نابلس - خاص - النجاح الإخباري - لم تكن التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، خلال جولته الأخيرة الى المنطقة مفاجئة بالنسبة للمراقبين، لا سيما أنّ "رسائل الانحياز للاحتلال" التي يحملها كانت قد سبقته وفضحت إدارة البيت الأبيض، عبر التسريبات الصادرة عن بعض المسؤولين الأميركيين والعُنوان الخطة الأمريكية المعروفة إعلاميا بـ“صفقة القرن”.

مشهد مُتداخل

تعقيدات المشهد المُتداخل  تأتي في بحر من الغُموض الذي يلف اقتراب صفقة ترامب سيئة السمعة،والتي من المحتمل أن تخرج تفاصيلها "المرفوضة" الى العلن مع اسدال الستار على انتخابات "الكنيست" الإسرائيلي في وقت تزداد فيه الضغوطات ومحاولات التعبئة من قبل الإدارة الأمريكية في المنطقة للصفقة حيث  بدأت بوادر هذا التحرك المحموم على الارض بالظهور بصورة أكبر، وآخرها زيارة وزير الخارجية الامريكي بومبيو الى المنطقة.

الأردن في قلب الضغوط

وقبل أيام صرح العاهل الأردني عبدالله الثاني على صموده أمام الضّغوظات التي تتعرّض لها بلاده، وهو شخصيّاً، لتغيير موقفهم من الوصاية، والتّماشي مع “صفقة القرن”، التي يتردّد أنها وصلت بحسب ما كشفته صحفية استقصائية بريطانية،قبل أيام  لحد تبادل الأراضي، ومنح أراضٍ أردنيّة للفِلسطينيين.

الملك الأردني حذر في الوقت ذاته مما وصفه بـ “التّشويش” الذي يحصل حول موقفه من القدس، مؤكدا قبل أيام خلال حشد في محافظة الزرقاء الأردنيّة، ولآخر مرّة، أن موقفه والهاشميين ثابت من القدس، والإخوة الفلسطينيين.

في هذا الصدد يؤكد الباحث والخبير الاستراتيجي د.عامر السبايلة أن الاردن المرتبط عضوياً في ملف التسوية يشهد هو الاخر تحركات لافتة، حيث اضطر الملك الاردني للعودة سريعاً الى واشنطن في زيارة قصيرة عنوانها الابرز لقاء اركان مطبخ التسوية الامريكية.

وذكر السبايلة في تقدير موقف له أن مخاوف كبيرة بدأت تُعبر عنها أيضاً عواصم حليفة لعمان، حيث يدور الحديث عن اشارات مقلقة لابد من التعامل معها سريعاً قبل وصولها الى مرحلة لا يمكن التعاطي معها.

وردا على سؤال يتعلق بإمكانية الهروب اكثر عبر سياسة شراء الوقت ريثما ينهي ترامب سنوات حكمه أو عدم عودة نتنياهو كرئيس لحكومة الاحتلال القادمة بعد الانتخابات اشار السبايلة الى أن من الخطأ الاعتقاد ان سياسة شراء الوقت والتعويل على خروج الادارة الامريكية من البيت الابيض او عدم عودة نتنياهو لرئاسة الوزراء في "اسرائيل" يمكن ان يجنب الاردن مواجهة الواقع الاقليمي الجديد.

إقرأ ايضا: عقدة جديدة في ماكينة المجتمع الدولي وانقلاب آخر

حواضن للمشروع

وحذر السبايلة من وجود حواضن لم يسميها لإنجاز المشروع الأمريكي "صفقة القرن"،مؤكدا أن عواملا معطلة ستواجه.

وقبل أيام كشفت القناة 20 الإسرائيلية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيطلع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الأسبوع المقبل على تفاصيل (صفقة القرن) والتي أصبحت جاهزة وقفا لكل التسريبات.

وقالت القناة: إن ترامب سيلعن عن تفاصيل صفقة القرن للعالم بعد الانتخابات الإسرائيلية، إلا أنه سيطلع نتنياهو على الخطوط العريضة لهذه الصفقة خلال لقاء مقلص في واشنطن، وأن الرئيس الأمريكي معني بالتعرف على وجهة نظر نتنياهو، وسماع أية اقتراحات من أجل تطويرها.

وسبق أن أعلن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكبير مستشاريه خلال مشاركته في مؤتمر وارسو قبل نحو شهرين ، أن خطة البيت الأبيض للسلام في الشرق الأوسط من المتوقع تقديمها بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية في 9 أبريل المقبل.

عريقات يحذر

قال صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، "إننا نعيش عصر ما بعد القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية".

وأضاف في تصريحات لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية: أن "الإدارة الأمريكية تأتي الآن لتكافئ الاحتلال وجرائم الحرب، حيث بدؤوا بالقدس والآن الجولان، والخطوة التالية، قد تكون ضم الضفة الغربية لإسرائيل، والرابعة قد تكون إعلان دولة غزة تحت راية حركة حماس".

وقال عريقات: إن الإدارة الأمريكية الحالية غيّرت سياسات جذرية للإدارة السابقة، بما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحقوق الإنسان، ولكن هي في زوال.

وتابع: "لن يعترف أحد بما قامت به بشأن القدس واللاجئين والقنصلية والسفارة، ولن يعترف العالم بضم الجولان المحتل".

وأكد عريقات أن "هناك مندوباً توراتياً يسمى غرينبلات، وهناك سفير توراتي يسمى فريدمان، ووزير الخارجية الأمريكي بومبيو الذي زار حائط البراق، في مخالفة صارخة للشرعية الدولية، وبكل جُرأة يتحدثون عن سلام". 

إقرأ ايضا:الاشتباك الفلسطيني الأمريكي مستمر ويقطع الطريق على "وارسو"

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير: إن "الإدارة الأمريكية تغيّر جذرياً سياستها بشأن الصراع مع إسرائيل، وخرجت من القانون الدولي إلى زمن البلطجة، وما سيحمله الغد في هذه المنطقة، هو الفوضى والتطرف وإراقة الدماء".

وأكد عريقات، أنه "بالفعل قد تكون الخطوة المقلبلة الاعتراف بدولة غزة تحت راية حماس، وهم يخططون لذلك، وهم يريدون فصل غزة، تحت أي ظرف من الظروف، وهناك من يتساوق مع هذه الفكرة في قطاع غزة.

وشدّد على أن "الإدارة الأمريكية، تغادر مربعات القانون الدولي إلى مكافأة جرائم الحرب، هذا ما تقوم به الإدارة الأمريكية". 

وقال: "حقيقة أن غرينبلات وفريدمان أصبحا رئيسي الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء، بنيامين لنتنياهو من خلال هذه القرارات والدعوات، وبالتالي يجب على العالم أجمع أن يقول كلمته".