الداخل المحتل - يحيى أمل جبارين - النجاح الإخباري - شنَّت الطائرات الحربية الإسرائيلية على مدار الأيام الثلاثة الماضية سلسلة من الغارات الجوية، استهدفت خلالها مؤسسات ومبان سكنية، بأوامر مباشرة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي كان في زيارة لواشنطن، بزعم الرد على سقوط صاروخ أطلق من قطاع غزة وسقط في تل أبيب على منزل، وأصاب سبعة إسرائيليين.

الأمر الذي يدعو للتساؤل حول تأثير هذا العدوان الإسرائيلي على الانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها في 9 أبريل القادم. فكيف ستؤثر هذه الحرب على الانتخابات البرلمانيّة التي ستجرى في 9.4 القادم؟

وقال الشيخ كامل ريّان قيادي في الحركة الاسلامية في الداخل المحتل لـ "النجاح الإخباري:" من الواضح أنَّ الإعلام الإسرائيلي مجنَّد بشكل كلي للخطاب "الإسرائيلي" اليميني التحريضي المعادي والمحرض لتأجيج الحرب وتصعيدها، بدافع الانتقام وتدمير غزَّه من جديد من غير الإصغاء إلى الواقع المزري والمرعب الذي تمرُّ به غزّة عشرات السنين من الحصار والاحتلال والتجويع".

وأضاف: لا شك أنَّ اليمين الإسرائيلي سيقطف ثمار هذه الحرب الشعواء على غزّة ومن الواضح أنَّ اليمين "الإسرائيلي" يتغذى دوماً من احتدام الصراع وتصاعد الكراهيّة والاستقطاب بين جهات الصراع سواءً محليًّا أو أقليميًّا".

وتوقَّع ريان أنَّ اليمين الاسرائيلي سيزيد من التصعيد ليكسب بذلك مكسبًا انتخابيًّا ضيقًا من جهة وضرب غزّة بقوّة متناهية من الجهة الاخرى. معرباً عن اعتقاده أنَّ هذا العدوان لن تسقط نتنياهو بل تعدُّ حبل النجاة بالنسبة له من ملفات الفساد والرشوة التي تلاحقه والتي جاءت في الوقت المناسب لأشغال الرأي العام بهذه الحرب المقيتة بدلًا من تناول ملفاته الجنائية التي من الممكن أن تساهم بشكل مباشر في إسقاطه والتخلص من حكمه اليميني العنصري الحاقد تجاه كل ما هو عربي أو فلسطيني".

من جانبه، قال المحامي رضا جابر لـ"لنجاح الإخباري": "لا شك بأنَّ الأحداث في غزَّة لها تأثير على المزاج العام لدى الناخب الإسرائيلي اليهودي. وأنَّ هذا المزاج سيميل إلى دعم اليمين كلما طالت العملية العسكرية وإذا كان ردّ المقاومة الفلسطينية ردًا يحدث ازعاجاً حقيقيًّا للحياة العامة في إسرائيل. ولكن إذا كانت العملية العسكرية لفترة مؤقتة وتنتهي بعد أيام معدودة فأنا اعتقد بأنَّ تأثيرها سيكون عكسيًّا بمعنى أنَّها يمكن أن تخدم الوسط- يمين وخصوصا غانتس-لبيد. ولكنها بأي من الأحوال لن تغير مبدئيًّا موازين القوى بين المعسكرات والتكتلات الكبرى".

وأضاف جابر:" للإعلام في هذه الحالة دور في كيفية تغطية العملية العسكرية لأن هذا الاعلام في بدايته سيكون مجند للهدف ولن يأخذ بعدا ناقدا للحكومة بالشكل الذي يمكن أن يؤثر على الناخب المتوسط. ولكن كلما استمرت الحملة فان هذا الاعلام سيبدأ يشعر بأنه مطالب بانتقاد الحكومة ولذلك سنشهد وقتها استقطابا بين الاعلام وبين أطياف اليمين ونتنياهو يمكن أن يأخذ الحلبة السياسية الى توتر شديد يؤثر على الناخبين".

بدوره، قال مدير مركز المساواة والمجتمع المشترك في "چفعات حبيبة" - محمد دراوشة لـ "النجاح الاخباري":" إن إطلاق صواريخ من غزة عشية الانتخابات الاسرائيلية يعزز الدعم لأحزاب اليمين الاسرائيلية التي تستغل هذه القضية لتعميق التحريض على الشعب الفلسطيني وترويج مقولات أنه لا يوجد شريك فلسطيني وأن الحرب والقوة التي ينادي بها قادة اليمين هي الطريق الوحيدة لإدارة الأزمة مقابل الفلسطينيين، وأن لا مكان لمفاوضات سلام قد تقود إلى إقامة دولة فلسطينية".

وتابع: "ولكن هذه فرصة لأحزاب المعارضة لتستغل الوضع لتوضح للناخب الإسرائيلي في وسط الخارطة الحزبية أن سياسات نتنياهو واليمين، والتي استندت إلى تشديد الحصار وقمع الشعب الفلسطيني لا تجدي نفعاً على المدى البعيد، وأن إسرائيل متواجدة في حلقة صراع مستمر، وستبقى في هذه الحلقة ما لم تقم بإجراء مفاوضات صادقة مع الفلسطينيين لتحقيق سلام عادل وحل دبلوماسي للصراع الدائم منذ مائة عام".

وزاد:" إسقاط نتنياهو يتطلب رص صفوف العقلانيين في المجتمع اليهودي، وإذا كانت هناك حرب مكلفة للشارع اليهودي فقد تصحو هذه الفئات وتطالب بالتغيير. ولكن ما سنشهده في الفترة الاولى من الحرب سيكون اصطفاف خلف الجيش ونتنياهو، واذا استمرت المعركة الحالية الى أكثر من أسبوع فطبعاً سيدفع نتنياهو ثمناً سياسياً باهظاً. وفي حال جولة عسكرية محدودة، فالرابح الأكبر سيكون نتنياهو".

وخلص دراوشة إلى أنَّ:" الإعلام الإسرائيلي سيهتم بموضوع الحرب على غزة، خاصةً أنَّ مركز إسرائيل هو المستهدف، وليس فقط المناطق المحاذية لغزة".

الجدير ذكره، أنَّ اتفاقاً للتهدئة جرى الإعلان عنه بوساطة مصرية لكن الغارات الإسرائيلية لم تتوقف كليًّا، وكذلك إطلاق القذائف من قبل المقاومة في غزة على البلدات الإسرائيلية، في ظل صمت نتنياهو بعد انتهاء اجتماع الكابنيت ليلة أمس، مع حشد قوات الجيش على الحدود مع اقتراب المسيرة المليونية على طول الشريط الحدودي في ذكرى يوم الأرض الذي يصادف الذكرى الأولى لمسيرات العودة التي تضغط اسرائيل لإنهائها لما سببته لها من إدانة دولية وقلقاً لسكان مستوطنات غلاف غزة.