلى ثقافة.

ورأى رئيس الجمعية محمد فرحات جرادات  أنَّ، الجمعيَّة مؤسَّسة غير حكومية تعمل بموجب ترخيص صدر عن الدوائر الفلسطينية المختصَّة عام (2013)، وهي تقوم بجهود في تدريب وتأهيل متطوعين على قيادته المسارات وعلى التسلق، وفي تنظيم فعاليات مشي في مسارات مختلفة في فلسطين، بالإضافة لأنشطة عدة ذات صلة باهتماماتها.

نصائح مهمة

وعلى الرغم من أهمية كلّ هذه التحضيرات والخطط لجعل تجربتك غنية وممتعة، إلا أنّ الأهم يكمن في استعدادك لتجاوز كلّ مخاوفك، وأن تكتشف جوانب أخرى من شخصيتك، فربما ستكون أنت من يصل إلى نهاية المسار أولًا..

وفي هذا الصدد يقدِّم خبراء تسلق الجبال نصائحهم لمن يرغبون بممارسة هذه الرياضة المحفوفة بالمخاطر

وقال سيمون كاهيل وهو خبير في تسلق الجبال: "الجبال ليست خطيرة. لكن المتسلقين والمغامرين والمخيمين لابد أن تكون لديهم المهارة والخبرة الكافية لفهم المخاطر، والناس الذين ليست لديهم المعرفة اللازمة من السهل أن يمروا بصعوبات بسرعة جداً.

 وقال كاهيل: "إنَّ أهمَّ المهارات التي يحتاجها المتسلقون هي القدرة على تقييم المخاطر ومواجهتها من أجل تحقيق السلام والاستمتاع أثناء التسلق.

 وتابع كاهيل، "المغامرون والمتسلقون يجب أن يكونوا مستعدين جيداً لظروف التضاريس والمناخ ويجب أن تكون لديهم التجربة الكافية وإذا لم يكن لديك المعرفة والخبرة فاذهب مع شخص يمتلك الاثنتين." 

وبشكل دوري يحذِّر الدفاع المدني الفلسطيني من التنزه في جبال أريحا أو الاقتراب من مجاري الأودية.

وأخيرًا لا بد من الإشارة إلى أنَّ التنوع الحيوي في فلسطين يجعلها غنيَّة بالمناظر الطبيعة التي ستشاهدها، من الجبال في الشمال والجنوب، إلى البحر الميت والصحراء في الوسط. 

 

 

 

 

 

 

صور من صفحة مسار إبراهيم الخليل عبر فيسبوك.