غزة - مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - متلازمة داون( Down Syndrome)  أطلق عليه هذا الاسم  نسبة إلى الطبيب البريطاني جون لانغدون داون، الذي كان أول من وصف هذه المتلازمة في عام 1862 ، والذي سماها في البداية باسم "المنغولية" بشكل موسع في تقرير نشر عام 1866 وذلك بسبب رأيه بأن الأطفال المولودين بمتلازمة داون لهم ملامح وجهية (خاصة من ناحية زاوية العين)ز

وفي هذا الصدد يشير الدكتور سعيد مخيمر، استشاري أمراض وراثية أن المعتقدات حول ربط متلازمة داون بالعرق بقيت حتى أواخر سبعينات القرن العشرين.

وقال مخمير لـ"النجاح الاخباري" أنه لا يوجد سبب خارجي لانجاب طفل الداون كتعاطي أنواع من الأدوية كما يعتقده البعض، أو التعرض لمؤثر ما يؤدي لحدوث المتلازمة، ولا تعتبر المتلازمة مكتسباً وراثياً إلا في حالات نادرة للغاية."

وأضاف مخيمر:" يتكون جسم الانسان من خلايا، وكل خلية لها نواة في المركز حيث يتم تخزين الجينات. فالجينات تحمل الرموز المسؤولة عن كل الخصائص الموروثة ،وعادة يرث الطفل المعلومات الوراثية من الأب والأم على حد سواء في شكل 46 كروموسوما، 23 من الأم، ومثلها من الأب.

وأوضح أن متلازمة داون تحدث بعد أن تبدأ الخلايا في الانقسام بعد إخصاب البويضة مباشرة في الرحم، فالخلايا الطبيعية تحتوي على 46 كروموسوما، ويحدث خلل في انقسام الكروموسوم رقم 21 عند الاطفال من ذوي متلازمة داون.

وعن أنواع متلازمة داون أشار مخيمر إلى أن هناك  ثلاثة انواع من متلازمة داون أولها  اختلال الصيغة الصبغية 21 (Trisomy 21)، وهو النوع الأكثر شيوعا، مسؤول عن 95% من جميع الحالات. وهو نادر التكرر مرة أخرى عند محاولة نفس الزوجين الانجاب مرة أخرى.

والثاني  Mosaicism، عندما يحدث خلل في الانقسامات الأولى للخلايا ، ولكن ليس انقساماً كاملاً، ما يؤدي إلى وجود 46 كروموسوما في بعض الخلايا و47 في الاخرى. و Mosaicism مسؤول عن 2% من حالات متلازمة داون. والأطفال المتأثرون عادة تكون لديهم أعراض أخف.

أما النوع الثالث فهو انتقال Translocation، يحدث عندما ينقسم جزء من كروموسوم 21 عند انقسام الخلايا ويتعلق بكروموسوم آخر، عادة كروموسوم 14. مجموع عدد الكروموسومات سيظل46. ولكن بسبب وجود جزء اضافي من كروموسوم 21، فإنه توجد خصائص متلازمة داون. وهذا النوع يمثل 3% من الحالات. لم يعرف بعد السبب وراء الكروموسوم الزائد او الناقص. الا ان العامل الوحيد المعروف بارتباطه بمتلازمة دوان هو عمر الأم. وكلما تقدمت الأم في السن زادت نسبة ولادة انجاب طفل بمتلازمة داون.

صفات خارجية تميزهم

ولفت مخيمر إلى أن  أصحاب متلازمة داون لهم سمات محددة يمكن التعرف عليهم من خلالها منذ الولادة.

وتتراوح أعراض متلازمة داون بين معتدلة إلى حادة، وأكثر سمات متلازمة داون شيوعاً هي: تسطح الوجه تسطح مؤخرة الرأس- عينان واسعتان متباعدتان - ميل العينين الى أعلى- آذان صغيرة - كبر اللسان مقارنة مع الفم، وقد يكون بارزا - ضعف العضلات – عيوب في القلب.

أنجبت طفلي الأول وأنا بعمر 19 عام

السيدة وفاء كيلاني ،سيدة فلسطينية تزوجت وهي بعمر السابعة عشر ،وأنجبت محمد وهي بعمر ال19 عاما تقول ل النجاح الاخباري:" حينما جاء لي الطبيب وأخبرني انني أنجبت طفلا "منغوليا" ،لم أستوعب كلامه في البداية ، وبكيت وتعبت نفسيتي ، وبعد أن هدأت قليلاً ،وقربوا محمد مني ، لحظتها شعرت بإحساس جميل جداً ،كم كان بريئاً وجميلاً ،وكم كنت أنانية لحظتها ،وببكائي على عطاء ربي كأنني كنت معترضة على حكمه ، فاستغفرت الله ووضعت ابني بين ذراعي وأرضعته ،وأصبح هو كل حياتي ."

وتتابع:" كان محمد يكبر أمام ناظري ،وأنا سعيدة به ،برغم أنني كنت أرى الشفقة في عيون الناس ، ولم أكترث وواصلت تربية محمد وتابعت في تأهيله في احدى الجمعيات الخاصة بحالتهم ، حتى أصبح الآن بعمر 7 سنوات."

وأكدت وفاء أن المجتمع في غزة،غير مثقف في نظرته للداون ،ودائماً يزعج الأمهات بكلامهم" الجارح" عن أبنائهم ،مثل :أن طفل الداون لا يعيش كثيراً ،أو أنهم عبء ثقيل، ولا يفهمون ،وكان الله بعون الأهل ،وغيرها من العبارات الكثيرة التي تزعج الآباء والأمهات.

نظرة المجتمع لطفلتي قاسية

سوار ذات العينين الصغيرتين، والفم الصغير ،والأنف المفلطح، والشعر الناعم المتطاير ، مع صوت تصفيق يداها على نافذة منزلها، محاولة التفاعل مع أبناء الجيران الذين يلعبون أسفل منزلها، حيث فرض عليها المجتمع ،أن لا تشاركهم المرح  كونها صاحبة مرض متلازمة داون.

تقول والدة سوار:" لم يكن تقبل الأمر سهلاً في البداية، وقد مرت الأسرة بكاملها بمرحلة صعبة، على الصعيد النفسي والجسدي، ونظرة المجتمع المعنفة؛ جعلت مرضى متلازمة دوان يعيشون بدائرة مغلقة مع ذويهم ، ليدفعوا ثمن حياة لم يكن لهم ذنب فيها، وحاولت دمج ابنتي في المجتمع؛ لكني فشلت عندما لم أجد التقبّل الكافي ممن حولي، فنظرة الشفقة لم تتوارى عني، وحين تتقدم الخاطبات لطلب إحدى شقيقات سوار، ينتهي الأمر بالرفض لوجود شقيقة "منغولة" حسب نعت الناس لها، لذلك أتجنب اظهارها للناس.،وماأقسى نظرة المجتمع لطفلتي!!"

ومهما يكن من نظرة المجتمع لمصابي داون ،إلا أنهم ومع تقدم العلم والتطور في تعليمهم سلوكيات مفيدة وتأهيلية جعلت الأخصائيين يدمجونهم بين الطلبة العاديين ، نظراً لتفوقهم في دراستهم وابداعاتهم التي ليس لها حدود ، تقول سعاد المغني أخصائية تأهيلية ل النجاح الاخباري أن أعداد مصابي الداون أصبحوا موجودين بكثرة ، فقطاع غزة يوجد به المئات منهم ، ومع وجود الجمعيات التأهيلية استطاعت دمجهم بالمجتمع وتدريبهم وتأهيلهم ،واخراج المواهب الكامنة لديهم ،فترى منهم المبدعين في العديد من المجالات .

وأوضحت أن ميول أطفال الداون غالباً تتجه نحو الابداع ،وهم يحبون التعليم واكتشاف الأشياء لكنهم يفتقدون الرعاية المجتمعية الكافية في ظل الوضع الاقتصادي السيء الذي يمر به القطاع .

ولفتت المغني إلى أن أطفال الداون يحتاجون لرعاية صحية ونفسية كبيرة في البدايات ،وهذا يتطلب مصاريف خارجة عن استطاعة العائلات الغزية ، بالإضافة إلى أن الجمعيات في غزة تفتقد نوعاً ما للتمويل الكامل الذي من شأنه أن يتبنى الطفل في جميع مراحل احتياجاته ،لذلك  نجد أن كثير من العائلات تضطر لأن يظل أبناءها في البيوت دون تعليم أو رعاية .