بيروت - ميرنا حامد - النجاح الإخباري - في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت، أضحى السكان يتمنون انقطاع الكهرباء عن المخيم ليعيشوا بسلام وأمان. فبالنسبة لهم هي ليست مصدراً للنور، إنّما شبح قاتل يتربص بهم في كلِّ مكان وفي أضيق الزوايا، داخل تشققات الجدران، على الشرفات، وفي الزواريب الضيقة.

مسلسل عمره ثلاثة عقود

أزمة تمديدات الأسلاك والكابلات العشوائية في المخيم وتشابكها مع شبكة وأنابيب مياه الشرب ليست جديدة، السيّدة "أم أحمد" افتتحت مسلسل الكهرباء القاتلة في مخيم برج البراجنة، لم يكن عمرها تجاوز (36) عامًا، وضعت الضحية سلَّة الغسيل على شرفة منزلها، ومسحت بيدها حبل الغسيل المعدني قبل نشر الملابس حرصًا على نظافتها. في هذه اللحظة، مسَّتها الكهرباء التي كانت تسري في الحبل وما لبثت أن فارقت الحياة. ومنذ ذلك الوقت بدأ مسلسل الموت بذات الطريقة.

مخيم برج البراجنة لا يشبه غيره من المخيمات، شبكة الكهرباء العشوائية وما تتسببه من حوادث يومية تحصد أرواح شباب المخيم ونسائه وأطفاله. فقد سئم سكان المخيم من زيارات الوفود التي تطلع على الوضع المزري، وتغادر بوعود واهيّة.

مخيم برج البراجنة تأسس عام (1948) على أطراف مدينة بيروت بعد النكبة الفلسطينية، ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم يعاني سكانه فقراً وإهمالاً كبيرين فحاله كحال بقية مخيمات اللجوء في لبنان. وفي عام (1954)، دخلت الكهرباء للمرة الأولى إلى المخيم.

وفي حديث مع موقع "النجاح الإخباري"، أجمع بعض أهالي مخيم برج البراجنة حول عدد من الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم هذه الأزمة.

فقالت الشابة عليا الهابط: "إنَّ اللجان الشعبية الموجودة حاليًّا لا تحوي متخصصين في متابعة الأعمال اليومية بحرفية، فضلاً عن غياب الهيئات المتخصصة التي تقوم بتوزيع الكهرباء بطريقة سليمة، الأمر الذي يؤدي إلى تمديد الكهرباء عشوائياً".

أما الشاب علي الأشوح فأشار إلى "مسؤولية أهالي المخيم ودورهم في تفاقم أزمة تمديدات الكهرباء العشوائية، من خلال  التعديات على الشبكة العامة، التي هي عادة معظم سكان لبنان على اختلافهم".

وأضاف: "الخطير في الأمر أنّ أسلاك الكهرباء تتشابك مع مواسير المياه، فضلاً عن تممدها بشكل عشوائي في الهواء وعلى علو منخفض، ما يجعلها سهلة الوصول إلى الأشخاص واصطيادهم".

فيما قال الحاج أبو علي: "نتجنب المرور في بعض الطرقات خوفاً من حوادث الكهرباء، وإن اضطررنا المرور ينقطع قلبنا حتى نمر بسلام، فنحن نعيش تحت رحمة تلك الأسلاك القاتلة".

ووصفت الحاجة أم محمد مشهد الكهرباء بـ "المخيف"، مؤكّدة أنَّ "أولاد المخيم محرومون من اللعب على الأسطح وفي الأزقة التي قد تحصد أرواحهم".

الاعتماد على الجهات المانحة

موقع "النجاح الاخباري" اتصل بمسؤول اللجنة الشعبية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في مخيم برج البراجنة حسني أبو طاقة، الذي قال: "إنَّ الإمكانيات المادية في المخيم ضئيلة، ونحن نعتمد على مساعدات الجهات المانحة، ومؤخراً قدَّمت لنا السفارة اليابانية مبلغ (90) ألف دولار أمريكي، ونحن حالياً نعمل على تنظيم بعض الشبكات في حي الوزان من جهة طريق المطار".

وأضاف: "مشروع تنظيم شبكات الكهرباء في المخيم مكلف جداً، حيث نحتاج لمليون ومئة ألف دولار أمريكي لتحسين شبكات جميع أحياء المخيم".

وكشف أبو طاقة أنَّه "على مرِّ السنوات الأخيرة بلغ عدد الوفيات في المخيم جراء مشكلة الكهرباء حوالى الخمسين حالة، فضلاً عن الإصابات التي لا يعلن عنها. فمنذ بداية الشتاء توفى أربعة أشخاص بفعل الكهرباء، ولكن الحمدلله هذا الشهر لم تحصل أية حوادث من هذا النوع".

وتوجه أبو طاقة إلى القيادة الفلسطينية "بالسعي لدى الجهات المانحة لتوفير إمكانية رفع الخطر عن الناس في المخيمات".

أصوات أهالي مخيم برج البراجنة تعلو بشكل دائم مطالبة في إيجاد حلول سريعة لما يعانيه المخيم جراء أزمة الكهرباء وخطرها المميت في حال بقاء الوضع على حاله دون تدخل سريع وفاعل، فهل من مجيب؟.