غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - لقاءات مكوكية أجراها الوفد الأمني المصري، منذ مطلع الأسبوع الماضي إلى هذا الوقت بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، أخرها كان لقاء أمس الجمعة الذي جمعه مع الفصائل بغزة.

تمخضت هذه اللقاءات بالوصول للعديد من التفاهمات التي نقلها الوفد المصري من الجانبين، في محاولةٍ لتخفيف الاحتقان قبل ساعات تفصل المشهد الفلسطيني عن مليونية الأرض والعودة.

وذكرت مصادر مصرية مطلعة، أمس الجمعة، أن الاحتلال تعهد بالالتزام بعدم إطلاق النار الحي تحت أي سبب على المتظاهرين السلميين الذي سيشاركون في مليونية الأرض والعودة، مع تعهد الاحتلال الإسرائيلي للوفد المصري بتخفيف فعلي للحصار عن قطاع غزة، وتسهيل إدخال رزمة من المشاريع والمنح الدولية والعربية إلى قطاع غزة.

وبينت المصادر أن بعض الجهات -لم تحددها- استعدت لتنفيذ عدد من المشاريع التي ستسهم في تخفيف معاناة الناس بالقطاع، مشيرة إلى أن فصائل المقاومة في غزة طلبت من المصريين تأكيدات بشأن تلك التعهدات.

وكشفت أيضاً عن استعداد دولة قطر دفع مبلغ 30 مليون دولار شهرياً إلى قطاع غزة، على أن توزع ثلث للفقراء، وثلت لبرامج تشغيل العاطلين عن العمل، وثلث لقطاع الصحة، مشيرة إلى ان الاحتلال وافق على مبدأ إدخال المساعدات شريطة أن لا تدخل الأموال عبر الحقائب كما حدث بالمنحة القطرية السابقة، الأمر الذي دعا قطر للالتزام بإدخالها بطرق أخرى.

في ظل هذه الزيارات للوفد المصري واللقاءات المكوكية التي يجرها هنا او هناك، وفي ظل التوصل لتفاهمات غير مكتوبة، هل سيلتزم الاحتلال الإسرائيلي حقاً بهذه التفاهمات؟ أم أنه سيتنصل منها كما في كل مرة؟ وهل لهذه التفاهمات علاقة بالانتخابات الإسرائيلية التي سيتم اجراها خلال الأيام القليلة القادمة.

محللان سياسيان أجابا على هذه الأسئلة، بأن الاحتلال لن يلتزم بأي تفاهمات سابقة مع الطرف الفلسطيني، منوهين في الوقت ذاته إلى أنه في حال عدم التزامه هذه المرة سيكون الوضع مختلفاً عن سابقه.

ومن المقرر أن تنطلق، عصر السبت، بغزة مسيرة "مليونية الأرض والعودة" دعت لها فصائل فلسطينية، من أجل إحياء ذكرى يوم الأرض الفلسطيني (يوافق 30 مارس/ آذار من كل عام) ومرور عام على انطلاق مسيرات "العودة وكسر الحصار".

وكانت قوات الاحتلال الاسرائيلي دفعت مزيدا من القوات خلال الأيام الأخيرة إلى السياج الفاصل مع قطاع غزة، تحسبًا لمسيرات حاشدة متوقعة.

تفاهمات كبيرة

المحلل السياسي، طلال عوكل يرى بأن التفاهمات التي نقلها الوفد المصري هذه المرة أكبر من أي تفاهمات سابقة، متساءلاً في ذات الوقت " لكن هل سيلتزم الاحتلال بها.. على الرغم أنه لم يلتزم بأي تفاهمات سابقة".

وأضاف عوكل خلال حديثه لـ"النجاح الاخباري" أن هذه المرة الذريعة موجودة لدى الإسرائيلي خصوصاً وأن الانتخابات الإسرائيلية بعد 10 أيام، وأن بنود الاتفاق ليس منن ذلك النوع الذي يحصل غداً بل إن بعضها يحتاج لأيام وأسابيع وأشهر لتنفيذها.

وتابع " نتنياهو يريد أن يتجاوز حالة التوتر القائمة الآن قبل الانتخابات بما يخفف عنه الانتقادات وعمليات التحريض التي تتهمه بأنه خضع لحركة حماس وقوض صورة الجيش والردع الإسرائيلي"، لافتاً إلى أن المشهد القادم في إسرائيل بما يخص الانتخابات الإسرائيلية هو الذي سيحدد الأمور خلال الأيام القدامة.

وبحسب المحلل عوكل فإنه في حال التزمت "إسرائيل" بهذه التفاهمات، وإن لم تلتزم فسيكون مختلفاً من جانب فصائل المقاومة بغزة، مؤكداً انه في حال عدم التزامها ستعود الأمور ما كانت عليه سابقاً من استمرار المسيرات بكل الوسائل الخشنة والنشاطات الممكنة.

مستدركاً "ولكن تكون حركة حماس قد كسبت تعزيز العلاقة مع مصر، لأنها استجابات ولكن الطرف الآخر لم يستجب".

وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس، خليل الحية، أكد أن حركتخ استمعت من الوفد الأمني المصري إلى جملة هامة من مطالبنا والتي وصفها بالايجابية"، مؤكداً أن "الاحتلال تحت الاختبار لتنفيذ هذه المطالب العادلة لشعبنا الفلسطيني".

الاحتلال لن يلتزم

في السياق، أوضح المحلل السياسي، حسن عبدو أن التفاهمات التي تمت من خلال الوفد الأمني المصري ليست مكتوبة، مشيراً إلى أن الاحتلال لم يلتزم أصلا حتى بالاتفاقيات المكتوبة مع الجانب الفلسطيني واهمها اتفاقية "أوسلو".

وقال عبدو لـ"النجاح الاخباري": لذلك قد يلتزم وقد لا يلتزم ومن المتوقع أن لا يلتزم، وفي هذه الحالة ستكون الأوضاع ومجريات الأمور مختلفة تماما"، منوهاً في ذات الوقت إلى أن إسرائيل تريد الهدوء الفترة الحالية لتمرير الانتخابات الإسرائيلية بسلام.

وأضاف أن "المقاومة تدرك بأن الضغط في هذه المرحلة هو ضد الحكومة ونتنياهو، وأنها تضغط إلى أقصى حد من أجل الحصول على مكاسب لتخفيف الحصار بشكل جدي وحثيث".

وأكد المحلل عبدو أن الحصار هو السبب الرئيسي في جعل قطاع غزة بيئة للتطرف والانفجار،

وأن استمرار هذا الضغط والخنق يعني مزيداً من شد الحبال على رقاب الغزيين والذي سيولد انفجار غير محدود الأفق، لافتاً إلى أن هذا الانفجار لن يضرب الفلسطيني فقط بل المنطقة كلها "وقد يكون هذا الأداء الفلسطيني في مسيرات العودة أكبر مؤشر على طرق هذا الانفجار"، حسب تحليله.

الجدير بالذكر، أن الاحتلال الإسرائيلي تنصل بالعديد من التفاهمات مع فصائل المقاومة في قطاع غزة، وأهمها تفاهمات التهدئة بعد حرب صيف 2014.