د فوزي علي السمهوري - النجاح الإخباري - د. فوزي علي السمهوري

تلقى الثنائي ترامب ونتنياهو سلسلة من الضربات السياسية الموجعة التي ترقى لدرجة الهزائم.

هذه الهزائم قد تؤدي إلى تداعيات على منطقتنا العربية بشكل عام وعلى القضية الفلسطينية بشكل خاص ما يستدعي من القيادات العربية الإعداد والاستعداد للتعامل معها في حال حدوثها.
بلا شك أصيبت الغطرسة والعنجهية الترامبية النتنياهوية التي تعتمد على الترهيب والوعيد والابتزاز كإستراتيجية للتعامل مع دول العام "وحتى مع حلفائهم كدول الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال " بضربة شبه نهائية.
من الأمثلة على الهزائم التي مني بها الثنائي الرئيس الأميركي ترامب وإدارته ومجرم الحرب نتنياهو ما يلي: 
أولا: بعد ان فشل ترامب سابقا بالتهديد باستخدام القوة ضد كوريا الشمالية بهدف اجبارها على ايقاف تجاربها بتطوير قدراتها الصاروخية بعيدة المدى يفشل بتوقيع اتفاق مع كيم جونغ رئيس كوريا الشمالية كما بشر به على مدار الأشهر الماضية ذلك الاتفاق الذي يحقق أهدافه بتفكيك القدرات العسكرية لكوريا سلميا ما أفقده تسجيل هدف ذهبي على صعيد السياسة الخارجية التي استعصت أمام رؤساء اميركا السابقين وفقا لتصريحات سابقة. 
ثانيا: فشل مجرم الحرب نتنياهو بتأجيل قرار اتهامه بملفات الفساد والاحتيال إلى ما بعد الانتخابات القادمة مما تؤثر سلبا على إمكانية نجاحه بالوصول إلى رئاسة حكومة يمينية عنصرية متطرفة وبالتالي خروجه نهائيا من الساحة السياسية "مما يمكن وصفها فعليا بالضربة القاضية " 
ثالثا: فشل الثنائي بمؤتمر وارسو بانتزاع قرار يقضي بإضفاء شرعية على سياسة ترامب ومنظره نتنياهو فيما يتعلق بالأرض الفلسطينية المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967. 
رابعا: الفشل الذريع بتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني وادماجه رسميا وعلنيا مع الدول العربية والإسلامية. 
خامسا: سعي بعض الدول الأوربية الكبرى إلى اعتماد سياسة أمنية ودفاعية خاصة بعيدة عن النفوذ والهيمنة الأميركية كرد على سياسة ترامب التي انتهجها منذ توليه رئاسة اميركا .
سادسا: البيان الختامي للقمة العربية الأوربية " قمة شرم الشيخ " وما تضمنه من تأكيد على حق الشعب الفلسطيني بالحرية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وفقا للقرارات الدولية مما شكل أيضا ضربة قاصمة لترامب وانحيازه الأعمى لنتنياهو العنصري ودعمه لادامة الاحتلال خلافا لميثاق الامم المتحدة وللمواثيق والعهود الدولية وللقرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وعن مجلس الأمن على مدار سبعة عقود.
سابعا: شهادة محامي ترامب السابق واعترافاته أمام الكونغرس التي مست من مصداقية ترامب التي ستسفر عن مزيد من الضغوط والقيود على نهج ترامب وإدارته من قبل الديمقراطيين ومن جمهوريين مما قد تبدد أحلام ترامب بالترشح لدورة ثانية عام 1920. 
ثامنا: هزيمة منكرة لنتنياهو في معركة باب الرحمة في المسجد الأقصى والتي شكلت إنجازا للشعب الفلسطيني الذي انتفض موحدا وملتفا حول قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني مما ستشكل نموذجا للمقاومة الشعبية السلمية سيحتذى به مستقبلا. 
تاسعا: عزلة الموقف السياسي الاميركي الصهيوني دوليا وما قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العادية الأخيرة إلا دليل على ذلك. 
عاشرا: فشل ترامب ونتنياهو بانتزاع موافقة أردنية على:
● تعديل ديباجة المعاهدة الأردنية الإسرائيلية التي تنص على أن المعاهدة تهدف إلى ترسيخ السلام والاستقرار طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 242. 
● التنازل عن نص المعاهدة بمنح دور خاص للأردن برعاية المقدسات في القدس. 
● دعم الاستراتيجية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لعام 1967. 
● الضغط على القيادة الفلسطينية للقبول بصفعة القرن وإضفاء شرعية على قرارات ترامب. 
أما الهزيمة الكبرى فهي تلك التي لحقت بالثنائي ترامب نتنياهو متمثلة في الفشل الذريع بطرح صفقة القرن بل صفعة القرن نتيجة للموقف الاستراتيجي والشجاع للقيادة الفلسطينية برئاسة رئيس دولة فلسطين رئيس منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب السيد محمود عباس: 
■ رفض المشروع المؤامرة بالرغم من كافة اشكال الضغوط التي مورست سواء بشكل مباشر أو عبر أدوات محلية أو إقليمية. 
■ وقف كافة اشكال الاتصالات والعلاقات مع ترامب وإدارته.
■ عدم القبول بالدور الأميركي إلا من خلال مؤتمر دولي يهدف إلى إنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وفق جدول زمني محدد.
سلسلة الهزائم للثنائي ستلقي بظلالها وتداعياتها وفقا للاحتمالات التالية على أقل تقدير : 
☆ ممارسة مزيد من الضغوط على الدول العربية قبيل القمة العربية في تونس من أجل تعديل المبادرة العربية الصادرة عن قمة بيروت عام 2002 بحيث تحرر الأنظمة العربية من قيد التطبيع مع الكيان الصهيوني مشروطا بإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بخطوة تهدف إلى دعم ترامب أمام الكونغرس والرأي العام الأمريكي بقدرته على إحداث انجاز جوهري بالسياسة الخارجية بتحقيق إختراق تاريخي لصالح الكيان الصهيوني من القمة العربية وهذا مستبعد بالرغم من الضغوط الموجهة قبل جولة كوشنير وبعدها. 
☆ تصعيد عسكري صهيوني غير مسبوق سواء عبر شن حملات مداهمة عسكرية وما يرافقها من تدمير واعتقال وقتل في مدن وقرى الضفة الفلسطنية وخاصة في القدس وفي قطاع غزة عبر مصادرة الأراضي أو بناء مستوطنات جديدة أو التوسع بالقائم منها أو القيام بمزيد من إجراءات الضغوط الاقتصادية وفرض قيود على حرية التنقل وغيرها من الأفعال التي ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. 
بناء على ما تقدم فالمطلوب عربيا الاستفادة من مرحلة الضعف الذي أصاب الرئيس الأمريكي ترامب والعمل على : 
- الإعداد الجيد لإنجاح قمة تونس وما تعنيه بداية من تصفير الخلافات البينية بين الدول العربية أو تجميدها. 
- التوافق على تبني سياسة جديدة بالتعامل مع الدول الأخرى قائمة على المصالح والندية. 
- رفض الاستجابة للتهديدات الأميركية الترامبية الهادفة إلى إدارة الأزمات وابتزاز الثروات العربية المالية والطبيعية. 
- كرد على الانحياز الترامبي للكيان الصهيوني ولتعنت وتطرف وإرهاب القيادات الصهيونية ورفضها انهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية وتنفيذ القرارات الدولية واحترام ميثاق الامم المتحدة العمل على رفع سقف المطالب بحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية وحقه بتقرير المصير واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وفقا لقرار التقسيم رقم 181 وكفالة تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. 
- التوافق على بناء استراتيجية تنموية شاملة في الوطن العربي مما يعزز الأمن والاستقرار للجبهات الداخلية لكل قطر عربي .
- الوقوف سدا منيعا أمام مؤامرات التدخل في الشؤون .العربية الأقليمية والدولية 
- ربط مستوى وعمق العلاقات مع الدول بمدى موقفها من القضايا العربية عامة التي تمثل القضية الفلسطينية قلبها. 
نعم آن الأوان للانتقال من موقع ردود الأفعال إلى موقع الفاعل ليس على الساحة العربية فحسب بل على إمتداد الساحة العالمية. 
هذا ليس حلما خياليا وإنما يتطلب رؤية وإرادة سياسية عليا لتحويل الحلم إلى واقع.