غزة - مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - على هذه الأرض ما يستحق الحياة ،وما يستحق الشهادة من أجله أيضاً ، تلك العبارة هي الراسخة في عقول وقلوب الكثير من الشباب الثائر في قطاع غزة ،الذي أنهكته الحياة ، والظروف الاقتصادية ، والتضييق التعسفي الذي يمارسه الاحتلال بحق شعب على مدار عشرات السنوات ، وحرمه من أرضه ومن أبسط حقوقه.

في ذكرى يوم الأرض ، يستعد المئات بل الآلاف من الفلسطينيين للخروج ليقولوا كلمتهم للاحتلال، بأن هذه الأرض فلسطينية ، مهما حاولوا سرقتها وطمس معالمها.

الشاب محمد خليفة لم ينقطع يوماً واحداً عن المشاركة في مسيرات العودة ، وكسر الحصار ،التي انطلقت قبل عام على حدود قطاع غزة الشرقية ، يقول ل النجاح الاخباري :" كنت حريصاً على المشاركة في فعاليات مسيرات العودة ،رغم أنهم حاولوا تسييس هذه المسيرات ، ونسبها لفصيل بعينه ،لكني خرجت بملئ ارادتي ، ولأسبابي الوطنية والشخصية بعيداً عن أي أسباب أخرى." 

وتابع :" مسيرات العودة ، بالنسبة لآلاف اللاجئين الفلسطينيين ،هي أمل وحلم بالعودة لأراضيهم المحتلة ،وفعلاً تم تحقيق الهدف الأول منها وهي جلب أنظار العالم لما يعانيه الفلسطينيون في غزة من خلال هذه المسيرات ،رغم أنها خلفت العشرات من الشهداء ،والآلاف من الجرحى ."

ولفت خليفة إلى أنه أصيب في مسيرات العودة في الجمعة الثالثة منها، بطلق ناري من بندقية اسرائيلي حاقد ،أصابته بقدمه.

وقال:" قدر الله أن أصاب وأتعافى من اصابتي ،لكن كثير من أصدقائي وزملائي منهم من أصيب بطلقات متفجرة في قدمه أدت إلى البتر ،ومنهم من ارتقت أرواحهم إلى بارئها شهداء."

وأوضح أنه وبعد أصابته في يوم الجمعة ، كان في الجمعة التي تلتها حاضراً رغم تحذير الأطباء له بعدم الحركة ،إلا أنه أصر على التواجد على الحدود الشرقية ليشارك رفاقه في مسيرتهم ضد الاحتلال .

وأكد على أن "مسيرات العودة الكبرى رغم عدم كسرها للحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع للعام الثاني عشر على التوالي، كأحد أهدافها، إلا أنها أحيت الأمل ووضعت الاحتلال ومستوطنيه فيما يعرف بـ(غلاف غزة) تحت الضغط الشديد نتيجةً للفعاليات ،والأنشطة المختلفة".

ومن على عكازه الذي يسند جسده الهزيل ، أصر رأفت العمري  20 عاما ،أن يشارك في مسيرات "العودة الكبرى" المستمرة، قرب الحدود الشرقية الفاصلة بين قطاع غزة وإسرائيل، يقول ل النجاح الاخباري :"سنظل على الحدود، مستمرون  في ايصال رسالتنا للعالم أننا أصحاب حق ضائع،  نريد العودة لأرضنا التي هجرنا منها على أيدي العصابات الصهيونية".

وعن سبب إصراره على المشاركة، رغم أنه انضم لطابور المعاقين حركياً ، جراء اصابتهم برصاص الحقد الاسرائيلي أوضح: "رغم أنني من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقدمي اليمين مبتور ، إلا أني ثابت على الحدود ،ولن يمنعني شيء عن حقنا، نريد إيصال رسالة للعالم أن الفلسطينيين أصحاب حق، ولابد توصل  تلك المسيرات رسالةأننا شعب مظلوم وتحت احتلال حقير".

ولفت العمري  أنه رغم الألم الذي مازال يشعر به في قدمه،بعد أن منعه الاحتلال من الخروج من القطاع عبر معبر "ايرز " ،للعلاج في أحد مستشفيات الضفة ، إلا أنه سيناضل ويحاربهم بالحجر والمقلاع ، حتى تحقيق مطلبهم أو الشهادة التي يتمناها ،يقول:" هذه الحياة التي نعيشها ليست حياة ، نحن مقبورون على سطح الأرض ،على الأقل المقبورين تحت الأرض في ظل رحمة الله ، ونحن فوق الأرض لن نكون تحت رحمة الاحتلال ، وخروجنا على الحدود سلمي ، إلا أن الجنود الإسرائيليين المتمركزين على الحدود تعمدوا استخدام أسلحتهم ، وقتلنا ليرهبوننا لكننا باقون". "

وكان لافتا تواجد مختلف الفئات العمرية في المسيرات، "حتى كتابة هذا التقرير"، حيث لوحظ مشاركة النساء والأطفال وكبار السن، بجانب الشباب الثائر.

وعلى مقربة من أنظار الاحتلال ، تنظر اللاجئة الفلسطينية وهبة عابد (61عاما) لقريتها سمسم ، التي تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة غزة، بعينين دامعتين ، على أمل أن تعود لها ، ولبيت أبيها ،والذي حدثتها والدتها عن أيام جميلة قضوها في بيتهم ،وأرضهم وبين جيرانهم الذين قتلهم الاحتلال  وفرق منهم " : "نحن هنا لنقول للمحتلين راجعين مهما طال الزمن، وأنا أشعر أنني سأعود لبيتي وبيت أجدادي وأشتم رائحة الماضي".

وتابعت :"أتواجد كل جمعة على الحدود ، أقدم الماء والطعام للشباب، وأقدم المساعدة قدر المستطاع لهم ، وعلى الرغم من اصابتي بأمراض مزمنة  كثيرة ،الا أن ذلك لم يمنعني من التخلف يوماً واحداً عن المشاركة ، وإن كتب الله لي الشهادة،سأكون سعيدة بذلك ، وان كتب لنا أن نرى ونعود لأرض سمسم المسلوبة ،سأكون أكثر سعادة ."

ولفتت عابد :" أنها تشارك في مسيرات العودة مع ثلاثة من أبنائها وحفيدها البالغ من العمر 17 عاما ،والذي أصيب بطلق ناري في البطن ، أقعده في المستشفى و المنزل ما يقارب الشهرين ،ليواصل بعدها المسير برفقة جدته ووالده وعمه ."

الاحصاء الفلسطيني

جدير بالذكر أن مركز الإحصاء الفلسطيني ،كشف في وقت سابق  إن الاحتلال الإسرائيلي، يستغل بشكل مباشر حوالي 2,642 ألف دونم من الأراضي المصنفة "ج"، وتشكل ما نسبته 76.3% من مجمل المساحة المصنفة "ج"، والتي تبلغ مساحتها 3,375 ألف دونم.

وأضاف في بيان صحفي، بمناسبة الذكرى الـ43 ليوم الأرض الخالد، أن الاحتلال الاسرائيلي صادق خلال عام 2018 على الاستيلاء على نحو 508 دونمات من أراضي الفلسطينيين، إضافة الى الاستيلاء على مئات الدونمات الخاصة بالفلسطينيين من خلال توسيع الحواجز الإسرائيلية وإقامة نقاط مراقبة عسكرية لحماية المستعمرين.

وأشار إلى ان الاحتلال جرف واقتلع خلال الفترة ذاتها، 7,122 شجرة خلال العام 2018، وبذلك يبلغ عدد الأشجار التي تم اقتلاعها أكثر من مليون شجرة منذ العام 2000 وحتى نهاية العام 2018، وتم تحويل آلاف الدونمات للمستعمرين لزراعتها حيث بلغت المساحة المزروعة في المستعمرات الإسرائيلية في العام 2018 حوالي 110 آلاف دونم غالبيتها من المزروعات المروية.

وبين الاحصاء أن عدد الشهداء في فلسطين بلغ 312 شهيداً خلال عام 2018 منهم 57 شهيداً من الأطفال وثلاث سيدات، فيما بلغ عدد الجرحى 29,600 جريح، أما عدد الأسرى في سجون الاحتلال فبلغ 6,000 أسير (منهم 250 أسيراً من الأطفال و54 امرأة).