نابلس - ريما كتانة - النجاح الإخباري - يقولون، رضا الناس غاية لا تدرك، فكيف إن كان الحديث يدور عن رضا المواطنين-ات عن الخدمات المقدمة من هيئات الحكم المحلي، ليس في أي بلد في العالم، بل في فلسطين حيث ترتبط خدمات رئيسية، عُضوياً وموضوعياً، بإرادة الاحتلال وممارساته العدوانية وابتزازاته، دون تعليق التقصير على مِشجبه، كوْن الخدمات المقدمة ترتبط كذلك بالعوامل والأدوات الذاتية وحسن أداء المجالس أيضاً، وبدور وزارة الحكم المحلي على أساس صلاحياتها المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الهيئات المحلية، وتجسيدها استخلاصات دورها الرقابي والمتابع والمطوِّر على أساس معاركة التجربة وهضمها جيداً عبر اختبار القانون الانتخابي ومخرجاته على أرض الواقع، باتجاه اقتراح التطويرات اللازمة ذات الصلة، ووضع أوراق السياسات بناء على التوصيات المقدمة بما فيها استيعاب المؤشرات المبنية على الاستطلاع وتوصياته.
لا شك أن إجراء استطلاع رأي المجتمع حول خدمات الهيئات المحلية من أساس النوع الاجتماعي تطورٌ هام يُحْسَب لمنتدى النوع الاجتماعي في الحكم المحلي وفي قلبه مؤسسة "مِفتاح"؛ التي أشرفت على تنفيذ الاستطلاع. يُمَثِّلُ الاستطلاع خُطوة أوَّليّة جادّة على الطريق الصحيح، نحو التلاقي مع احتياجات المجتمع واستطلاع وفحص وجهة نظرهم في جودتها وأهميتها ونواقصها من وجهة نظر النساء على وجه الخصوص، على أساس علاقات القوة الجندرية. 
فمهما اعترى اسئلة الاستبانة والعيّنة، التي بلغ عدد المشاركين 743 مُسْتطلَعا وً53% منهم من الاناث، إلا أنها خدمت الفكرة الرئيسية خلف الاستطلاع، بما تضيء نتائجها على أهمية تعزيز مشاركة النساء في الحياة العامة وفي عمليات الرقابة والمتابعة وإدماج احتياجاتهن الخاصة ومطالبهن من المجالس البلدية والقروية. 
لقد وضع الاستطلاع مهام جديدة على قائمة المتابعة، الأدوار والمسؤوليات المناطة بالجهات الرسمية صاحبة العلاقة من جهة، وحق النساء في الحصول على المعلومات الخاصة بالحكم المحلي والتشاور معهن في المطالب والاحتياجات، التعرف على الخدمات والمشاركة في عملية التخطيط الاستراتيجي ووضع الخطط من جهة أخرى، باتجاه تحسين الظروف المعيشية أولاً وانعكاسات ذلك على تفعيل قدرة النساء في عملية النهوض في البيئة المحلية وازدهارها ودعم مشاركتهن في مراكز القرار المحلي وتظهير أهميتها وفائدتها، ومزيد من التشبيك مع المؤسسات والبنى الرسمية وخاصة وزارة الحكم المحلي لعكس التوصيات ووضع مؤشراتها وأدوات قياس انجازاتها.
اعتقد البعض أن الاستطلاع الذي استهدف رصد الخدمات بعيون النساء، قد يكون قد عَكَسَ في بعض جوانبه ترفاً قياساً بأن الرجال والنساء لم يصلوا لمرحلة الاكتفاء من الخدمات والاحتياجات الأساسية، الكهرباء والماء والصرف الصحي والنظافة والمنتزهات والملاعب، ليجعل البحث في النقص والفجوات بعيون النساء نوعا من الكماليات، بينما أظهر الاستطلاع المشكلة المعرفية لدى النساء حول مسؤوليات الهيئات لتحديدها والمطالبة بها، وهو أمر موضوعي أظهر الاستطلاع فجواته عندما أظهر أن مُعدَّل رضا المواطنات عن وضوح الإجراءات المتبعة لم يتجاوز نسبة 43%، بينما بلغت مثيلتها لدى المواطنين نسبة 49%. كما أظهر الاستطلاع رضا 30.2% من المواطنات عن سرعة وآلية متابعة الشكاوى بينما أبدى 32.2% من المواطنين رضاهم عن سرعة متابعة الشكاوى، موجهة النظر إلى أننا نتحدث بشكل عام عن الشريحة الأكبر من النساء في المجتمع الفلسطيني هن من قطاع ربّات البيوت، الغارقات في الأعمال المنزلية، التي تلتصق مصالحها المعيشية مع خدمات الهيئات المحلية، الأمر الذي يتطلب من الهيئات ومن المنتدى تدخلات وأنشطة أخرى تزيد من المعرفة وتفاعل قطاع ربات البيوت مع خدمات الحكم المحلي. 
لقد نجح الاستطلاع في تظهير انخفاض رضا النساء عن جودة الخدمات عن رضا الرجال، انخفضت نسبة رضاهن في جميع أسئلة الاستبيان الذي شمل ثماني محافظات في المحافظات الشمالية ومحافظة خان يونس في قطاع غزة، بمشاركة مواطنين-ات في 29 هيئة محلية تقع في المدن الرئيسية والقرى، حيث لم تتعد نسبة الرضا العام للمجتمع رجالا ونساء معدل44.2% لصالح رضا الرجال بنسبة 44.5%. وبلغ الرضا في حده الأعلى عن خدمات الكهرباء بواقع 56% للجنسين، منخفضاً لدى النساء بمعدل رضا بلغ 56.2%. بينما بلغت أدنى نسبة للرضا عن خدمات المجاري والمراحيض العامة بواقع 25.4% للمبحوثين من الرجال و20.2% للمبحوثات.
الاستطلاعات، آلية معرفية لا بد من اللجوء الى إجرائها بين فترة وأخرى. ربما بعد التجربة الأولى لا بد أن تسبقها عملية توعية مجتمعية بالاحتياجات الجندرية وجعل العينة تمثيلية أكثر من أجل مصداقية ونتائج أعلى، بما يعتدّ بها من قبل المنتدى وتوظيفها للضغط بمخرجاتها لدى دوائر القرار خدمة لتفعيل دور النساء في تصويب الأنشطة وطبيعة المشاريع المستهدفة.
لا شك أن الاستطلاع قد استفز بعض الجهات الرسمية ذات العلاقة، لانطباع ما تولّد لديهم عبر المنتدى عن خشيته من الوقوع به، الربط بين الاستطلاع وبين تقييم عمل الهيئات، وهو ما لم يكن مستهدفاً في الاستطلاع أو مقصوداً من قبل المنتدى، لكنه استفزاز ايجابي يضيء على ما ينبغي الاهتمام والتركيز عليه.