أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - يتسلم الدكتور محمد شتية الحكومة في ظروف بالغة التعقيد في غياب أفق سياسي وانزياح اسرائيلي نحو اليمين يتسابق أقطابه في دعاياتهم الانتخابية بالسيطرة على الضفة الغربية وأخر تصريح لرئيس الحكومة بالأمس أن هناك 22 دولة عربية ولا حاجة لدولة عربية جديدة ، وهؤلاء جميعاً هم من يتحكمون بكل امكانيات الحكومة بدء من المقاصة كما رأينا وانتهاء بتصاريح خطوط الكهرباء ورصف الشوارع ومن يتحدث عن ضم الضفة الغربية بالتأكيد فانه يزاحم الحكومة بل يسعى جاهداً لتقليص امكانياتها وصلاحياتها وحضورها الذي يصبح زائداً عن الحاجة إلا من خدمات ادارية بسيطة على بلديات أقل من حكم ذاتي يقرر فيها الاسرائيلي ليس لأنه يريد وجوداً فلسطينياً بل لأن هناك كتلة سكانية فلسطينية تحتاج اسرائيل الى وسيط خدماتي بينها وبينهم.

تتسلم الحكومة مهامها في ظل ادارة في واشنطن تمثل روح الرأسمالية وتعتبر أن العقاب المالي هو أبرز أشكال العقاب ضد المعارضين ولأن الحكومة هي امتداد للسلطة التي أعلنت موقفاً معارضاً ضد السلوك الأميركي الماضي واللاحق سواء بالقدس عاصمة لإسرائيل أو بصفقة القرن التي لم تنشر بعد منعت الادارة الأميركية وصول الأموال الأميركية للسلطة وللحكومة وأبعد من ذلك فإنها تشد على يد اسرائيل في موضوع المقاصة.

لذا وبغض النظر عن كفاءة الدكتور شتية فالأمر هنا حجم تحكم الفلسطينيين بإمكانياتهم وتلك هي نجاح أو فشل ، تقدم أم تعثر ، حكومة تعدد انجازات أم تضع أسباب العقبات التي واجهتها ، حكومة تفخر بعملها أم دائمة الشكوى وتغطية العجز بالشعارات والصمود ، وتلك لا تعني المواطن كثيراً فقد درجت العادة منذ زمن أن نغطى فشل الواقع بالصمود والرفض والتصدي.

وتلك تعيدنا الى البدايات وعلينا أن نعترف أننا تعثرنا وهذا قبل كل شيء لأن في نفي الاعتراف ما يديم الأزمة التي تستفحل ويصبح عمل الحكومات أكثر صعوبة وكل واحدة تورث التي تليها كم أكبر من الأزمات التي تسلمتها من سابقتها وتلك دوامة دخلنا بها منذ زمن ليس ذنب الحكومات والتي تكلف بمهام ادارية بإمكانيات يقررها المستوى السياسة وعلاقاته وصداقاته وخلافاته وتناقضاته تجعل من الحكومات أشبه بمن يقع عليه اللوم دون ذنب.

البدايات التي تغافلنا عنها وكنا أكثر براءة أو مكر في تجاهلها ان تعمدنا التجاهل ، أو سارت الأمور بنظام الفزعة أو بالنصيب المكتوب ،وكلتاهما لا تصلح للعمل السياسي في ظل غياب تام للفكر السياسي كما كل حالتنا الفلسطينية التي يغيب فيها كل شيء وتحضر فيها المؤسسات التي تسير بهدى أو بلا هدى في ظل مجموعة العواصف الخارجية والداخلية التي تعصف بالوضع الفلسطيني والتي زاد بلة طينها أداؤنا المتواضع وخلافاتنا غير المتواضعة.

ما تجاهلناه هو السؤال الذي باغتنا عند أول عقاب اسرائيل وحتى قبل ذلك كان على الفكر السياسي الفلسطيني أن يصوب براءة السياسيين الذين اعتقدوا أن من الممكن أن ننشئ حكماً بتحكم الاسرائيلي بإمكانياته وتلك في كل مرة نكتشفها لنعيد طرح سؤال البدايات الذي يقفز في وجوهنا مع كل حكومة مغادرة ومثيلتها قادمة ومع كل أزمة ومع كل عقاب.

يدخل الدكتور شتية وسط حالة من العقاب والفقر المالي ويتسلم حكومة غير قادرة على دفع رواتب موظفيها وربما يصل الأمر لأبعد من ذلك مع حمى الانتخابات وربما يذهب أبعد أكثر إذا ما ألقت الادارة الأميركية بخطتها التي لن يقبلها أي فلسطيني وتبدأ بعدها مرحلة جديدة من العقوبات فالسلطة وحكومتها أصلاً تسير بالدفع الذاتي في ظل فقدان مقومات اقتصاد فما بالنا عندما تصطدم باليمين القومي والديني وباليمين الأميركي الذي يفاخر رئيسه بأنه لو تنافس في الانتخابات الاسرائيلية سينتخبه 98% من الشعب الاسرائيلي.

نتابع كما كل مرة فك وتركيب حكومات ومهمات متجاهلين السؤال الأكثر تعقيداً كيف يمكن أن نستمر بالديون ونورث الحكومات اللاحقة والأجيال اللاحقة؟ ولماذا لا نفكر جدياً بالواقع البالغ القسوة والذي يجعل من كل حكومة تحمل مسئولية العجز لمن قبلها وتستمر دوامة الاتهام دون أن نجد مخرج ليس لأن الحكومات أو رؤساؤها ليسوا من أهل الكفاءة بالعكس فان الحكومات الثلاثة الأخيرة ترأسها شخصيات تكنوقراط تقريباً من خارج العمل السياسي لكن الواقع أصعب منهم بكثير.

هو السؤال نفسه حتى مع الحكومة الجديدة هل يمكن أن نستمر هكذا؟ هل يمكن أن تنجح حكومة يتحكم الاحتلال بمواردها؟ هل يمكن أن تنجح حكومة على نقيض أصلاً مع الاحتلال تلك أسئلة لا بد منها وتجاهلها كأننا نفعل ما تفعله النعامة وتلك ترحيل أزمات لأجيال القادمة لا يجوز أن تستمر هكذا ..!!!